نائلة زوجة عثمان وصاحبة قميص الفتنة

نائلة بنت الفرافصة، هي إحدى زوجات أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهي آخرهن ارتباطا به، وكان لها دور كبير في اواخر حياته· وقد نشأت في قبيلة ''كلب'' التي سكنت صحراء السماوة بين الشام وجزيرة العرب، وكان دينها النصرانية، واعتنقت الاسلام هي وأخوها ''ضب'' بعد الفتوحات الاسلامية لبلاد الشام أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتزوجها عثمان وهو في الخامسة والستين من عمره، وكانت تناهز السادسة عشرة، وكان اللقاء الاول بينهما كله ود وحب امتد حتى آخر يوم من هذه العلاقة، وحاول الخليفة أن يهون عليها صلعه وكبر سنه ولكنها ردت عليه بذكاء قائلة: إنني من نساء أحب بعولتهن إليهن السادة الصلع· وعاشت نائلة في قمة السعادة مع زوجها، تكن له الحب والوفاء والطاعة حتى كانت عنده من أحب نسائه اليه، وما لبثت أن أنجبت له ثلاث بنات هن أم خالد وأروى وام أبان· وعاينت نائلة مشهد مقتل عثمان عندما تسور القتلة جدار داره ودخلوا عليه وهو جالس يقرأ في المصحف وأمامه زوجته المحبة نائلة، وجاءت الساعة الرهيبة والرجال في ايديهم السيوف ويتجهون الى الخليفة، فتصرخ نائلة وتنشر شعرها لعلهم يستحييون فيرجعون، ويناديها عثمان: خذي خمارك فلعمري لدخولهم عليَّ لا يساوي حرمة شعرك· وينكب القتلة على الخليفة، وتسرع نائلة تدفعهم عنه وترمي نفسها عليه تفديه بروحها، فيصيبها أحدهم بسيفه ويقطع أصابعها· واستشهد عثمان يوم الجمعة 18 من ذي الحجة عام 35 للهجرة· وفي ليلة السبت اجتمع عند نائلة رجال ليقوموا بدفن الخليفة وقد رافقتهم حتى مكان القبر، ودخلت القبر ومعها زوجة اخرى لعثمان هي أم البنين بنت عيدنة بن حصن، وعادت بعد أن تركت حبيبها وكان ذلك في جوف الليل· وفي الصباح خرجت نائلة الى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وأرادت أن تلقي للناس خطبة، حاولت خلالها أن تحث الناس على القصاص من قتلة عثمان، إلا أنها لم تجد رد فعل، فانصرفت باكية وتفرق الناس مع انصرافها، فقررت أن تشرك معاوية بن أبي سفيان أمير الشام في ذلك الوقت في الأمر، فكتبت اليه كتابا فيه تفاصيل الحادث المروع، وبعثت به مع النعمان بن بشير، ومع الكتاب قميص عثمان الذي قتل فيه ممزقا وملطخا بالدم كذلك وضعت في زر القميص خصلة من شعر ذقنه التي نتفوها عند قتله، كذلك أصبعين من أصابعها المقطوعة مع شيء من الكف ونصف الإبهام، وطلبت من معاوية أن يكون حكما بينها وبين قتلة عثمان، وبعد أن وصل الكتاب الشام وتسلمه معاوية استجاب لطلبها وعاد الى المدينة للقصاص من قتلة الخليفة، وكان هذا بداية أحداث الفتنة الكبرى والقتال بين علي ومعاوية وهو ما لم تكن تتوقعه نائلة ولهذا اعتزلت الناس· وعاشت نائلة بعيداً عن الأعين، لكن بطولتها لم تغب عن رجال قدروها، فكانت تخطب فتأبى وتقول: والله لا يقعد مني رجل مقعد عثمان أبدا· ولعل أبرز من خطبها معاوية بن أبي سفيان ولكنها رفضت مع انه كان أميرا للمؤمنين، واختارت أن تعيش محجوبة عن الأعين وانشغلت بتربية بناتها حتى تزوجن جميعا، فتزوجت أم خالد من عبدالله بن خالد بن أسيد بن أبي العاص، وتزوجت أروى من خالد بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط، وتزوجت أم أبان من مروان بن الحكم، ثم ماتت نائلة دون أن يدري أحد متى ماتت·