الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

كبريات شركات النفط تتراجع عن الاستثمار في الطاقة المتجددة

كبريات شركات النفط تتراجع عن الاستثمار في الطاقة المتجددة
18 ابريل 2009 01:18
بدأت شركات الطاقة العالمية العملاقة بالتخلي عن مشاريع إمدادات الطاقة المتجددة التي تقلل انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، ناسفة بذلك أكبر تحول طموح منذ عقود في سياسة الطاقة الأميركية• وبعد أن ظلت إدارة الرئيس باراك أوباما تطالب الولايات المتحدة الأميركية بخفض استهلاكها النفطي والعمل على زيادة إمدادات الطاقة المتجددة، باتت الشركات غير مقتنعة فيما يبدو بأن هذه السياسة ستحقق النجاح المطلوب• وذكرت شركة رويال دوتش شل في الشهر الماضي أنها ستعمد إلى تجميع استثماراتها في البحوث الخاصة بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين والتركيز عوضاً عن ذلك على الوقود الحيوي• ولقد أقدمت الشركة أصلاً على بيع معظم أعمالها التجارية الخاصة بالطاقة الشمسية بينما آثرت الانسحاب في العام الماضي من مشروع عملاق يهدف لبناء أكبر مزرعة بحرية لإنتاج طاقة الرياح بالقرب من لندن• أما بريتش بتروليوم الشركة التي ظلت ولفترة تسعة أعوام تدعي بأنها ستنتقل إلى ''ما خلف مجال البترول'' في قطاع الطاقة، عادت لتركيز جهودها مرة أخرى على البترول منذ عام 2007 متخلية بالكامل عن برنامجها الخاص بالطاقة المتجددة• بل إن شركات النفط الأميركية التي ظلت جميعاً أكثر تشككاً من نظرائهم الأوروبيين في مبادرات الطاقة المتجددة تجاهلت بوضوح جميع الرسائل الواردة من واشنطن• فقد صرح ريكس تيلرسون المدير التنفيذي لشركة اكسون موبيل قائلاً بعيد انتخاب الرئيس أوباما ''إننا لا نعارض الاتجاه إلى مصادر الطاقة البديلة وتطويرها إلا أن تعليق مستقبل الطاقة في الدولة على هذه البدائل وحدها إنما يتناقض بشدة مع واقع وحجم هذه البدائل''• وترغب الإدارة الأميركية في إنفاق مبلغ 150 مليار دولار خلال فترة العقد المقبل من أجل خلق ما يعرف بـ''مستقبل الطاقة النظيفة''• وتهدف الخطة إلى تنويع مصادر الطاقة في الدولة عبر تشجيع إنتاج المزيد من الطاقة المتجددة وتقليل استهلاك النفط إلى جانب خفض انبعاثات الكربون من الوقود الاحفوري• وسرعان ما اندفعت شركات النفط في إطلاق حملاتها الدعائية والإعلانية التي تعرب فيها عن رغبتها في تبني الأشكال الجديدة للطاقة، إلا أن استثماراتها الفعلية جاءت أقل بكثير من مستوى الطموحات• فقد ذهب معظم هذه الاستثمارات إلى المصادر البترولية التقليدية بما فيها موارد الطاقة الأكثر إنتاجاً للكربون مثل مشاريع الرمال النفطية والغاز الطبيعي المستخرج من الطبقات الطينية والصخرية، بينما ظلت الاستثمارات على الطاقة البديلة لا تمثل سوى كسر من إجمالي الإنفاق• بل أن معظم الاستثمارات التي تم إنفاقها على الطاقة البديلة توفرت من جهات وهيئات غير الشركات النفطية• فطوال فترة الخمسة عشر عاماً الماضية انفقت أكبر خمس شركات نفطية حوالى 5 مليارات دولار فقط من أجل تطوير مصادر الطاقة المتجددة وفقاً لما ذكره مايكل ايكهارت رئيس المجلس الأميركي للطاقة المتجددة المجموعة التجارية للصناعة• والمبلغ لا يمثل سوى 10 في المائة من إجمالي المبالغ التي تم ضخها في قطاع الطاقة النظيفة بمقدار 50 مليار دولار من قبل الصناديق والمؤسسات الاستثمارية أثناء تلك الفترة• ومضى ايكهارت يقول ''إن كبريات شركات النفط لا تعتبر الطاقة المتجددة أحد أهم أعمالها التجارية وإنما مجرد أعمال جانبية''• وتشير شركة شل على سبيل المثال أنها أنفقت مبلغ 1,7 مليار دولار منذ عام 2004 على مشاريع الطاقة البديلة، ولكنه رقم أقل بكثير من مبلغ الـ 87 مليار دولار الذي أنفقته في نفس الفترة على مشاريع النفط والغاز في جميع أنحاء العالم• أما هذا العام، فإن إجمالي الإنفاق الرأسمالي للشركة المحدد بمبلغ 31 مليار دولار سيذهب معظمه لتطوير الوقود الاحفوري• ويتفق التنفيذيون في الصناعة على أن مقارنة حجم الاستثمارات في مشاريع النفط والغاز مع جهود البحوث الخاصة بالطاقة المتجددة تبقى مضللة وغير عادلة• فبينما تظل الحاجة ماسة لمصادر الطاقة المتجددة إلا أن هذه الموارد ما تزال في مرحلتها المبكرة وسيظل البترول هو المصدر المهيمن على الساحة ولعقود قادمة على الأقل كما يقولون• وتشير شركة اكسون في توقعاتها الطويلة المدى إلى أن الهايدروكربون بما فيه النفط والغاز والفحم سيستمر يشكل 80 في المائة من إمدادات الطاقة العالمية حتى عام ،2050 أي بنفس النسبة الحالية• وكما يقول ديفيد ريلي المدير التنفيذي لشركة شيفرون ''إن الطاقة المتجددة أمر واقع وحتمي وستشكل جزءاً أساسياً من الاستهلاك المستقبلي• ولكنها ليست واقعية• بحيث نفترض أنها سوف تستبدل الطاقة التقليدية في وقت قريب كما يعتقد البعض''• أما شركة شيفرون فقد أنفقت مبلغاً بحوالى 3,2 مليار دولار منذ عام 2004 على ''مشاريع الطاقة المتجددة والبديلة وفي مجال ترشيد الطاقة''، كما يقول اليكساندر يلاند المتحدث الرسمي للشركة• وهي تخطط لإنفاق 2,7 مليار دولار في خلال فترة السنوات الثلاث المقبلة حتى عام 2011 على عدد من المشاريع بما فيها الأعمال التي تساعد الشركات والمؤسسات الحكومية على تحسين ترشيد استخدامات الطاقة• لكن التنفيذيين في الصناعة أشاروا من جانبهم إلى أن عملية استبدال أي جزء مقدر من الوقود الاحفوري ستستغرق عقوداً عديدة في أفضل الأحوال• وكذلك فإن مواكبة النمو في الطلب على المصادر التقليدية للطاقة سيجعل المنتجين في حاجة لاستثمار مبلغ يزيد على تريليون دولار في كل عام ابتداء من الآن وحتى عام 2030 وفقاً لتقديرات وكالة الطاقة الدولية• وتعتقد شركة شل أن إمدادات النفط التقليدية لن تصبح كافية لمقابلة النمو في الطلب العالمي على الطاقة في النصف الثاني من هذا القرن• أما جون دوتش الأستاذ في معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا ومدير الاستخبارات المركزية الأميركية فقد ذكر أن افتقاد الشركة النفطية لعدم تبنيها مشاريع الطاقة المتجددة يفتقد إلى الأسس والمنطق ما لم يصار أولاً إلى سن قوانين فيدرالية تحدد أسعار لانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون• ومتى ما يحدث ذلك، فإن الشركات ستسارع إلى وضع وتفعيل استراتيجياتها اللازمة• وقال ''لا أحد يعرف حتى الآن ما الدور الذي ستلعبه شركات النفط في المستقبل فيما يتعلق بالبدائل الخاصة للهايدركربون والوقود التقليدي''• وأضاف ''أهم ما يجب أن تفعله الحكومة أن تضع سياسات خاصة بالكربون• وإنني على ثقة من أن الشركات النفطية لن تتأخر مطلقاً في تبني هذه المبادرات''• على أن هنالك مجالاً ظلت الشركات تركز عليه بازدياد وهو يختص بتطوير الوقود السائل من المحاصيل الزراعية• فقد ذكرت شركة بريتش بتروليوم أنها تعمل على بناء مصنع في فلوريدا لانتاج الايثانول المستخرج من النباتات• وظلت شركة شل تعمل بالتعاون مع العديد من الشركات منذ العام 2002 في تطوير الايثانول من المحاصيل غير الغذائية• ولقد وقعت في العام الماضي على اتفاقيات مع ست شركات بمن فيها واحدة في البرازيل كما وعدت بالتخلي عن مشاريعها الأخرى في الطاقة المتجددة والتركيز عوضاً عن ذلك وبشكل حصري على الوقود الإحيائي• وهنالك مجالات أخرى باتت تحمل في طياتها الكثير من الفرص الواعدة للصناعة مثل التكنولوجيات الخاصة بالاستحواذ على انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون وبرامج ترشيد استخدامات الطاقة وبخاصة في قطاع النقل والمواصلات• إذ أن شركة اكسون التي طالما عرفت بأنها أكبر المترددين ضمن الشركات النفطية في الاستثمار في الطاقة البديلة أصبحت تعمل الآن في برامج طويلة المدى تستهدف تحسين ترشيد الطاقة وتقليل حجم الانبعاثات• ويبقى أن العديد من المحللين يعتقدون بأن شركات النفط ما تزال بانتظار ظهور التكنولوجيا الناجحة والمناسبة للخوض في هذا المجال• ويقول آلان شو المدير التنفيذي لشركة كوديكسيس المعنية بالتكنولوجيا الإحيائية في وادي السيليكون بالتعاون مع شركة شل ''لا تلقوا باللائمة على كبريات شركات النفط التي لم تصل بعد إلى نقطة الاندفاع في الاستثمار''• وأضاف ''لكني أعتقد أنها في فترة السنوات العشر المقبلة ستستثمر مئات أضعاف المبالغ التي أنفقتها في السنوات العشر الماضية''• عن انترناشونال هيرالد تريبيون
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©