الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

برلمان المدارس..محاكاة تغرس الفكر الديموقراطي في نفوس النشء

برلمان المدارس..محاكاة تغرس الفكر الديموقراطي في نفوس النشء
15 فبراير 2014 22:04
لكبيرة التونسي (أبوظبي) - استندوا على معارفهم البسيطة، واتكأوا على جرأتهم في طرح الموضوعات ونقاشها، وبكل تفاؤل وثقة في المستقبل استهل 54 طالبا وطالبة مثلوا مختلف المراحل التعليمية في مدارس الدولة، جلستهم الإجرائية الأولى، التي حظيت باهتمام كبير من القيادات ورجال السياسة والإعلام، ليضعوا اللبنة الأولى في صرح “برلمان المدارس”، الذي سيغير خريطة طريق الثقافة السياسية لدى الأجيال القادمة، كما سينعكس على الأعضاء الصغار أنفسهم، مغنيا رصيدهم المعرفي، ومعليا ثقافتهم، إذ يهيئهم للعب دور سياسي مبني على الشفافية والديمقراطية انطلاقا من محيطهم المدرسي. تفاعل وتعلم أظهر الأعضاء خلال الجلسة الإجرائية الأولى لـ”برلمان المدارس”، التي عقدت بمقر المجلس الوطني الاتحادي بأبوظبي، والتي تمت بمشاركة 54 طالبا وطالبة مثلوا مختلف مراحل ومدارس الدولة عن ذكاء وتفاعل وسرعة في التعلم والتكيف مع معطيات جديدة عليهم تعد بالشيء الكثير مستقبلا، وقام أعضاء برلمان المدارس بأداء قسم البرلمان، وتم إقرار مشروع لائحة برلمان المدارس، وتضمن جدول أعمال الجلسة الافتتاحية الأولى انتخاب رئيس البرلمان ونائبته وهيئة مكتبه والمراقبين. كما تم انتخاب اللجان، وكان طموح الصغار كبيرا في طرح كل ما يهمهم ويؤرقهم من خلال هذه اللجان وأبدوا استعدادهم للمشاركة والتفاعل مع محيطهم المدرسي، وطرح كل القضايا التي تهم مناطقهم التعليمية بكل شفافية، عازمين على خلق جسر تواصل بين الطلاب والفاعلين السياسيين وأصحاب القرار. ورغم قلة ما يملكه الأطفال من معلومات عن البرلمان، وعن طريقة التصويت عبر صناديق الاقتراع، إلا أنهم عبروا بكل عفوية عن هذا المفهوم، بينما أكد مسؤولون أن التجربة كبيرة والخطوات المستقبلية أعمق ابتداء من التدريب، ومرورا بإطلاق صفحة إلكترونية تنقل أحداث الجلسات، وغيرها من الآليات التي ستبني جيلا سياسيا متمرسا، مدركا لقضاياه المجتمعية، وقادرا على طرحها للنقاش. إلى ذلك، قال العضو حمد محمد، من مجلس أبوظبي للتعليم، الطالب في الصف الخامس من مدرسة المستقبل “أنا الطالب الوحيد الذي اخترت لأمثل مدرستي، بسبب ذكائي كون علاماتي ممتازة، وقد فهمت أنهم يختارون الأذكياء فقط لتمثيل زملائهم”، معتبرا أن تواجده في هذه المؤسسة سيجعله يحظى بمنصب كبير في المستقبل. وعن المشاكل التي سيطرحها للنقاش، قال حمد إنه سيحاول خلق جو من التفاهم بين الطلاب والمعلمين، بحيث لا يقوم الطالب باختلاق مشاكل في الصف أو ساحة المدرسة لكي لا يتعرض للضرب والعقاب من طرف بعض المعلمين. الرجل أقوى خلال الجلسة الإجرائية الأولى لبرلمان المدارس، ترشح طلبة لرئاسة البرلمان، وكان من بين المرشحين طالبة لم تحظ إلا بصوت واحد، مع العلم أن العضوات يمثلن نصف الحضور. وحول سبب العزوف عن التصويت لفتاة لرئاسة البرلمان، قالت آمنة العامري (15 سنة)، من منطقة الشارقة التعليمية مدرسة رقية للتعليم الثانوي الصف العاشر، إنها لم تعط صوتها لزميلتها، ليس انتقاصا من قدرتها وإنما لإيمانها بقوة الرجل وقدرته على السيطرة على المواقف الصعبة. كما أكدت أن وقت الفتاة بشكل عام لا يسمح لها بالتنقل والوقوف على كل التفاصيل التي توكل إلى رئيس البرلمان. من جانب آخر، أكدت العامري، رئيسة مجلس الطالبات بمدرستها والحاصلة على جوائز عدة، أنها لا تعرف كثيرا عن هذه المؤسسة، ولا تتوافر على معلومات كافية، مبدية استعدادها للتعلم وحضور الدورات التي ستقام لتثقيف الأعضاء. وتعهدت العامري بإيصال صوت منطقتها التعليمية للبرلمان، مؤكدة أنه ستشكل حلقة وصل بين الطلاب وبين المسؤولين. ولفتت إلى أن كل منطقة تعليمية لها خصوصية، وأن المشاكل ليست موحدة فيما بينها كلها، مشيرة إلى أنها سترشح نفسها لرئاسة لجنة البيئة كونها تهتم بهذا المجال الحيوي، ولديها العديد من الأفكار التي تود طرحها ومعالجتها من خلال هذا المنبر. وعن عدم تصويتها لزميلتها، قالت دانة المطروشي (14 سنة)، منطقة عجمان التعليمية من مدرسة الزورة الإعدادية في الصف التاسع، عن قناعة تامة، إن دور الرئاسة لا ينفع للفتاة، مؤكدة بعض التحديات التي تواجه البنات بشكل عام. وتعتقد أن أهم تحد يكمن في صعوبة إدارة هذا المنصب. وتطمح المطروشي في رئاسة لجنة الصحة، موضحة أن هناك العديد من القضايا التي ترغب في طرحها ومناقشتها وتوصيلها للمسؤولين لمعالجتها، ومنها البحث عن العلاج في الخارج، مؤكدة ضرورة البحث في الأسباب الدافعة لذلك. المرشحة الوحيدة سردت قصة مشوارها الدراسي ونجاحاتها التي حققتها وتحققها من خلال الأنشطة الموازية والدور الذي تقوم به في الحرم المدرسي وخارجه، ثم رشحت نفسها لرئاسة برلمان المدارس، وتطلعت لأصوات الفرز، وانتظرت سماع اسمها ينطق به أكثر من مرة، لكن ما كان أنها حصلت على صوت واحد فقط، رغم وفرة التواجد العددي للعضوات مناصفة مع زملائهم، لم تستغرب عائشة الشحي من منطقة عجمان التعليمية مدرسة الجرف، الصف الحادي عشر الأمر، قائلة “كنت أتوقع ذلك، رغم إيماني العميق بقدراتي على الإقناع، والحوار، والمستقبل كفيل بتغير هذه النظرة”. ومن القضايا التي ترغب الشحي في مناقشتها في البرلمان “تطبيق الكتب الإلكترونية، وتقوية اللغة الإنجليزية، والاهتمام باللغة العربية، وانتقاء الجمل الجميلة المعبرة، وتجنب الأخطاء التي تتضمنها بعض الكتب والتي يقترفها بعض المعلمين”. ومن أهم المواضيع، التي تعتزم الشحي طرحها”عزوف الطلاب على التوجه للتخصصات العلمية”. وكانت عائشة العسكر الطالبة الوحيدة، التي أعطت صوتها للشحي لرئاسة المجلس، وبكل فخر قالت عائشة العسكر، من منطقة رأس الخيمة التعليمية، طالبة في الصف التاسع بمدرسة البيضاء، إنها هي التي صوتت لزميلتها، مؤكدة أن الفتاة قادرة على إحداث التغيير. وأضافت “المرأة جادة في العمل وتعطيه حقه كاملا”. عماد الوطن حاز عبدالله العامري (16 سنة) رئاسة برلمان الطفل من خلال جولتين انتخابيتين، واستطاع العامري، الطالب في الصف 11 علمي بمدرسة الرواد النموذجية بمنطقة أبوظبي التعليمية، أن يقنع الجميع. وأكد أنه عازم على نشر الوعي السياسي، متعهدا ببذل كل جهوده لإنجاح المجلس. وأضاف”رؤيتي تندرج في تأسيس جيل واع سياسيا، يمارس قيم المواطنة الصالحة، وسنحاول من خلال المجلس أن نرفع الوعي بالمسؤولية الوطنية، ونعمل على غرسها في الأطفال والشباب الذين هم عماد الوطن، وهم آباء وأمهات المستقبل ورجاله ونسائه لإعادة إنتاجها في المجتمع من جديد من خلال دورات الحياة”، مضيفا “سأعمل على إدارة هذا المنبر بكل أمانة وصدق، ودوري سيقتصر على إدارة اللجان، بحيث سأدفع كل لجنة للعمل لطرح مشاكلها وقضاياها، ومناقشتها وتاليا مخاطبة الجهات المسؤولة فيها”. وتكفل المستشار علي موسى بالمجلس الوطني بالرد على استفسارات بعض الأعضاء، وتوضيح بعض نقاط المواد التي تم التصويت عليها، والتي وصلت إلى 133 مادة، محاولا تبسيط الموضوع للصغار رغم صعوبته، لافتا إلى أن هذه الخطوة تليها خطوات أكبر تعمق ثقافة الأطفال ما ينعكس على أدائهم التعليمي. وقال “من خلال عدة أدوات موجودة في اللائحة نحاول غرس المشاركة السياسية، والانتماء السياسي، وبالتالي سيتعلم العضو المواطنة الإيجابية، وكيفية الإسهام في بناء وطنه، من خلال صياغة الأسئلة وتوجيهها حول المشكلات التي تواجه المجتمع في جميع المجالات، أو طلب الإحاطة، بحيث بإمكان المجلس استضافة المسؤولين وطرح الأسئلة عليهم مباشرة، وسنحاول كذلك تعليمهم نظام اللوائح الجاري بها العمل في البرلمانات العالمية لنرفع قدر المشاركة السياسية ليكون الأعضاء في قلب الحدث، وسيستفيد هؤلاء من دورات تدريبية متخصصة على الجلسات وسيتم التدريب أيضا على طرح الأسئلة وتقديم الاقتراحات”. تمكين سياسي أكدت الدكتورة أمل القبيسي، النائب الأول لرئيس المجلس الوطني الاتحادي، أن برلمان المدارس حلم راودها منذ زمن بعيد وتراه اليوم يتحقق، مؤكدة دوره في إعلاء الثقافة السياسية لدى هذا الجيل. وأوضحت “هذا حلم راودنا منذ بداية التحاقي بالمجلس الوطني وها هو يترجم اليوم على أرض الواقع، وبذلك استطعنا أن نضع لبنة جديدة في جدار التمكين السياسي للمواطن، ونعزز المشاركة السياسية في المجتمع من خلال هؤلاء الطلبة، وهذه البادرة تضع أسسا وطيدة للمشاركة السياسية، وتعلمهم أسس الحوار البناء”. وأكدت القبيسي أن هذه المبادرة ستخلق جسر تواصل بين وزارة التربية والتعليم والمجلس الوطني الاتحادي. وأوضحت “أعتقد أن هذه الخطوة جاءت في وقتها لتأسيس جسر التواصل بين وزارة التربية والتعليم والمجلس الوطني الاتحادي سنبني عليها أجيالا متعلمة سياسيا، تستطيع التعبير عن رأيها بحرية، وستؤدي دورها بتفاعل يحقق تطلعات القيادات الإماراتية، ويحقق التنمية الشاملة على مستويات عدة”. وشددت القبيسي على الدور المهم للمرأة في البرلمان. وقالت إن “الفرص متكافئة بين الأعضاء والعضوات”، منوهة إلى أن التميز والكفاءة يخلقان الفرق فقط وهما العامل الفاصل. وأكدت أن برلمان المدارس تمثيليته مناصفة بين الذكور والإناث. أما عن تفاوت الأعمار فقالت إن ذلك يخدم العملية التثقيفية والتعليمية، ففروق السن ستتيح الفرصة للصغار للاحتكاك بالكبار، وهذا في حد ذاته عملية تربوية، وتعليمية، وسياسية وتثقيفية نتطلع إلى نتائجها الإيجابية مستقبلا بكل تفاؤل. من جهته، أبدى الدكتور محمد المزروعي، الأمين العام للمجلس الوطني الاتحادي، إعجابه بأداء أعضاء برلمان المدارس، وتنبأ لهم بالمستقبل الواعد في العملية السياسية وكيفية إدارة دواليبها. وقال “خلال الجلسة الأولى، التي كانت إجرائية، تعامل الأعضاء بكل حرفية، ومن خلال متابعتي لأطوارها وطريقة الانتخاب، وكيفية عرض سيرهم الذاتية، وهذا ينم عن وعي الطلبة، ويعد بجيل مثقف سياسيا”. صفحة إلكترونية حول الخطوات المقبلـة، أوضـح المـزروعـي أنـه سيلي هذه الجلسة الأولى الإجرائية لبرلمان المدارس جلسات أخرى، مضيفا “سنعمل على إطلاق صفحة إلكترونية خاصة ببرلمان المدارس لنوثق أعمال البرلمان ومجريات الجلسات، خاصة أن هذا الجيل يعتمد على هذه التقنيات التي يبدي تفاعلا كبيرا معها، كما إننا نركز على تعاوننا مع وزارة التربية والتعليم، بحيث اتفقنا على أن الجلسات ستكون خلال العطل بين الفصول الدراسية لأن العملية التعليمية تأتي في الصدارة، وقبل الجلسة القادمة سنعمل على تدريب الأعضاء على السؤال، وعلى كيفية المناقشة في اللجان، وكيفية إعداد التقارير وعلى الجوانب الفنية”. وأكد المزروعي أن انعكاس العملية التعليمية والتثقيفية السياسية للمبادرة لن يقتصر على الأعضاء الـ 54 فقط، بل سيتجاوزهم إلى آبائهم وأمهاتهم وأصدقائهم وزملائهم في المدارس، وسيعملون على نشر هذه الثقافة في محيطهم، كما إنهم سيكونون قدوة لغيرهم من الأطفال الذين ستشكل لهم قبة البرلمان هدفا مستقبلا. وأوضح “سيتعلم الأعضاء أيضا مبدأ يقوم عليه البرلمان، وهو “النقاش للجميع والقرار للأغلبية” بحيث أن القرار يكون للأغلبية ولو بفارق صوت واحد، وسيتعلمون أيضا مبدأ الحوار واحترام الرأي وتقبل الرأي الآخر، وقد أثبتت التجارب أن المجتمعات المنغلقة ذات الصوت الواحد فاشلة، وهي الآن تعاني بشكل كبير. وتعليقا على عدم التصويت للفتاة برئاسة برلمان المدارس، قال المزروعي إن ذلك مرجعه القناعات الشخصية، مؤكدا أن مجتمعاتنا العربية ذكورية ولا تزال ترفض رئاسة المرأة، لافتا إلى أن الموضوع لا يتعلق بالعرب وحدهم، بل نجد ذلك في المجتمعات الأوروبية أيضا، فمعظم البرلمانات ذكورية. واستدرك “دولتنا تثق في بناتها إلى حد كبير ولكن تظل هناك قناعات مرتبطة بالأشخاص ستتغير بالتدريج بكثير من الوقت، وأعتقد أن الأمر يتعلق بالنساء أنفسهن وبضرورة النضال من أجل تغيير العقليات”. مبادرة بنّاءة عن تقييمها للتجربة، قالت نورة الكعبي، الرئيس التنفيذي في twofour54 إن “برلمان المدارس هو مبادرة بنّاءة تجاه أبنائنا الطلبة الذين هم قادة المستقبل، وهي تنبع من التوجهات الحكيمة لقيادة الإمارات بالاهتمام بالنشء الجديد ومنحه كل الفرص ومنذ نعومة أظفاره كي يتمكن من ممارسة دوره المستقبلي بجدارة”. وأضافت “إنه مصدر سعادة لي أن أرى هؤلاء الأطفال يناقشون بوعي واهتمام قضاياهم الدراسية، ويفكرون بالحلول التي تسهم في تطوير أدائهم، وتعاونهم معاً بما ينعكس إيجاباً عليهم في المدرسة والبيت والمجتمع، ويبشر الإمارات بمستقبل زاهر”. صوت المعاقين عن مشاركته في التجربة، قال زياد الحارثي، وهو طالب معاق من مدرسة المعتصم منطقة أبوظبي التعليمية، إنه تم ترشيحه إلى جانب أعضاء معاقين آخرين لنقل صوت هذه الفئة إلى قبة البرلمان، وطرح بعض القضايا التي تهم فئتهم، مؤكدا ضرورة التعاون من طرف الناس ومساعدة فئة المعاقين والتأسيس لوعي مجتمعي بهذه القضية، وتثقيف طلاب المدارس وتوعيتهم بأهمية إدماج المعاقين في مدارس عادية. وشدد زياد على ضرورة تدريب المعلمين وتمكينهم من آليات تعليم المعاقين ومن خصوصية التعامل مع المعاق. وأضاف أن اختياره لتمثيل أقرانه في قبة البرلمان جاء بناء على أخلاقه العالية، واجتهاده، وتحصيله العلمي، وسلوكه القويم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©