السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النظام السياسي الروسي.. وغشاء الغموض

النظام السياسي الروسي.. وغشاء الغموض
27 سبتمبر 2007 00:49
في الأسبوع الماضي، قام الرئيس الروسي ''فلاديمير بوتين'' بإقالة رئيس الوزراء واستبداله بـ ''فكتور زوبكوف''، أحد المسؤولين المجهولين الذين لم يسمع بهم أحد من قبل، ليصبح مرشحا محتملا لرئاسة روسيا· ومع تنامي الأسئلة عن سر هذا الاختيار، أسوق بعض الشائعات التي تروج حول الموضوع· فلأن ''زوبكوف'' رجل غير معروف يتطلع بوتين إلى تنصيبه كرئيس لروسيا المقبل، وهو الاحتمال الذي لم ينفه ''زوبكوف'' نفسه· ففي كل الأحوال مازالت الانتخابات الرئاسية التي ستعقد في شهر مارس من العام 2008 بعيدة، وهو ما يترك وقتاً كافياً لوسائل الإعلام التي يسيطر عليها الكرملين للتعريف بالمرشح الجديد والإشادة بمناقبه أمام الرأي العام الروسي (ومرد ذلك أنه بإمكان ''زوبكوف'' الاحتفاظ بالكرسي دافئاً حتى يرجع بوتين مجدداً في ،2012 ذلك أن الدستور الروسي يمنع ولاية رئاسية لفترة ثالثة على التوالي، لكنه لا يحظر الترشيح لفترة ثالثة غير متوالية)· بيد أن هناك من يذهب إلى غير ذلك، باعتبار أن ''زوبكوف'' هو فعلا رجل مهم، ليتحول حسب ''أنديرز أسلوند''، الخبير في الشؤون الروسية ''العنكبوت الذي يحرس خيوطه'' لما يعرفه من أسرار مالية تتعلق بدائرة بوتين الخاصة· لذا ترجح هذه الفرضية أن يظل ''زوبكوف'' في رئاسة الوزراء بينما ''بوتين'' -الذي سيعلن حالة طوارئ عسكرية- سيبقى في السلطة، ودليل ذلك الاحتفال الروسي الغريب بمرور 125 عاما على ولادة الرئيس الأميركي ''فرانكلين روزفيلت'' الذي ظل في السلطة لفترة ثالثة، ثم رابعة بعد أن أعلن حالة طوارئ عسكرية· غير أن هناك من يرى بأن ''زوبكوف'' لا يهم كثيرا، وبأن السبب وراء تعيينه من قبل بوتين على رأس الحكومة هو ربح الوقت لاختيار المرشح المناسب الذي سيخلفه· وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى العشرات من المرشحين بمن فيهم وزير الدفاع ''سيرجي إيفانوف'' الذي لا يترك فرصة من دون التأكيد بأن منصب الرئيس أصبح في جيبه· وبمعزل عن التخمينات حول السبب وراء تعيين ''زوبكوف'' على رأس الحكومة، فإن الوحيد الذي يحيـط بالدوافــع الحقيقيــة هـو ''بوتين'' نفسه· وكل ذلك يذهب إلى ما سبق أن أشير إليه في مرات سابقة، من أن هويــة الرئيــس المقبل لروسيــا ليست بالأهمية المتصورة؛ فبرغم الجهد والوقت اللذين تمت إضاعتهما للتعرف على المرشحين المحتملين للرئاسة، وتحليل كل ما يتعلق بمواقفهم والمزاعم حول اختيارهم بين البراجماتية أو الشوفينية، يبقى الأهم من ذلك كله، هو عملية اختيار الرئيس المقبل وطبيعتها· فإذا ما تقلد ''زوبكوف'' الرئاسة بعد حملة إعلامية مساندة، وانتخابات مزورة، فضلا عن حضور ''بوتين'' المستمر في الخلفية، فإننا سنتأكد من أن الفائز ما هو في الواقع سوى حارس لمقعد الرئاســة حتى يعــود إليه ''بوتين''· أما إذا استطاع ''زوبكوف'' أو غيره حشد تأييد حقيقي لدى الناخبين الروس وفي أوساط الكرملين سيكون علينا التعامل معه بجدية وكرئيس فعلي· لكن تضارب الآراء حول خلافة ''بوتين'' وانعدام معلومات واضحة خارج دائرة الكرملين الضيقة لا يبعث برسائل إيجابية، فمن الصعب الحديث عن دولة القانون والمؤسسات في ظل الغموض الذي يلف عملية انتقال السلطة والطريقة العشوائية التي تتم بها· وبنفس المنطق فإن طبيعة الحملة الرئاسية والظروف التي ستجري فيها ستكشف الكثير عن خبايا التفكير السياسي المعاصر في روسيا أكثر مما ستكشفه عن سيرة الفائز؛ فنحن سنعرف مثلا ما إذا كان الكرملين سيواصل تمسكه الصوري بالديمقراطية، أم أنه سيتخلى عن مسرحيته تماماً· فمن خلال رصد الخروقات التي ستطال القوانين والانتخابات، واللغة المستخدمة تجاه مرشح الكرملين وخصومه، فضلا عن المرات التي سيُسمح بها للمرشحين المختلفين بالظهور على شاشات التلفزيون، سيمكن استنتاج توجهات السياسة الروسية في المقبل من الأيام، وهو أكثر فائدة من التطرق للمبادئ السياسية للمرشحين· لعل التركيز على بعض الأمور الثانوية في شخصيات المرشحين -كما كان عليه الأمر في السابق أثناء الاتحاد السوفييتي- كفيل بتكرار نفس الأخطاء، كأن يُعتبر أمين عام للاتحاد السوفييتي موالياً للغرب بسبب بعض مواقفه السياسية، أو بعض جوانب شخصيته· فبغض النظر عن الرئيس الروسي المقبل، سواء كان ''زوبكوف''، أو ''إيفانوف''، أو ''بوتين'' فإنهم جميعاً نتاج لنظام سياسي مايزال يلف نفسه بغشاء كثيف من الغموض، وعلينا ألا ننسى ذلك· كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©