الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

"جرن الشاويش".. ليالي الحلمية بأسلوب شامي

"جرن الشاويش".. ليالي الحلمية بأسلوب شامي
21 سبتمبر 2007 21:53
صورة حياة تقليدية أخرى لدمشق القديمة، يرصدها مسلسل سوري بعنوان ''جرن الشاويش''، يعرض على قناة أبوظبي في ليالي رمضان الكريم· المسلسل من تأليف سلمى اللحام، وهو يرصد الحياة الاجتماعية لأهل دمشق، وحالات الفقر والتضامن الاجتماعي التي كانت سائدة بين الأسر الدمشقية في الحي الواحد، الذي يعيش متكاتفاً ومتضامناً في السراء والضراء· وتدور أحداث العمل في فترة الانتداب الفرنسي على سوريا، ليسجل سلوكيات الناس والعادات والتقاليد، ويشير إلى مقاومة الشعب للاستعمار الأجنبي· يبدأ العمل بعودة عادل من حرب ''السفر برلك'' بعد غياب دام خمس سنوات، فيحتضنه شقيقه عاشور بكل الشوق والمحبة، ويقدم له الدعم، ويزوجه برمزية التي تملأ البيت عليه أولاداً، مما يثير حفيظة سامية زوجته الأولى· ومن خلال هذه التفاصيل الاجتماعية، ندخل في قصة، لندلف إلى أخرى، فنشاهد المختار أبوعبدو يساعد الثوار، ويقدم لهم الدعم، بينما نرى شيخ الكتاب يخوض معركته الخاصة ضد المدرسة الجديدة، ونلمح أحداث الفتنة التي أثارتها سلطات الانتداب، وكيف احتواها أهل دمشق بالمحبة والتسامح والتعاضد، ودون تفرقة بين الأديان· أما حكايات العمل، فمصدرها بيت أبوأسامة ''عبد الهادي الصباغ'' المتزوج من أربع نساء، لا تشبه إحداهن الأخرى، فالأولى طيبة وحنونة، والثانية متعلمة تحاول توعية نساء الحارة، والثالثة شقية تنسج المقالب والمؤامرات· أما الرابعة فتضيع بين الثلاث· ومن هذا الرباعي تبدأ الأحداث الدرامية· الدكتور نبيل طعمة صاحب فكرة العمل يقول: إن المسلسل يصور أحياء دمشق، وهي تتضامن مع بعضها بعد الفوضى التي أحدثها دخول القوات الفرنسية لدمشق· ويتحدث عن ''جرن الشاويش''، فيقول: إن هذا الجرن موجود في سفح قاسيون شمال دمشق، وهو لا يزال على عادته مملوءاً بالخيرات، مما يفيض عن حاجة المقتدرين، فيقدمونها للجرن، ويصطف الفقراء والدراويش لأخذ حاجاتهم اليومية منه· ويروي طعمة قصة محاولات الانتداب الفرنسي لإثارة النعرات الطائفية بين أهل دمشق، حيث يرتكب بعض جنوده مجزرة في باب توما، وتحدث احتكاكات طائفية، يذهب ضحيتها عدد من المواطنين، لكن أهل دمشق يحتوون هذه المشكلة، ويفتحون بيوتهم أمام أشقائهم المسيحيين، معبرين عن التآخي والعيش الواحد، طالما أن الجميع يعبدون إلهاً واحداً هو الله عز وجل· المخرج المخضرم هشام شربتجي تصدى لإخراج هذا العمل بأسلوب مختلف، فهو يقول: إن المسلسل يتناول تفاصيل الحياة الدمشقية، وبالتالي فلا وجود لأحداث كبيرة جداً، لأن التفاصيل هي من ما تمنحه هويته، فهو عمل اجتماعي أقرب إلى الساخر، حيث نرى أهل دمشق في ظل الانتداب ومصائبه، ومع ذلك فإن البسمة لا تفارق وجوههم، والعلاقات الطيبة تجمع بينهم جميعاً· ويضيف: ما أعجبني في العمل حواره الرشيق، لأنه يذكرني بحوارات كنت أسمعها وأنا صغير، فحينما ولدت لم يكن قد مضى على المرحلة التي يتحدث عنها المسلسل كثير من الزمن، وربما هذا هو ما أغراني بإخراجه· وقد حاولت أن أضفي لمسة مختلفة من خلال اختيار مجموعة من الوجوه الجديدة على الفولكلور الشامي، لأخرج من نطاق روتينية الشخصيات، فمعظم المشاركين والمشاركات ستكون هذه مشاركتهم الأولى في مسلسل شامي· ورداً على اتهام الأعمال الشامية بأنها تقدم حياة الدمشقيين وكأنها كانت سعيدة دوماً، يرد هشام شربتجي فيقول: نعم كان هناك فقر وأزمات، وأحياناً فقر شديد، لكن أهل الشام احتالوا على الفقر، حتى أن كثيراً من المأكولات الشعبية الشامية كانت مناورة على الفقر، فالفتوش مثلاً هو بقايا الخبز والطعام، كما أن الكثير من الوجبات الشعبية استندت إلى نباتات الغوطة، حتى لم تبق نبتة في بساتين دمشق لم تستثمر في الطعام، لكن الدمشقي يجوع ويبتسم· ويذكر شربتجي أن لأجواء رمضان -كما سيلاحظ المشاهدون- حصة كبيرة في العمل، حيث نسلط الضوء على الطقوس والعادات في هذا الشهر الكريم، الذي يحتفي به الدمشقيون، ويحضرون له ما يلزم من التموين· ويؤكد المخرج أن شخصيات عمله تثير الدهشة بطيبتها وتكافلها وتعاونها، ولذلك فقد أبقى على صورة الشام بكل تفاصيل الحارة والطقوس الممتعة، وألغى الصورة التقليدية للهجة الشامية، وركز على الشخصية الديناميكية والبسيطة، وأشار إلى أن للمرأة هامشاً كبيراً في هذا العمل، وهو يعتقد أنها كانت في حالة اطمئنان وراحة أكثر مما هي في زمننا الحاضر· أبطال العمل نشاهد في ''جرن الشاويش'' فنانين وفنانات يشاركون في أعمال البيئة الشامية القديمة لأول مرة، كالفنان باسل خياط، وإياس أبوغزالة، وشكران مرتجى، ونبال الجزائري، وجهاد عبده، وليليا الأطرش، وديمة قندلفت، وقد بلغ عدد الممثلين والممثلات في هذا العمل 130 فناناً وفنانة· ويشكل الفنان عبد الهادي الصباغ عمدة المسلسل، فهو يؤدي دور ''أبومجدي''، وله أربع زوجات هن ''شكران مرتجى، وإيمان عبد العزيز، ونبال الجزائري، والفنانة أمل عرفة التي تقوم بدور البطولة''· وتقول شكران إنها سعيدة جداً لأنها المشاركة الأولى لها في مسلسل شامي، حيث إنها تقوم بدور الزوجة الثالثة المدللة التي تحب زوجها وتغار عليه· وتقوم نبال جزائري بدور الزوجة الثانية، وهي ذكية وقوية الشخصية، في حين أن إيمان عبد العزيز تجسد دور الزوجة الأولى· أما مجدي الابن البكر، فهو شخصية متمردة يجسدها وليد عبود الذي يختلف مع والديه، ويقرر الالتحاق بالفدائيين، حيث يصاب، فتعيد هذه الحادثة العلاقة بينه وبين والده إلى طبيعتها، حيث يستقر، ويتزوج، وعن دوره يقول وليد: أنا سعيد بتجربتي الشامية، لأنها علمتني الكثير مما لم أكن أعرفه عن أهل الشام رغم كوني شامياً· يجسد الفنان باسل خياط شخصية زعيم الحارة ''العكيد''، وهو معروف بكرمه وشهامته، ولهفته لتلبية كل من يطلب المساعدة، وهو يشعر بسعادة غامرة عندما يعود شقيقه عادل ''الفنان إياس أبوغزالة'' بعد غياب خمس سنوات في حرب ''السفر برلك''، فيملأ بيته بالحب والطمأنينة، ليتابع حياته الطبيعية في كنفه· ويقوم الفنان بشار زرقان بدور مدير المدرسة الحافظية، ويختلف مع شيخ الكتاب ''الفنان أحمد خليفة''، حيث يكتشف بشار قلة عدد التلاميذ في المدرسة، وحين يسأل المعلمين عن السبب يكون الجواب: إنه شيخ الكتاب، فهو يؤثر في الأهالي، ويستقطب التلاميذ· ويبدأ مدير المدرسة بمحاولة لمعالجة الأمر، لكن وقبل أن يفعل شيئاً، يقوم حدو ''الفنان عبد المنعم عمايري'' بإحراق المدرسة، لكن المدير لا يستسلم· نحن أمام مسلسل يغرقنا بتفاصيل ممتعة ومتشعبة، وسنتعرف من خلالها على شعب أصيل ومدينة عريقة، لكن لا يفوتنا أن نذكر أن هذا العمل ينسج أحداثه وتفاصيله على غرار المسلسلات المصرية العظيمة، كمسلسل ''ليالي الحلمية''، ولكن بأسلوب شامي·
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©