السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المحاسن والمساوئ

14 سبتمبر 2007 23:35
المثل السائر في البخل: ''هو أبخل من مادر'' وهو رجل من بني هلال بن عامر بلغ من بخله أنه كان يسقي إبله فبقي في أسفل الحوض ماء قليل فسلح فيه ومدر الحوض به فسمي مادراً· وفي المثل: ''هو أبخل من أبي حباحب'' وهو رجل في الجاهلية بلغ من بخله أنه كان يسرج السراج، فإذا أراد أحد أن يأخذه منه أطفأه، فضرب به المثل· ومنهم صاحب نجيح بن سلكة اليربوعي، فإنه ذكر أن نجيحاً اليربوعي خرج يوماً يتصيد، فعرض له حمار وحش فأتبعه حتى دفعه إلى أكمة، فإذا هو برجل أعمى قاعد في أطمار، بين يديه ذهب وفضة ودر وياقوت، فدنا منه فتناول بعضها ولم يستطع أن يحرك يده حتى ألقاه، فقال: يا هذا، ما هذا الذي بين يديك؟ وكيف يستطاع أخذه؟ وهل هو لك أم لغيرك؟ فإني أعجب مما أرى أجواد أنت فتجود لنا أم بخيل فأعذرك؟ فقال الأعمى: أطلب رجلاً فقد منذ سنين وهو سعد بن خشرم بن شماس فائتني به نعطك ما تشاء، فانطلق نجيح مسرعاً قد استطير فؤاده حتى وصل إلى قومه ودخل خباءه ووضع رأسه فنام لما به من الغم لا يدري من سعد بن خشرم، فأتاه آت في منامه فقال له: يا نجيح إن سعد بن خشرم في حي بني محلم من ولد ذهل بن شيبان، فسأله عن بني محلم ثم سأل عن خشرم بن شماس فإذا هو بشيخ قاعد على باب خبائه فحياه نجيح، فرد عليه السلام، فقال له نجيح: من أنت؟ قال: أنا خشرم بن شماس· قال له: فأين ولدك سعد؟ قال: خرج من طلب نجيح اليربوعي وذلك أن آتياً أتاه في منامه فحدثه أن مالاً له في نواحي بني يربوع لا يعلم به إلا نجيح اليربوعي، فضرب نجيح فرسه ومضى وهو يقول: أيطلبني من قد عناني طلابـه فيا ليتني ألقاك سعد بن خشرم أتيت بني يربوع تبغي لقاءنـا وجئت لكي ألقاك، حي محلم فلما دنا من محلته استقبله سعد فقال له نجيح: أيها الراكب هل لقيت سعداً في بني يربوع؟ قال: أنا سعد فهل تدل على نجيح؟ قال: أنا نجيح· وحدثه بالحديث فقال: الدال على الخير كفاعله -وهو أول من قالها- فانطلقا حتى أتيا ذلك المكان فتوارى الرجل الأعمى عنهما وترك المال فأخذه سعد كله، فقال نجيح: يا سعد قاسمني، فقال له اطوعني وعن مالي كشحاً· وأتى أن يعطيه شيئاً فانتضى نجيح سيفاً، فجعل يضربه حتى برد فلما وقع قتيلاً تحول الرجل الحافظ للمال سعلاة، فأسرع في أكل سعد وعاد المال إلى مكانه فلما رأى نجيح ذلك ولى هارباً إلى قومه· قيل: وكان أبو عبس بخيلاً وكان إذا وضع الدرهم في يده نقره بإصبعه ثم يقول: كم مدينة قد دخلتها، ويد قد وقعت فيها الآن، الآن استقر بك القرار واطمأنت بك الدار، ثم يرمي به في صندوقه فيكون آخر العهد به· قيل: وكتب أرسطاطاليس إلى رجل بشيء فلم يفعل فكتب إليه: إن كنت أردت فلم تقدر فمعذور، وإن كنت قدرت ولم ترد، فسيأتيك يوم تريد فيه فلا تقدر· قيل: وكان رجل يأتي ابن المقفع فيلح عليه وسأله أن يتغدى عنده ويقول: لعلك تظن أني أتكلف لك شيئاً والله لا أقدم لك إلا ما عندي، فلما أتاه لم يجد في بيته إلا كسراً يابسة وملح جريش· وجاء سائل إلى الباب فقال له: وسع الله عليك، فلم يذهب فقال: والله لئن خرجت إليك لأدفن رأسك، فقال ابن المقفع للسائل: ويحك لو عرفت من صدق وعيده ما أعرف من صدق وعده لم تزد كلمة ولم تقم طرفة عين! قال: وكتب إبراهيم بن سيابة إلى صديق له كثير المال يستسلفه، فكتب إليه: العيال كثير والدخل قليل والمال مكذوب عليه· فكتب إليه: إن كنت كاذباً فجعلك الله صادقاً، وإن كنت صادقاً فجعلك الله معذوراً· وكتب آخر إلى آخر يصف رجلاً: أما بعد فإنك كتبت تسأل عن فلان كأنك هممت به أو حدثتك نفسك بالقدوم إليه، فلا تفعل· فإن حسن الظن به لا يقع في الوهم إلا بخذلان الله، والطمع فيما عنده لا يخطر على القلب إلا بسوء التوكل على الله، والرجاء فيما في يده لا ينبغي إلا بعد اليأس من رحمة الله· إنه يرى الإيثار الذي يرضى به التبذير الذي يعاقب عليه والاقتصاد الذي أمر به الإسراف الذي يعاقب عليه، وإن بني إسرائيل لم يستبدلوا العدس والبصل بالمن والسلوى إلا لفضل أخلاقهم وقديم علمهم وأن الصنيعة مرفوعة والصلة موضوعة، والهبة مكروهة والصدقة منحوسة والتوسع ضلالة، والجود فسوق، والسخاء من همزات الشياطين·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©