الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حقوق وواجبات تُدخِل الجنات (الصوم)

25 سبتمبر 2007 23:21
لم يفرض على المسلمين وحدهم، وإنما فرض على سائر الأمم، له شروط وأركان، فهو يطهر الجوارح والوجدان، وهو حق روحاني بين العبد وربه، وأجره لا يجازي به إلا الله تبارك وتعالى، إنه حق الصوم، وهو حق عظيم من الحقوق التي توجب الجنة للعبد· والصوم هو الإمساك عن الطعام والشراب من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ومنع الشهوتين في هذا الوقت: شهوة البطن وشهوة الفرج، وقد أكرمنا الله بهذا الركن الركين والأساس المكين، فهو ركن من أركان الإسلام، وهو تربية للنفوس وإصلاح لها، ففي قول الله تبارك وتعالى حينما يخاطبنا في قرآنه من أجل الصوم، إنه يصفنا بأجمل الصفات، فهو يصفنا بالإيمان حينما يقول في كتابه (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) (البقرة:153)· ملكة الصبر والتقوى فجاءت هذه الآيات تصف المخاطبين بأكمل خصلة، وهي خصلة الإيمان ليقبل الناس على ما يلقى إليهم من أمر هذه العبادة، ويضعوه موضع العناية والتقدير ويقدروا الشرف الذي اكتسبوه من خطاب رب العالمين· قال الحسن: إذا سمعت الله تعالى يقول يا أيها الذين آمنوا فارع لها سمعك فإما لأمر تؤمر به أو نهي تنهى عنه، كما كتب على الذين من قبلكم، والمعنى أن الله فرض عليكم الصيام مثلما فرضه على من تقدمكم من الأمم، والحكمة في التذكير بأن الصيام قد فرض على الأمم السابقة تخفيف وقعه على النفوس، لأن الصائم يمنع نفسه عن كثير من الشهوات التي اعتاد على التمتع بها، فإذا قيل له: إن هذه العبادة فرضت على أمم ممن قبلنا وأفهم السياق أنهم لم يهملوها خف عليه أمرها وأقبل على أدائها بنفس مطمئنة لعلكم تتقون، وحتى تكونوا في زمرة أهل التقوى، وذلك لأن الصيام يمنع النفس من كثير مما تنزع إليه الخواطر من خواطر السوء، ويربي فيه ملكة الصبر ويروضها إلى عمل الخير· ريان الجنة وتعالوا أحبائي ننظر إلى أجر الصوم في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ''قال الله عز وجل ''كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به'' والصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل إني صائم، والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه''، بل إن الله تبارك وتعالى خصص باباً من أبواب الجنة للصائمين وسماه الريان، أي كل من يدخل منه لا يظمأ أبداً، ونجد ذلك في الحديث المتفق عليه عن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ''إن في الجنة باباً يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم يقال أين الصائمون فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد غيرهم، فإذا أردت أن تدخل من باب الريان، فعليك بالصوم تدخل جنة الديان· ثم هل تريد أن تباعد بين وجهك وبين النيران؟ فاستمع إلى ما رواه الشيخان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً''، وهل تريد أن يغفر الله لك ذنبك، فاستمع إلى الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه''، أما من أفطر في رمضان بغير عذر ولا رخصة فلنستمع إلى جزائه فيما أخرجه البخاري والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''من أفطر يوماً من رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقضه صيام الدهر وإن صامه''، وما رواه الطبراني في الكبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: ''عرى الإسلام وقواعد الدين ثلاث: شهادة ألا إله إلا الله، والصلاة، وصوم رمضان''· تربية وجدانية والصوم عبادة روحية ورياضة بدنية، فهو عبادة روحية ،لأنه سر بين العبد وربه، فهو نوع من أنواع التربية الوجدانية والمجاهدة النفسية، ولأنه عمل في الباطن بالصبر المجرد تتخلص فيه النفس من استعباد العادة، وتتحرر فيه الروح من شراسة الغريزة، فهو قهر للشيطان عدو الله، وقهر الشهوات التي هي وسيلته، وأما من ناحية أنه رياضة فقد أثبت كثير من الأطباء ما للصوم من فوائد صحية للجسم، وأن كل إنسان يحتاج إلى الصيام وإن لم يكن مريضاً، ذلك لأن سموم الأغذية والأدوية تجتمع في الجسم وتجعله كالمريض وتثقله وتحد من نشاطه، فإذا صام خف وزنه، وتحللت هذه السموم من جسمه بعد أن كانت مجتمعة حتى يصفو صفاءً تاماً، فما أجمل الصيام إذا كان اتباعاً لأوامر الله السلام، واتباعاً لرسول الله خير الأنام· نسأل الله أن يوفقنا لطاعته على الدوام، وأن يثبتنا على هذه الحقوق وتلك الواجبات، حتى نكون في الآخرة من المنعمين في الجنات·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©