الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

انضمام موريتانيا إلى نادي الدول المنتجة للنفط

انضمام موريتانيا إلى نادي الدول المنتجة للنفط
14 سبتمبر 2007 23:04
الرابع والعشرون من فبراير 2006 سيظل يوماً تاريخياً بالنسبة للشعب الموريتاني· ففيه تحقق حلم طالما راود هذا الشعب، ألا وهو دخول نادي الدول المنتجة للنفط· في هذا اليوم المشهود، بدأ، على أرض الواقع، استخراج النفط من بئر ''شنقيط'' في عرض المحيط الأطلسي على بُعد 80 كيلومتراً إلى الجنوب الغربي من العاصمة نواكشوط· يقدّر المخزون الإجمالي لهذه البئر بمائة وعشرين مليون برميل، ويُنتظر أن يُستخرَج 75000 برميل يومياً خلال تسع أو عشر سنوات· ويتوقع الخبراء أن يدرّ هذا الإنتاج على الدولة الموريتانية عائدات تصل إلى 180 مليون دولار سنوياً على أساس معدلات أسعار النفط في الأسواق الدولية وأن يتجسّد هذا الانتعاش في ارتفاع الناتج الوطني الخام بنسبة 20 في المئة· ويقول المسؤولون في الشركة الموريتانية لتسويق المنتجات البترولية P وهي الممثل الرسمي للدولة في عملية التسويق P إن البلد سيتمكن من تصدير ما يقارب 18,4 مليون برميل تصل منها نسبة 35 في المئة إلى خزينة الدولة· هذه الطفرة النفطية ينتظر منها الموريتانيون الكثير والكثير من الرخاء ويتمنون أن لا يؤول مصيرها إلى ما آلت إليه الثروات الطبيعية الأخرى كالسمك وخامات الحديد التي تلاعب بها المتلاعبون ولم يصل منها إلى خزائن الدولة إلا النزر اليسير· وحتى هذا النزر اليسير خرج من خزائن الدولة إلى جيوب ثلة من المتمكنين أثناء حكم الأنظمة الشمولية على مدى الثلاثين سنة الماضية· لكن المواطن الموريتاني، رغم الامتعاض الناجم عن التجارب الماضية، يعلق أملاً كبيراً على مقبل الأيام عسى يكون عهد النهب والتبذير ولّى إلى غير رجعة· وربما كان هذا الأمل مبرراً بعض الشيء· فقد أنشأت الحكومة الجديدة ''صندوقاً وطنياً للعائدات النفطية'' عهد إليه، بشكل حصري، بتسيير جميع الأموال الناجمة عن مبيعات المواد البترولية وفقاً للمبادرة من أجل الشفافية في الصناعات الاستخراجية· وقد انضمت نواكشوط، في شهر سبتمبر من السنة الماضية، لهذه المبادرة الرامية إلى توخي الشفافية المطلقة في جمع وتحليل ونشر المعلومات المتعلقة بعائدات هذه الفئة من الصناعات ''المعادن، النفط، الغاز''· في السبعينات من القرن الماضي، وعلى ضوء الاكتشافات النفطية الكبرى في ليبيا والجزائر، حيث التضاريس والصحاري الشائعة تشبه مثيلاتها في موريتانيا، قامت بعض الشركات الدولية بالتنقيب في هذا البلد، واضعة خيارين لا ثالث لهما، إما العثور على مخزونات هائلة أو التخلي عن المغامرة· وقد كانت الثانية، حيث لم تظهر الأبحاث، إذ ذاك، إلا مؤشرات قليلة اعتبرت غير ذات جدوى تجارية بالنظر إلى أسعار النفط وقتها ''أقل من 10 دولارات''· لكن المستكشف الأسترالي المستقل، ''ماكس ديفييتري''، كان أكثر حظاً في منتصف التسعينات عندما وقع على وثائق الأبحاث السابقة في الأرشيف الموريتاني وقرر البحث عن الوثائق الأصلية والتي تمكن من استخراجها مقرات هذه الشركات في هيوستون ولندن وباريس· وهكذا تمت إعادة رسم الخريطة النفطية لموريتانيا وتحديد مناطق البحث· واشتمت الشركات الكبرى رائحة الخيط الجديد وأخذت تتوافد على البلد واحدة تلو الأخرى· في هذه الأثناء ارتفع سعر الذهب الأسود فانتقل من 20 إلى 30 إلى 40 دولاراً·· وأصبح التنقيب يستحق المغامرة· وكانت الأسترالية ''وود سايد'' هي الأولى في الوصول ''''1998 وهي الأكثر حظاً حتى الآن، حيث شكلت تكتلاً بقيادتها يضم شركات أخرى أقل شأناً مثل ''هاردمان HARDMAN '' و''روك أويل ROC OI''· في فجر 13 مايو ،2001 تفجّر النفط من أولى الآبار على عمق 800 متر تحت سطح الماء· وأطلق على البئر اسم ''شنقيط''، وهي مدينة أثرية شكلت، خلال حقبة طويلة من الزمن، مصدر إشعاع ديني وثقافي طال المغرب والمشرق العربيين وظلت البلاد الموريتانية تُعرَف باسمها إلى وقت قريب· وشجّع هذا الاكتشاف الاستراليين على حفر آبار تأكيدية أخرى تراوحت تكلفتها بين 10 و12 مليون دولار· وفي ديسمبر ،2003 أعلن رسميا أن بئر ''شنقيط'' قابلة للاستغلال من المنظور التجاري· تهافتت الشركات النفطية الدولية على التنقيب في البر والبحر الموريتانيين أملاً في الحصول على بعض ما حصلت عليه ''وود سايد''· ومنحت الحكومة الموريتانية رخصاً عديدة في هذا المجال لشركات استرالية وفرنسية وبريطانية وألمانية وأسبانية وصينية وإماراتية وغيرها·· وتقوم هذه الشركات بالتنقيب على مساحة تبلغ 160 ميلاً مربعاً في أعماق البحر وأخرى تصل إلى 500 كيلومتر مربع تغطي ما يُعرف بـ''حوض تاودني'' وسط البلاد· وتم اكتشاف العديد من الآبار النفطية أهمها ''شنقيط'' و''باندا'' و''تيوف'' ''أو ولاته، وهو اسم مدينة أثرية أخرى'' و''تافت'' و''ولد اعبيدنا'' يقدر إجمالي مخزونها بمئات ملايين البراميل· قبل أن تتفجّر عين النفط ويصبح حقيقة مرئية، ظلت الشكوك تراود الموريتانيين حول إمكانية تحقيق الحلم، خاصة في الآونة الأخيرة عندما شبّ النزاع بين النظام الجديد في البلد والأسترالية ''وودسايد''، سيدة الشركات الدولية المسؤولة عن عملية الاستخراج والتسويق· وهو النزاع الذي أدى كذلك إلى اعتقال وزير النفط السابق، ''زيدان ولد احميده''، وتوجيه التهمة له بارتكاب جرائم اقتصادية والمساس بالمصالح الاستراتيجية للبلد· وتتضمن هذه التهمة في طياتها الأخذ على الوزير السابق ''إعداد وتوقيع أربع ملاحق مزعومة جاءت لتغيّر، بشكل ملحوظ، عقود تقاسم الإنتاج النفطي بين موريتانيا وشركة ''وود سايد'' بالإضافة إلى شركات صغيرة أخرى تسير في فلكها''· وقد حصل إجماع غير مسبوق من الموريتانيين، على اختلاف مشاربهم، حول إدانة الشركة الأسترالية ورفض تطبيق الملاحق المذكورة· وقيل وقتها إن الوزير المعتقل نجح في توقيع هذه الملاحق من طرف الرئيس السابق ''معاوية ولد الطايع'' ووزيره الأول ''اسقير ولد امبارك'' دون عرضها على البرلمان كما تقتضي ذلك التشريعات الوطنية· وظلت الأزمة تراوح مكانها حتى توصل الطرفان، في 30 مارس الماضي، إلى حل بوساطة من دولة الإمارات العربية المتحدة تحمّلت الشركة الأسترالية بموجبه دفع 100 مليون دولار للدولة الموريتانية كتعويض عن الخسائر الناجمة عن الملاحق الأربعة· ويقضي الاتفاق كذلك بالعفو عن جميع الوقائع المرتبطة بالملف، ما أدى إلى التخلي عن ملاحقة ''ولد احميده'' وإطلاق سراحه· ويرى المراقبون للشأن الموريتاني أن هذا النزاع الذي شبّ، عند الانطلاقة، بين الشركة الاسترالية والحكومة الموريتانية سينعكس إيجاباً على مستقبل ملف الذهب الأسود في هذا البلد وطريقة تعامله مع الشركات الأجنبية التي رامت، لفترة طويلة، غبن شركائها من البلدان الأخرى المنتجة للنفط· فتصحيح النهاية مرهون بتصحيح البداية، وربُّ ضارةٍ نافعة· ' 'أورينت برس''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©