الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

نص الكنز

نص الكنز
8 أكتوبر 2007 21:55
بدا كل شيء مضجراً يومها·· خرجت إلى الشارع الذي لم يكن حينها أسود اللون إذ كانت تغطيه الرمال الكثيفة·· وقفت إلى باب المنزل أفكر كيف سينقضي يومي هذا·· جلت بنظري في المكان، كان بيت عمتي يبعد عنا أمتاراً قليلة، رميت بنعلي قرب سور منزلنا وهرولت نحو منزل عمتي في الجهة المقابلة، أسعدتني الرمال الناعمة وهي تلامس قدمي الصغيرتين، وصلت إلى منزل عمتي·· عاودت الجري نحو منزلنا·· أعجبني الأمر فكررته وصرت أهرول جيئة وذهاباً من منزلنا إلى منزل عمتي، وأثناء هرولتي لامست قدماي شيئاً لا يشبه الرمال؛ كان قاسياً وأكثر دفئاً؛ شيء يشبه المعدن·· شعرت بشيء من الابتهاج لاحتمال لاح لي، لكنني لم أشأ منح نفسي سعادة وهمية فأجلت الفرح حتى أتأكد· غرست كفي الصغيرة في الرمل الأبيض الحريري·· تلمست أصابعي استدارة القطعة المعدنية·· أمسكت بها·· رفعت كفي التي تباعدت أصابعها لتسمح بطرد الرمال دون إيقاع ما في قبضتي· اتسعت ابتسامتي وتدفقت السعادة من مسامات جلدي·· فتحت قبضتي لأراه مستلقياً فوق بقايا الرمال في كفي المتسخة؛ رفعت كفي ·· قربته من عيني وصرت أتأمله بمحبة؛ ( درهم ··!! ) إنه درهم، ما أعظم فرحتي ··· كان الدرهم كنزاً عظيماً لطفلة مثلي·· أمسكته بحرص شديد وركضت إلى المنزل حاملة كنزي الثمين· جمعت أخواتي الصغيرات وبنات عمي، عقدت اجتماعاً طارئاً· قلت لهن: ''لقيت درهم في الرمل·· وهذا يعني أن في هذا المكان كنز مدفون·· فـ لازم أنتو تقعدون تحفرون المكان وتطلعون الكنز'' لا أدري كيف تحولت منذ تلك اللحظة الى آمرة مطاعة بينهن! ربما لأنني امتلكت الدرهم· امتثلت الفتيات لأوامري بسرعة، وخرجن خلفي نحو المكان المنشود··· أشرت إلى الهدف·· فبدأت الأيدي الصغيرة بالحفر·· حفرن الرمال الناعمة بجد وإصرار·· حفرن كثيراً؛ استمر حفرهن من العصر حتى غروب الشمس؛ أصبحت الحفرة كبيرة نوعاً ما؛ ولكن لم يظهر الكنز كما كنت أتوقع·· الآن فقط وأثناء كتابتي لهذه المذكرات علمت أننا شوهنا الشارع حينها، لكنني وقتها لم أشعر سوى باليأس الذي يطرق أبواب نفسي، لاحظت الفتيات ذلك فحاولن إقناعي بأن الكنز موجود·· ربما أحببن فكرة البحث التي كنَ يمارسنها، فصرن يشجعنني ويطلبن مني حثهن على الاستمرار كي نحظى بالكنز المنشود·· انصعت لهن وتظاهرت بالحماس لإيجاد الكنز، صرت أدور حولهن وهن يحفرن لأبث فيهن روح التفاني والعمل، وعندما تنبهت إلى سذاجة ما يقمن به، انسحبت بهدوء لأنني كنت قد أيقنت تماماً أن خيالي لن يكون واقعاً هذه المرة· عدت إلى المنزل خلسة تاركة الباحثات عن الكنز يعملن بجد وهمة عالية، دخلت المنزل·· كانت والدتي تصلي فرض المغرب في غرفتها، ورائحة المكان تعبق بالبخور، بدا لي منزلنا حميمياً دافئاً ·· فتحت التلفزيون وجلست على الأرض أشاهد (افتح ياسمسم)، وبعد انتهاء الحلقة تذكرت الصغيرات اللواتي تركتهن يبحثن عن كنزي المزعوم·· فخرجت لأرى ماذا يفعلن، لم أرَ أياً منهن لكنني وجدت الحفرة قد ازدادت اتساعا وعمقاً، لم أبحث عنهن لحظتها فعدت إلى المنزل·· ثم علمت أن عمتي لمحتهن من نافذة منزلها المقابل لموقع الحفر فنادتهن لينلن نصيبهن الوفير من التأنيب على الحماقة التي ارتكبنها· قاصة إماراتية، والنص من رواية تحت الطبع بعنوان (أوراق ميرة الصغيرة)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©