السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرمزية في القيادة

25 مارس 2008 02:11
يزعم خبراء الإعلام ومؤيدو السناتور ''باراك أوباما'' أنه المرشح الأفضل والأكثر إقناعاً عند الالتقاء المباشر به، وهذا ما حفزني على الذهاب إلى أحد مواكبه الانتخابية في مدينة ''هارتفورد'' بولاية ''كونيكتيكت'' لكي أرى بنفسي، وبالفعل خرجت وأنا على أشد قناعة بإمكان فوز ''أوباما'' بالمعركة الانتخابية الفاصلة في نوفمبر المقبل، ومن أهم ما خرجت به من ذلك اللقاء، شعور بالارتياح الداخلي، لتصالح كافة المعاني والرموز المتنازعة حول ما يعنيه تولي ''أوباما'' للمنصب الرئاسي، ولعل أشد ما يثير التفاؤل في تلك اللقاءات والمواكب، حشود الحاضرين الذين يمثلون ألوان الطيف الديموجرافي الأميركي قاطبة· وبينما كنا ننتظر بالآلاف هناك، تآلفنا واتحدنا فيما بيننا، ونحن نتحدث عن جاذبية هذا المرشح الرئاسي، وفجأة خطر إلى ذهني سؤال: هل نحن حقاً ذلك ''التحالف العظيم من أجل التغيير'' الذي تحدث عنه ''أوباما''؟ والأهم من ذلك: هل في مقدوره ترجمة كل هذا التنوع الهائل بين مؤيديه إلى سياسات متماسكة ملموسة؟ والحق أن لذلك التنوع الملفت بين الحضور أثراً كبيراً على النفس، فما أن بدأ الموكب الانتخابي بالفعل، حتى وجدت نفسي وأنا أصفق لهم وأحييهم بقدر ما صفقت لـ''أوباما'' وحييته· إن هذا الحماس الدافق، هو الذي يعطي فوز ''أوباما'' نوعاً من الإلحاح والآنية· على أن شعوراً آخر كان يضايقني إلى حد ما في ذلك الموكب، ألا وهو أن يتحول ''أوباما'' إلى نموذج أو رمز وحيد للسود الأميركيين، وكأن أمهاتنا السود لم ينجبن غيره، والذي قوّى فيّ هذا الشعور بالذات، رؤيتي لإحدى الفتيات وهي تضع وشاحاً على صدرها مكتوبا عليه عبارة ''سوبرمان أوباما''، إذ لا يصح الأخذ بـ''أوباما'' نموذجاً أوحد للسود في بلادنا، ليس ذلك فحسب، بل إنه يستحيل من الناحية العملية على ''أوباما'' أن يمثل كل شيء لجميع الأميركيين، ما أن يصل الأمر إلى حد السياسات والقضايا التي يختلف عليها المواطنون، كل حسب مصلحته ومواقفه منها، والأكثر إثارة لقلقي إزاء كل هذا، ما يعنيه فوز أو خسارة ''أوباما'' لهذه المعركة الانتخابية من زاوية العرق والعنصر في أميركا· فقد رأينا في انتخابات ولاية ''أيوا، كيف تمكن الناخبون البيض على وجه التحديد، من تجاوز ماضي بلادهم العنصري، بمنح أصواتهم لمرشح رئاسي أسود· وعندها فقد كان ذلك الفوز الكبير بمثابة رسالة مفتوحة إلى عامة الجمهور الأميركي، مفادها أن عهود العنصرية قد ولت من غير رجعة، وأن أميركا بدأت بكتابة تاريخ سياسي واجتماعي جديد لها، وعليه وفيما لو تمكن ''أوباما'' من الفوز بترشيح حزبه له أو حتى من تأمين المنصب الرئاسي، فهل يكون ذلك بمثابة ضمان قاطع على تخطي أميركا مرة واحدة وإلى الأبد لماضيها العنصري؟ في هذا السؤال تكمن في الواقع خطورة استراتيجية الحملات الانتخابية القائمة على نفي العامل العرقي، طالما أن عامل اللامساواة العرقية لا يزال يمثل عنصراً محورياً في الحياة الأميركية العامة، وفي هذه الحالة، وفيما لو تمكن مرشح أسود من طراز ''أوباما'' من مهاجمة عدم المساواة هذه، فإنه يرجح له أن يستقطب أعداداً أكبر من الناخبين البيض إلى صفه بما يضمن له الفوز في مسعاه· وبالقدر نفسه من الأهمية، فربما يواجه الناشطون السياسيون السود - والناقمون منهم خاصة على عدم المساواة العرقية هذه بين فئات وشرائح مجتمعهم الأميركي- تحديات كبيرة في التعامل مع واقع أميركا السياسي والاجتماعي في مرحلة ما بعد ''أوباما''، سواء كان الفوز في صالحه أم ضده، وعليه فإن من واجبنا إثارة السؤال حول ما يمكن أن يعنيه تحول ''أوباما'' إلى ''نمط جنيني'' جديد للنشاط السياسي الأسود، أي أنه نمط أقل حدة ونقمة على اللامساواة العرقية، وأقل اهتماماً بعامل العرق وأكثر تفاؤلاً وفصاحة وبلاغة في توجيه رسالته، إلى آخر هذه الصفات الإيجابية؟ وبينما كنت أستمع إلى حديث أوباما في ذلك الموكب الانتخابي، طالما أرقني السؤال: وماذا لو خسر المرشح الأسود؟ ألن تكون هذه الخسارة دليلاً قاطعاً على قدرة الناخبين البيض على الحديث وإبداء التعاطف المعنوي لا أكثر، في حين لا تذهب أصواتهم في نهاية الأمر، إلا لأقرانهم البيض؟ وهذا هو سؤال المستقبل الأميركي ودور العرق فيه· ميلاني تي· برايس أستاذة مساعدة لشؤون الحكم بجامعة ويلسيان ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©