السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لماذا الهجوم الآن؟!

4 أكتوبر 2007 01:01
الهجوم الغادر الذي قامت به قوة من جيش تحرير السودان، على قاعدة صغيرة لقوات الاتحاد الأفريقي في ''حسكنيتة'' بدارفور، يتعين النظر إليه فيما وراءه من أهداف سياسية -أولاً وقبل كل شيء- يسعى جيش تحرير السودان -وهو الفصيل المنشق عن حركة تحرير السودان الدارفورية، والرافض للالتحاق بمسيرة مفاوضات سلام دارفور- لتحقيقها· كذلك يجب النظر إلى هذا الهجوم المفاجئ الذي شنته قوة من المهاجمين -يقال إنها قاربت الألف مسلح- من حيث توقيت الغارة التي وقعت السبت الماضي، وجرت في وقت كان يتصور فيه أن الأحوال الحربية في ''دارفور'' تميل إلى التهدئة والهدوء، خاصة بعد إعلان الرئيس البشير في روما استعداده لإعلان وقف إطلاق النار قبل انعقاد المؤتمر في العاصمة الليبية في أواخر الشهر الجاري· من هذا المنطلق فإن غارة السبت الماضي على ''حسكنيتة'' التابعة للاتحاد الأفريقي، كانت رسالة مقصود بها إبلاغ من يهمهم الأمر، أن ''جيش التحرير'' وقائده وقيادته السياسية جاهزون لعرقلة أي جهود تبذلها الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لتحقيق السلام في دارفور؛ منطلقين من المطالب التعجيزية التي حاولوا فرضها في مؤتمر ''أروشا''، ولما فشلوا رفضوا التوقيع على البيان الختامي مستمرين في تصعيد موقفهم حتى الهجوم العسكري الذي يُرجى أن يكون الأخير· السؤال الذي يتبادر إلى الذهن: لماذا هذا الموقف المتصلب والمتعنت خاصة من قيادة جيش تحرير السودان السياسية؟ وما الذي ومن الذي- أيضاً- يشجعها على اتخاذ هذا الموقف الانتحاري؟ بأي حسابات سياسية تنظر إلى المستقبل؟ إن الواقع المعاش والنظر إلى تجارب الماضي وإلى رؤية المستقبل، تؤكد أن قضية دارفور التي أصبحت قضية دولية، قد وصلت إلى مرحلة لن يعود التراجع عنها مقبولاً ولا ممكناً لدى المجتمع الدولي، وبعبارة للسير ''جون هولم'' -رئيس برنامج الأمم المتحدة للطوارئ-: ''قطار السلام في دارفور الذي بدأ تحركه مع وبعد زيارة الأمين العام للسودان، لن يتوقف ولن ينتظر الراكب المتخلف عبدالواحد''· تلك حقيقة لو فات إدراكها على طرف سياسي من أطراف ''حرب دارفور المهلكة''، فإنه سيجد نفسه في نهاية الأمر معزولاً، ليس من المجتمع الدولي بل من عامة وكافة أهله ''الذين هم المتضرر الأول من استمرار حالة الصراع والقتال اللامجدي، وسيبدو من دون شك في نظر الأهل، إنما يقاتل من أجل شيء آخر غير مصلحة دارفور وأهلها! لقد وصفت الغارة العسكرية على قاعدة ''حسكنيتة'' في شمال دارفور من قبل متحدث باسم قوات الاتحاد الأفريقي، بأنها ''لا مثيل سابقا لها''، فقد خلفت عشرة قتلى من العسكريين النيجريين الذين كانوا يتولون حراسة القاعدة، ومثلهم جرحى، واعتبر ثلاثون جندياً في عداد المفقودين· وهو ما يقوي منطق وحجة الذين يريدون أن يصل عدد القوات المشتركة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة إلى قرابة الثلاثين ألفا، وأن تشمل صلاحياتها القتال دفاعاً عن النفس· كثيرة تلك الأمور التي تبدو وكأن ليس هناك منطق أو عقل يحكمها على مدار صراع دارفور الدموي والمؤسف، لكن غارة قوات جيش التحرير على قاعدة حسكنيتة وما نجم عنها من ضحايا بشرية ومادية تفوقت على كل ما سبقها، وسيكون مردود خسائرها على مرتكبيها سياسياً وعسكرياً، أكبر مما تصوروا، خاصة إذا كان هدفهم الإعلان عن ''وجـــــودهم الفــــاعل'' على ســــاحة دارفور، والقضية تسير -كما يأمل المتفائلون- نحو انعقاد مؤتمر سلام دارفور في ليبيا·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©