الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

أفلاج العين.. شريان الحياة ونبع النماء والخير

أفلاج العين.. شريان الحياة ونبع النماء والخير
6 أكتوبر 2007 02:40
شكلت الأفلاج في مدينة العين منذ القدم مصدراً رئيساً من مصادر المياه العذبة، حيث لعبت دوراً مهماً في توفير المياه على مدار العام لسكان واحة العين قديماً· وهكذا اعتمدت الحياة عليها قديماً واستقر المقام حيث وجدت الأفلاج، وظلت حتى اليوم رمزا تراثيا يربط الحاضر بالماضي ويدون لهذه المنطقة تاريخها القديم وكفاح إنسانها وصموده، ومن هذه الواحة الغناء كانت انطلاقة واهتمام المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله بها ليقود ملحمة التشجير ونشر الرقعة الزراعية واتساع المساحات الخضراء· ويعني لفظ (الفلج) المتعارف عليه لدى سكان المنطقة مجاري المياه الجوفية أو أنفاق الــترشيح في صورها المتعددة، حيث يعمل ذلك المجرى المائي على توفر كميات من المياه تكفي لأعمال الري ولأغراض البلدية· وبالنظر في كيفية صناعة الأفلاج وشق طريقها عبر الواحة قديماً، تتجلى قدرة الإنسان وبراعته على إخضاع البيئة لتحقيق طموحاته في توفير المياه، حيث برع الأقدمون من أهالي المنطقة وتفننوا رغم إمكاناتهم البسيطة في إيجاد السبيل للحصول على الماء لسد حاجتهم منه ، فابتكروا الأفلاج التي برهنت على وجود حس هندسي لديهم منذ قديم الزمان· صناعة الأفلاج وصنع الفلج يبدأ بحفر الأرض لاستخراج المياه الجوفية على عمق يقـارب 24 مــــتراً ويســـمى أم الفلج ، ويتدرج الماء من هذا المجرى باتجاه سطح الأرض بشكل مائل، ثم يقوم الإنسان بعمل عدة فتحات على مجراه، تبعد الواحدة منها عن الأخرى بمقدار 60 قدما لإتاحة الفرصة لعمال الصيانة لتنظيف الفلج والكشف عن الماء · وعند ظهور الفلج على سطح الأرض يتفرع ضمن بعض السواقي التي تسمى عوامد، وهذه العوامد تتفرع بدورها إلى عوامد ثانوية مهمتها تسهيل وصول الماء إلى المزارع أو إلى المكان المحدد لها· ويبلغ طول الفلج على سطح الأرض أكثر من 10 كيلو مترات، وتزيد كمية المياه بالافلاج خلال فصل الأمطار شتاء، وينخفض ذلك المنسوب في فصل الصيف· الوصول للمياه الجوفية وقد عانى سكان العين قديماً للكشف عن مكان المياه الجوفية، كما أن اختيار المكان الأنسب لشق الفلج يحتاج لشخص مختص بذلك، خاصة وان المنطقة قديما لم تكن تمتلك سوى الأدوات البدائية التي لا تفي بالغرض وحدها· من هنا كان من الواجب إيجاد شخص يمتلك المهارة والخبرة ، كما أن عملية شق الأفلاج هي الأخرى كانت بحاجة لمجهود بدني كبير وشجاعة ومهارة فائقة لمواجهة مختلف الصعاب التي قد تعترض سير عملهم وتعرقله· ومن أهم الأدوات البدائية التي استخدمت آن ذاك هو عراف الماء وهي وسيلة للكشف عن مكان المياه الجوفية وتحديدها ومنها تشق الأفلاج طريقها· شواهد على المهارة ولأن بناء الأفلاج يتطلب مهارة هندسية وقدرة على الإبداع، في وقت لم تعرف فيه سوى الأدوات البدائية للحفر، اضافة الى أخذ المقاسات بالشكل الصحيح، فقد برهن سكان المنطقة قديما على قهر الصعاب والتغلب عليها ، وظلت الأفلاج خير برهان على ذلك· فهي لازالت قائمة لليوم لتؤكد الخبرة الهندسية التي كانت متوافرة لدى البنائين القدامى للأفلاج، فعندما تتبع ممرات أنفاقهم تحت الأرض عن طريق فتحات التوصيل وأكوام الرمل المؤدية لحدائق النخيل في العين ، ترى أن الكثير منها محفور على عمق 15 قدما تحت سطح الأرض من أجل ضمان تدفق جيد للماء من النبع على بعد أكثر من ميل· يضاف الى ذلك أنهم استخدموا أساليب فنية معقدة في أعمال التسوية والمساحة من أجل الحصول على الاتجاه الصحيح وتوفير مستوى انحدار دقيق بالممرات، وهو أمر يتطلب أن تكون درجة الانحدار بالقدر الذي يسمح بتدفق ملائم للمياه بحيث لا يكون الانحدار بدرجة كبيرة وبالتالي يندفع الماء بغزارة لأسفل الفلج ويؤدي إلى تآكل القناة وإغراق المحاصيل بالطمي· كما انهم استخدموا المطرقة والأزميل لكسر الصخر الصامت لمرور قناة الأفلاج وشق طريقها· وفي أماكن أخرى حيث الأرض غير متماسكة مع بعضها البعض، كان من الضروري قنطرة الحجرات وعقدها ثم تبطينها وتكسيتها بالحجارة من الداخل كوسيلة تدعيم وإسناد لها لمواجهة أخطار الأرض الرخوة المحيطة بها، وقد كان ذلك العمل الشاق محفوفا بالمخاطر مثل احتمال نهش الأفاعي ولدغ العقارب التي تعيش في شقوق جدران الفلج· الأفلاج والنظام الاجتماعي ولأن الفلج يمثل عصب الحياة في المنطقة التي يشق بها، كان من الضروري الحفاظ عليه، وذلك من خلال إقامة أكثر المباني أهمية كالقلاع والحصون الدفاعية بجوار قناة الفلج ، بهدف المراقبة وحماية المجتمع القبلي الصغير القائم على ذلك الفلج حفاظا على الاستقرار والهدوء· وكانت النقطة التي تبرز فيها قناة الفلج على السطح تشكل المأخذ الرئيسي لمياه الشرب، وكان من شأن ذلك ضمان توفير أنقى وأعذب المياه للناس· وبعد بئر مياه الشرب مباشرة، كان يقام مبنى المسجد، حيث يلحق به مكان من أجل الوضوء فيه ، ويلي ذلك في مكان منعزل منطقة مخصصة لاغتسال الحريم· وبعد ذلك وباتجاه مجرى المياه، كانت تقام بركة لغسل الأموات قبل دفنهم· كما توجد أماكن لشرب الحيوانات· وفى المرحلة الأخيرة يتم جر المياه عبر قنوات عديدة إلى حيث مزارع النخيل· وفى المزارع كانت توجد سلسلة معقدة من القنوات السطحية والسدود المشكلة من جذوع أشجار النخيل من أجل سحب المياه من حوض لآخر حتى تغمر كل مزرعة بالماء، على ارتفاع يصل إلى الكواحل، بموجب نظام زمني للري متعارف عليه ويتم اتباعه بكل أمانة، حيث إن لكل مزارع الحق في جريان الماء لمزرعته لفترة معينة· وفى حالة الأفلاج الكبيرة قوية التدفق كتلك الموجودة في مدينة العين كانت المدة المقررة لري حوض زراعي متوسط الحجم أقل من ساعة في العادة، وكان يدخل في تحديد طول المدة المخصصة للري عوامل عدة· أفلاج العين أهم الأفلاج الموجودة في مدينة العين حاليا هي: فلج العين، فلج الهيلي، فلج القطارة، فلج الداوودى، فلج الجاهلي، فلج الجيمي، فلج المعترض، فلج المويجعى، فلج مزيد· فلج الصاروج يسمى فلج العين بفلج الصاروج، لأنه ينبع من منطقة مراغ شرقي العين، وهو من الافلاج الكبيرة ويسير تحت الأرض ضمن قنوات كبيرة عليها عدد من الفتحات لتسهيل عملية تنظيف ومراقبة المياه، ثم تتفرع ضمن عوامد أسمنتية بعرض قدمين وارتفاع قدم لتقوم بسقاية النخيل والمزارع بمنطقة العين، وطول هذا الفلج 9 كيلومترات، ومنذ 30 سنة قام المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بزيادة طوله إلى 10 كيلومترات بعد أن كان طوله خمسة كيلو مترات فقط· فلج هيلي فلج هيلي هو أحد الأفلاج الكبيرة أيضا، وينبع من منطقة العوهة بشمال مدينة العين، ويعتبر من أعمق الأفلاج، حيث يقارب الثلاثين مترا، وتلحق به خمس فتحات غنية بالماء بالإضافة للفتحات العديدة المنتشرة على طول مسار هذا الفلج، والتي تتراوح المسافة بين الواحدة والأخرى فيها قرابة 60 قدما، تسير فيها المياه تحت الأرض مسافات كبيرة بطريقة الميل إلى أن تصل حتى سطح الأرض حيث توزع في عوامد أسمنتية حديثة الصنع لتروي النخيل والمزارع، ويبلغ طول هذا الفلج 12 كيلومترا· فلج الداوودي ينبع فلج الداوودى من منطقة شبيحات شرقي العين، وهو يغذي منطقة الداوودى ، ويبلغ طوله 7 كيلو مترات وقد قل منسوب المياه به حاليا، وبتوجيهات من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان تم حفر آبار إضافية لتغذية هذا الفلج ، تبلغ المسافه بين البئر والأخرى 6 أمتار وعلى عمق 24 مترا لكل بئر، وقطر كل منها متر واحد وتتصل هذه الآبار ببعضها البعض· فلج الجيمي ينبع من منطقة القاعة شرقي العين ويسير في قنوات تحت الأرض يظهر بعدها على سطح الأرض في منطقة الجيمى، وتجرى المياه بعدها ضمن عوامد قنوات تمر بالمزارع لتغذيتها ويبلغ طول هذا الفلج 6 كيلومترات· فلج المعترض ينبع من بيت المحابيس القديم شرقي مدينة العين ويغذى منطقة المعترض التي سميت باسمه ويبلغ طوله 6 كيلو مترات· فلج مزيد ينبع من منطقة غربي صفافة، وشرقي جبل حفيت ويعمل على سقاية منطقة مزيد، وطوله قرابة 12 كيلومترا وعمقه 24 مترا ويسير ضمن قنوات توجد بها فتحات وفى منطقة ظهوره على سطح الأرض يسير ضمن عوامد تقوم بتوزيع مياهه على مزارع النخيل فلج الجاهلي يبدأ من شرق هيلتون العين ماراً بالمربعة القديمة ويستمر حتى قلعة الجاهلي التي أطلق عليها نفس الاسم تيمنا به وهى ما زالت قائمة حتى الآن·
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©