الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«سري للغاية»

«سري للغاية»
20 ابريل 2009 00:46
ما زلت أتذكر الموقف الذي وضعني فيه طفلي قبل خمسة عشر عاماً بشكل لا أحسد عليه وأنا أحاول أن ألملم بعض الكلمات لكي أجيبه إجابة مقنعة وبكلمات مفهومة وبلغة بسيطة يستوعبها، وهو لم يكمل - في آنها - عامين من العمر. كنا نسعى لأن يعتاد النوم في سريره الخاص منذ الصغر في غرفة أخرى تجمعه وشقيقته الصغرى. وفي ليلة، أصر على غير عادته على أن يشارك أخته -التي لم تكمل عامها الأول بعد- النوم على سريرها. ومن الطبيعي أن نخشى عليها من الضرر الذي يمكن أن يصيبها من حركته الزائدة، وحاولت أمه إثناءه عن رغبته، فازداد عناداً ورفضاً، فاستنجدت بي لإقناعه حتى لا يسبب الأذى للطفلة الصغيرة. حاولت استمالته وإقناعه بهدوء، وقلت له -بعفوية: «أنت الآن رجل، وعيب أن ينام الرجل جنباً إلى جنب مع البنات، وأنه ليكون طفلاً جميلاً، ورجلاً عاقلاً، عليه أن ينام على سريره. هنا باغتني طفلي بالسؤال الذي لم أكن أتوقعه على الإطلاق: (لماذا تنام مع ماما على سرير واحد إذن؟)»، واجتهدت في تقديم إجابة حاولت أن تكون مقنعة. تذكرت هذا الموقف وأنا أقرأ حملات الهجوم الشرسة عبر مواقع الإنترنت ضد السيدة وداد لوتاه، الموجهة الأسرية في دائرة محاكم دبي، إثر إصدارها كتاب: «سري للغاية: المعاشرة الزوجية.. أصول وآداب»، الذي يتناول أسرار الزواج والجنس وفقه المعاشرة الزوجية- إلى الحد الذي يصل إلى تكفيرها وتهديدها بالقتل من خلال اتصالات هاتفية، وقد اعتبر بعضهم الكتاب المنشور تحريضاً لزوجاتهم، ووصفها البعض عبر شبكة الإنترنت بـ«الملعونة»، واعتبروها عميلة لأميركا وإسرائيل، رغم أنها تؤكد استنادها في كتابها على ماجاء بالقرآن والسنة النبوية المطهرة. وعندما التقيت بعدد كبير من الجمهور من الجنسين للوقوف على آرائهم حول أهمية تناول الموضوع بجرأة من عدمه، كانت المفاجأة أن كل من قابلتهم دون استثناء، وافقوا بحماس، بل وتساءلوا:«لماذا المنع؟». إن الأسرة لم تعد النافذة الوحيدة التي يطل من خلالها أطفالنا على العالم ويتزودون منها بالمعرفة والثقافة، ولم يعد ممكناً في هذا الزمان أن نحجب أو نقدم للأطفال ما نريد، لا بد أن نعترف أننا أمام عصر جديد وأجيال جديدة تحتاج منا كآباء وأمهات إلى ثقافة قادرة على فهم الواقع والتعامل مع التطور الطبيعي للعصر الذي نعيش فيه بدلاً من الإمعان في التشبه بالنعام ودفن الرؤوس في الرمال! خورشيد حرفوش
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©