المطلقة ترث ومطلقها محروم عند الموت في العدة

من لطائف الفقه الإسلامي قاعدة ''من استعجل الشيء قبل أوانه عُوقب بحرمانه''· ويقول الدكتور شعبان محمد اسماعيل -أستاذ أصول الفقه بجامعة ام القرى: إن هذه القاعدة من باب السياسة الشرعية في القمع وسد باب الذرائع التي تضر بالمجتمع وأفراده، ومعناها ان الشخص الذي يستعجل شيئا من الاحكام الشرعية قبل تحقق سببه وحلول وقته يعاقب بالحرمان من هذا الشيء، فيكون باستعجاله أقدم على تحصيل منفعة من المنافع بسبب محظور، فيعاقب بالحرمان من ثمرة عمله التي قصد تحصيلها بذلك السبب· وهذه القاعدة من أهم القواعد الفقهية التي تضبط تصرفات الناس وتحمي المجتمع من كل سلوك يؤدي الى الضرر بالآخرين، وقد تفرع منها الكثير من الفروع وبها كثير من اللطائف، فمثلا لو طلق الرجل زوجته في مرض الموت ثم مات وهي في العدة فإنها ترثه رداً لعمله، فإن السبب العام الذي يمنع أحد الزوجين من إرثه من الآخر هو تقدم موته، وهذا يحتمل وقوعه عليه أو عليها، فلما أراد الزوج التنصل من هذا السبب الموضوع بوجه عام والخروج من دائرة احتمال وقوعه عليه دونها وعمل على حصر عدم الإرث في جانبها بهذا السبب الخاص المحظور استعماله لمثل هذا المقصد السيئ، عوقب برد عمله هذا عليه وحرم ثمرته بتوريثها منه· كما انه لا يرثها إذا ماتت وهي في العدة إعمالا لهذه القاعدة ايضا· ويضيف الدكتور شعبان: يتفرع من هذه القاعدة ما أفتى به عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في المرأة التي يطلقها زوجها فيعقد عليها رجل آخر قبل انقضاء عدتها، بأنها تُحرم على الزوج الثاني إن دخل بها حرمة مؤبدة معاملة له بنقيض مقصوده· ومن لطائف هذه القاعدة ايضا لو قتل الوارث مورثه أو الموصى له الموصي يحرم من الميراث والوصية عملاً بهذه القاعدة لقوله صلى الله عليه وسلم: ''القاتل لا يرث''، واستثنى المقابلة من ذلك القاتل خطأ فإنه يرث·