قام البرلمان الروسي يوم الجمعة الماضي بتثبيت ''فيكتور زوبكوف'' في منصب رئاسة الوزراء، معززا بذلك الصعود الحالي لواحد من المقربين من الرئيس ''فلاديمير بوتين'' إلى مستوى الكريملين، الأمر الذي يغذي أجواء عدم اليقين بخصوص الشخصية التي ستخلف ''بوتين'' على سدة الحكم في روسيا· وفي هذا الإطار، قال ''بوتين'': هناك اليوم خمسة مرشحين رئاسيين على الأقل لانتخابات الربيع المقبل·
ثلاثة من هؤلاء المرشحين معروفون وهم: ''زوبكوف''، ونائبا رئيسي الوزراء الأولان ''سيرجي إيفانوف'' و''ميتري ميدفيديف''· أما الاسمان الآخران، فقد رفض ''بوتين'' الإفصاح عنهما إذ قال: ''حاليا يوجد خمسة أشخاص على الأقل، لديهم جميعا حظوظ حقيقية للترشح لمنصب الرئيس والنجاح في الانتخابات''، ليخلص إلى أن ''ثمة اختيارا حقيقيا'' لاختيار الرئيس الروسي المقبل·
وقد أثار الصعود المفاجئ لـ''زوبكوف''، الذي كان يشغل منصب مدير وكالة فدرالية صغيرة تحقق في الجرائم المالية، عددا من الأسئلة بشأن المتنافسين على الرئاسة، ذلك أن إشارة ''بوتين'' الضمنية إلى مرشحين آخرين تكرس -على ما يبدو- الغموض الذي يلف مسألة خلفه، وهو ما دفع بعض مراقبي الكريملين إلى التكهن من جديد بخصوص مخططاته· الواقع أن ملاحظات ''بوتين'' حول فكرة خمسة مرشحين جادين للرئاسة ورد الفعل المباشر في وسائل الإعلام الروسية عليها، إنما تعكس هيمنته على الشؤون الروسية الداخلية وطبيعة المنافسة في الانتخابات الروسية· وإذا كان بإمكان أي مرشح أن يسعى للحصول على دعم الجمهور من أجل الترشح للمنصب، فإن المحللين السياسيين والمتحدثين باسم الكريملين -على حد سواء- يرون أنه من شبه المؤكد أن أي انتخابات تُجرى العام المقبل ستتوقف على هيئة ناخبة مؤلفة من شخص واحد ألا وهو''فلاديمير بوتين''·
وحسب دبلوماسي غربي رفيع، فإن تأكيد ''بوتين'' على وجود خمسة مرشحين رئاسيين يعد -في أفضل الأحول- أمرا مضللا، إذ قال: ''إن الهدف من ذلك هو جعل الأمر يبدو كما لو أن انتخابات ستجرى''، مضيفا ''والحال أن بوتين هو من سينتقي الشخص الذي سيخلفه في النهاية''· وفي مؤشر آخر على احتمال حدوث مزيد من التعديلات الوزارية، عبر ''بوتين'' أيضا عن استيائه وامتعاضه من الحكومة التي كان يقودها حتى الآن رئيسُ الوزراء ''ميخائيل فرادكوف''، قائلا: إن بعض أعضاء الحكومة لم يعملوا بجد ومثابرة مثلما كان يتوقع، وإن بعض الوزراء بدأوا يخططون لحياتهم من الآن· غير أن ''بوتين'' كان حريصا على توضيح أن ''ميخائيل فرادكوف'' اتخذ قراره بالاستقالة بنفسه يوم الأربعاء الماضي إذ قال: ''لم أدفع رئيس الوزراء إلى القيام بهذا الأمر''، مضيفا ''من الواضح أن رئيس الوزراء أدرك الجو العام لحكومته وقدم لي الاقتراح''·
و''فيكتور زوبكوف'' الذي سيقود الحكومة خلال الأشهر المفضية إلى الانتخابات البرلمانية في ديسمبر المقبل، يشغل منصب مدير تعاونية زراعية؛ ويعد الرجل من المقربين لبوتين منذ أوائل التسعينيات على الأقل حينما كان نائبا لبوتين في بلدية ''سانت بيترسبورغ''· وفي السنوات الأخيرة تزعم ''زوبكوف'' وكالة فدرالية، وقد أشاد به بوتين ووصفه بـ''المهني الكبير والمحتشم والمتوازن والحكيم''، مضيفا ''لا يوجد فساد حوله''· وفي هذا السياق، يقول الدبلوماسي الغربي إن ''زوبكوف'' يتمتع بسمعة طيبة بخصوص محاربة غسل الأموال على صعيد دولي، وتعاونه مع المحققين في الغرب في حملات ضد تمويل الإرهاب·
لقد أشار العديد من المحللين إلى أن ''زوبكوف'' ربما يصبح رئيس روسيا المقبل، ويظل وفيا لـ''بوتين''، الأمر الذي سيسمح لهذا الأخير بالعودة إلى السلطة لاحقا، ذلك أنه ممنوع على ''بوتين'' بمقتضى الدستور الروسي الترشح لولاية رئاسية ثالثة على التوالي، ولكنه يستطيع الترشح من جديد لمنصب الرئاسة في ،2012 أو قبل ذلك، في حال كانت ولاية الرئيس المقبل مقلصة وقصيرة· والحال أن ''بوتين'' لم يقدم أي توضيحات بشأن نواياه في اجتماع الجمعة، حيث اكتفى بالقول: ''لم أقرر بعد بشكل واضح ما الذي سأفعله''، مضيفا: ''ولكن (الأكيد أنه) سيكون لي تأثير على الأحداث''·
مراسل نيويورك تايمز في موسكو
ينشر بترتيب خاص مع ''خدمة نيويورك تايمز''
عدد اليوم
