الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عدم الظلم

9 أكتوبر 2007 23:34
الظلم فى أبسط معانيه: هو وضع الشيء في غير موضعه، والتعدي عن الحق إلى الباطل، وفيه نوع من الجور؛ إذ هو انحراف عن العدل· والظلم من أخطر الأشياء وأشدها فتكاً بالأمم والشعوب، ولا يدرك كنه الظلم إلا من عاشه، وتجرع مرارته، فمن حق المسلم على أخيه المسلم ألا يظلمه، ولا يسلبه شيئا يملكه، وقد كفل الله ذلك للمؤمنين جميعاً· أقسامه وعند البحث فى كتب الرقائق وجدت أن العلماء قسموه إلى ثلاثة أنواع: الأول: أن يظلم الناسُ الله تعالى، أو كما قال صاحب منهاج المسلم هو ظلم العبد لربه، وهو ليس ظلماً بالمعنى الذي نعرفه، وأعظمه الكفر والشرك والنفاق، ولذلك قال تعالى: (إن الشرك لظلم عظيم) (لقمان: 13)، وقال: (ألا لعنة الله على الظالمين) (هود: 18)، وقوله: (والكافرون هم الظالمون)· الثاني: ظلم بين العبد وبين الناس· وقيل هو ظلم العبد غيره، وهو المقصود فى قوله تعالى: (وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين) (الشورى:40) وقوله: (إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم) (الشورى: 42)، وهذا النوع يعلق الله توبته على صاحبه، حتى يسامحه من ظلمه، والتوبة فيه لا تكفي وإنما لابد من رد المظالم، إلا إذا كان الرد تترتب عليه مفسدة أكبر· الثالث: ظلم بين العبد وبين نفسه، وقيل هو ظلم العبد نفسه، ونراه فى قوله: (فمنهم ظالم لنفسه) (فاطر: 32)، وقوله على لسان نبيه موسى: (رب إني ظلمت نفسي) (القصص: 16)، وهو معلق برجوع العبد وتوبته ''ومن تاب تاب الله عليه''· وكل هذه الثلاثة في الحقيقة ظلم للنفس، فإن الإنسان في أول ما يهم بالظلم فقد ظلم نفسه· ولذلك قال بعض الأئمة فى قوله تعالى: (ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم) أى أنهم لما نسوا وابتعدوا عنه أنساهم قوت أنفسهم من العمل الصالح· وقال بعضهم: هانوا على الله فعصوه ولو عزوا عليه لعصمهم· هلاك للمجتمعات ومن أضرار الظلم أنه يتسبب فى هلاك المجتمعات قال تعالى: (وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا) (الكهف: 59)، وقال سبحانه: (وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين) (الزخرف: 76)، كما أنه سبب أساسى لكراهية الله لفاعله وعدم محبته قال تعالى: (والله لا يحب الظالمين) (آل عمران: 57)· وقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الظلم فقال في حديثه الشريف: ''اتقوا الظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة'' (رواه مسلم)· وعن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت لأبي سلمة بن عبد الرحمن، وكان بينه وبين الناس خصومة: يا أبا سلمة اجتنب الأرض، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ''من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين'' (رواه البخاري ومسلم)· وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''لا تُقتل نفس ظلمًا إلا كان على ابن آدم كفل -نصيب- من دمها، لأنه كان أول من سنَّ القتل'' (رواه البخاري ومسلم)· والبعد عن الظلم واهتمام المسلم بأخيه المسلم هو من تعاليم الإسلام· وفى الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانًا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى ها هنا -ويشير إلى صدره ثلاث مرات- بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه'' (رواه مسلم)· الظلم ثلاثة وقيل: إن الظلم ثلاثة: فظلم لا يُغفر، وظلم لا يُترك، وظلم مغفور لا يُطلب، فأما الظلم الذي لا يغفر فالشرك بالله، نعوذ بالله تعالى من الشرك، قال تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) (النساء: 48)، وأما الظلم الذي لا يترك، فظلم العباد بعضهم بعضًا، وأما الظلم المغفور الذي لا يطلب، فظلم العبد نفسه·ولنخش جميعا من دعوة المظلوم فهى مستجابة عند الله تعالى كما قال صلى الله عليه وسلم: ''اتقِ دعوة المظلوم، فإن دعوة المظلوم مستجابة عند الله ويقول له الله وعزتى وجلالى لأنصرنك ولو بعد حين''· ومن الأسباب التى تعين على ترك الظلم وتعالجه: تذكر تنزهه جلَّ وعلا عن الظلم، قال تعالى: (من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد) (فصلت: 46)، والنظر في سوء عاقبة الظالمين، قال تعالى: (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون) (هود: 117)، وقال: (قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون) (الأنعام: 47)، وعدم اليأس من رحمة الله، قال تعالى: (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون)، واستحضار مشهد القضاء يوم القيامة، قال تعالى: (وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون· ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون) (الزمر: 69,70)، والذكر والاستغفار، قال تعالى: (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون) (آل عمران: 135)، وكف النفس عن الظلم ورد الحقوق لأصحابها، فالتوبة النصوح هى أن يندم الإنسان بالقلب ويقلع بالجوارح، وأن يستغفر باللسان، ويسعى لإعطاء كل ذي حق حقه، فمن كانت لأخيه عنده مظلمة، من مال أو عرض، فليتحلل منه اليوم، قبل ألا يكون دينار ولا درهم إلا الحسنات والسيئات· والظلم من المعاصي التي تعجل عقوبتها في الدنيا، فهو متعد للغير، وكيف تقوم للظالم قائمة إذا ارتفعت أكف الضراعة من المظلوم، فقال الله عز وجل: ''وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين''· وما أجمل قول الشاعر: لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا فالظلم يرجع عقباه إلى الندم تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنــم
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©