الأربعاء 8 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مشاعر على الورق

مشاعر على الورق
12 ابريل 2016 00:57
أكتبُ على أثرِ غياب هذه العادة الحميدة، المفقودة منذ زمنٍ طويل، والتي يُمكن أن تعاد ولكنها واقفة على الحدود تُرِيد التبّني، أو استلطاف واشتياق أحدنا لعودتها مجدداً. فقد فتحتُ باب الحديث مع الكاتب الكويتي «خالد الشايع» بأن هل من الممكن عودة الرّسائل وحقيبة الأظرف المُقفلة؟، هل من الممكن أن نضع هذه السّرعة في نقل المشاعر جانباً ونُعيد هيبة كتابة الرسائل والانتظار أمام صناديق البريد لتلّقي بعيثة أو ظرف جديد من الأحبة، والأقرباء والأصدقاء؟، فأجابني وهو عاشقٌ مثلي لرائحة الأظرف المُقفلة والرسائل القديمة بأن هذا ما يُراود فكر كتاب الروايات ومُنتجي الأفلام، ولكن على أرضِ الواقع لا عودة. ومع اشتياقي الدائم لكتابة الرّسائل، أتت رواية الكاتب «سلطان العميمي» مُهيّجة لهذا الاشتياق باسمِها أولاً وبمحتواها ثانياً، رواية «ص. ب 1003» الحاملة لسْعَة الانتظار، والتي جعلتني بكلّ جنونٍ عقلاني أخطّ رسالةً لأحدهم قائلة: «فقدنا منذ زمنٍ لذة الانتظار، والوقوف على الأطلال بحثاً عن ظرفٍ جديد» وكنت حينها كالتي تتبنى حِقبة شهيّة من الزمن، في زمنٍ لا وقتَ به للانتظار، والمشاعر تصل في أقصى سُرعةٍ لها، مُسقطة كماً هائلاً من لُطف الكلام الذي سيكون أكثر قيمةٍ ومعنى إن أتى بعد وقت، أو أتى على مهل، ولكني أردتُ حينها كسر هذه السرعة، أردتُ أن أعطي الأوراق والوقت حقّهم، ومشاعري أيضاً أردتها أن تصل متأخرة، متأخرة ولكنها ستترك أثراً، ستترك رائحة في يد قارئها قد لا نشتمّها، وهذه الهواتف بين أيدينا، لستُ ضدّ هذا التطور وهذه السرعة، ولكن للمشاعر حق أن تكون على قيد الانتظار قليلاً، لتصل كاملة، ثقيلة ودسِمة المعنى. الرسائل نقاء من نوع آخر، وكلمات تُقرأ بخطّ اليد هي أصدق من تلك التي تُقرأ من خلف الشاشات بخطٍ وأسلوب معتاد، الخروج عن المألوف هنا حقاً ضرورةٌ وغاية. يا سادتي وسيداتي، لا سبب ولا مناسبة لكتابة الرسائل، إنما هو إكرام وحفظ لمشاعر قد تنطفئ وتُحرق إن تلقّاها قارئها مُسرعة، وعلى هذا فإن صناديق البريد تنتظر، كذلك الأوراق والأظرف المُقفلة، اتركوا هذه السرعة جانباً، وليكُن هُناك وقت للكتابة والرسائل، للحبّ والانتظار، فإن للرّسائل أثراً وبقاءً. عهود النقبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©