الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجيش الأميركي في العراق.. الانسحاب هدف وليس موعداً

الجيش الأميركي في العراق.. الانسحاب هدف وليس موعداً
27 سبتمبر 2007 00:47
مازالت أمامنا في العراق فرصة للتقدم إذا ما اتفق الحزبان الرئيسيان في أميركا، وتوصلا إلى رؤية مشتركة، تأخذ بعين الاعتبار أمن أميركا، ليس فقط أمن العراق، وعملا على وضع استراتيجية تولي اهتماماً بالمصالح الاستراتيجية الأميركية، وليس فقط بمصالح العراقيين· لقد خدم جنودنا وطنهم بشجاعة وتميز، لكن انخراطنا في العراق أساء إلى وضعنا الأمني ودفع بالجيش إلى نقطة الانهيار بعد أن لم يعد قادراً على مواجهــة التهديــدات الأمنيــة ســواء في الداخل، أو الخــارج· لذا ومن خـلال خدمتي العسكرية كنائب أدميرال -أحمل ثلاث نجوم- وبصفتي قائداً لحاملة الطائرات أثناء العمليات القتالية في أفغانستان والعراق، وعملي أيضا كمدير لوحدة مكافحة الإرهاب في البحرية الأميركية، تولدت لدي قناعة مفادها أن استمرار انخراطنا المفتوح واللانهائي في العراق ليس في مصلحتنا الأمنية؛ لكن إذا كان إنهاء الحرب أمراً ضرورياً، فإن ما هو ضروري أكثر، هو معرفة الطريقة التي سننهي بها تواجدنا في العراق ونضمن بها أمننا وسلامة جنودنا، هذان العنصران هما الدافع الأساسي الذي يتعين أن تنبني عليه المناقشات الحزبية في الولايات المتحدة· لو أخذنا العنصر الأول، والمتمثل في توفير الأمن لأميركا، لوجدنا أن الجيش سينهار إذا لم تبدأ عملية إعادة الانتشار قبل ربيع ،2008 فاليوم يوجد في العراق 40 بالمائة من مجموع المعدات العسكرية الأميركية، ولا توجد وحدة عسكرية في الوطن مستعدة للانتشار في مناطق أخرى إذا ما ظهرت حالة للطوارئ· أما العنصر الثاني والمرتبط بسلامة جنودنا فهو ينطوي على خطورة كبيرة بالنظر إلى الوقت الطويل الذي ستتطلبه عملية إعادة نشر القوات في العراق· ذلك أن نقل 160 ألف جندي و50 ألفا من المتعاقدين المدنيين، فضلا عن إغلاق القواعد ينطوي على تعقيدات لوجيستية عديدة، لا سيما في أوقات النزاع· ولن تقل فترة إعادة الانتشار وضمان سلامة جنودنا عن 15 إلى 24 شهرا· ولعل العملية الأهم هي إغلاق، أو تسليم القواعد العسكرية التي أقامها الجيش الأميركي في العراق، حيث يتطلب إغلاق قاعدة واحدة مائة يوم كاملة· ومن الضروري وضع الحسابات الدقيقة لتحديد عدد القواعد التي سيتم إغلاقها في وقت واحد، آخذين بعين الاعتبار أجواء الصراع التي تحيط بالعملية، لا سيما وأن مرافق استقبال المعدات العسكرية في الكويت، لتنظيفها وشحنها إلى الولايات المتحدة، لا تستطيع التعامل سوى مع لواءين، أو لواءين ونصف في المرة الواحدة، بينما توجد 40 قاعدة في العراق· المعروف أن عمليات إعادة الانتشار هي الأكثر هشاشة، وبخاصة أن هذه العملية تتم عبر طريق واحدة تنطلق من العراق وتنتهي في الكويت، هذه الهشاشة هي ما يفسر لماذا بعد حادثة إسقاط طائرة الهيلكوبتر الأميركية في الصومال عام 1993 تطلب الأمر ستة أشهر لإخراج 6300 جندي سالماً، وإرسال 19 ألف جندي لتأمين إعادة الانتشار· لكن ماذا عن استقرار العراق خلال الفترة ما بعد إعادة الانتشار، وأثر ذلك على المنطقة وأمننا؟ الواقع أنه مادمت عملية إعادة الانتشار ستأخذ وقتا طويلا، فإنه يمكن الاعتماد على مقاربة يتفق عليها الحزبان الجمهوري والديمقراطي للتعاطي مع قضية الأمن في العراق· وفي هذا الإطار يتعين على القيادة الديمقراطية التخلي عن معارضتها الشديدة للحرب، والكف عن المطالبة بانسحاب فوري، والبدء في صياغة خطة إقليمية وشاملة للأمن تعرف بضرورة إعادة الانتشار· ومن جانبهم يتعين على ''الجمهوريين'' قبول فكرة التعاطي الدبلوماسي مع إيران وسوريا خلال فترة إعادة الانتشار، فبالرغم من انخراط البلدان بصورة سلبية في العراق، حسب تقارير الاستخبارات، إلا أنه ليس من مصلحتهما استمرار الفوضى في العراق بعد مغادرتنا· لقد جادلت مراراً بأنه لا مناص من البدء في التخطيط لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق، وبأن تحديد موعد زمني لذلك سيدفع القادة العراقيين إلى تحمل مسؤولياتهم· وبعد الانسحاب يمكن لقواتنا إما العودة إلى أرض الوطن، أو الانتشار في مناطق أخرى مثل أفغانستان، حيث يهدد الإرهابيون أمن قواتنا؛ كما يمكن الاحتفاظ بقواتنا في قواعدنا الأخرى الموجودة في دول المنطقة، أو على متن حاملات الطائرات لضمان حماية المصالح الأميركية في الخليج· ولأن جيشنا يواجه خيار إعادة الانتشار الطويل، أو الانهيار، فإن ذلك كفيل بدفع الحزبين الأميركيين إلى الاتفاق على إنهاء الحرب في العراق وضمان استقراره بالعمل مع إيران وسوريا للوصول إلى هذا الهدف· لكن قبل بدء الكونجرس جهوده في إقناع الرئيس بضرورة اللجوء إلى الدبلوماسية لإبقاء العراق مستقراً بعد انسحاب قواتنا، يتعين تحديد موعد زمني للانسحاب باعتباره ''هدفا'' وليس ''موعدا نهائيا''· وبرغم إيماني العميق بضرورة تحديد ''موعد نهائي'' للانسحاب من العراق لتغيير سلوك العراقيين وجيرانهم، إلا أنه في ظل غياب توافق بين الحزبين في الكونجرس على مثل هذا الحل، فإنه لا يبقى سوى التنازل والتعامل مع الانسحاب كهدف نسعى جميعا لبلوغه من أجل إنهاء مغامرتنا الكارثية في العراق· نائب أدميرال أميركي سابق ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©