الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإسكندرية... حورية بين شَطّين ومَيَّة

الإسكندرية... حورية بين شَطّين ومَيَّة
8 سبتمبر 2007 23:35
من يشرب من ماء النيل مرة لا بد أن يعود إليه، وهذه المقولة تنطبق على مدينة الإسكندرية أكثر، فهي عروس البحر المتوسط ولؤلؤته البراقة وقنديله المضيء·· هذه البقعة التي زرتها قبل 15 عاماً وظل الحنين يغالبني إليها حتى سنحت لي فرصة زيارتها مرة أخرى، فهالني مدى التطور السياحي الهائل الذي شهدته هذه المدينة الساحلية المنفتحة بكل الحب على زوارها لتقدم لهم بسخاء كل مقومات السحر والجاذبية التي لا تمتلكها الكثير من العواصم السياحية في العالم· لذلك ليس غريباً أن تعتبر الوجهة السياحية رقم واحد بالنسبة للسياح الخليجيين والعرب الذين تعتمد عليهم المدينة بالدرجة الأولى· شيد الإسكندرية المهندس اليوناني ''ديمقراطيس'' على موقع قرية صيد بأمر الإسكندر الأكبر فخلدت اسمه، وفاق ازدهارها كل التوقعات· كما اشتهرت كعاصمة لـ ''البطالمة'' بآثارها العظيمة وشهدت أحداث القصة التاريخية المثيرة التى كان أبطالها ''كيلوباترا ويوليوس قيصر ومارك انطونيو''· وهي اليوم مدينة فسيفسائية تتعايش فيها جميع الطبقات والشرائح الاجتماعية والدينية، في مزيج نادر جعلها مدينة فريدة بين مدن مصر، إذ تتميز بعمران قديم وأحياء ضيقة يجسد كل منها حقبة تاريخية لتسكنها جالية معينة، إلا أنها تعتبر في الوقت ذاته مصيفاً مميزاً للمصرين بالدرجة الأولى والخليجيين العرب بالدرجة الثانية، لتتحول المدينة الهادئة وغير المكتظة بالناس منذ شهر يوليو حتى آخر موسم الصيف لمدينة أخرى يسودها الضجيج والزحام· وعلى الرغم من ذلك تظل المدينة متمتعة برونقها الخاص، فهي ثاني أكبر مدينة في مصر وتضم الميناء الرئيسي في البلاد، وتمتد 140 كليومتراً على ساحل المتوسط، من خليج أبي قير شرقاً حتى منطقة العلمين وسيدي عبد الرحمن غرباً· وتشتهر بشواطئها الأربعة النظيفة الساحرة: ''ستانلي والمنتزه والعجمي والمعمورة''، أما أبو قير فهي بلدة صيد سمك يمكنك أن تتمتع فيها بأشهى المأكولات البحرية وبشمسها الجميلة وهواية صيد السمك والمشي بأشرطة كورنيشاتها الهائلة لتشكل جمالاً حقيقياً للنزهات الليلية· منتزه الإسكندرية في صيف 1892 وقع الخديوي عباس حلمي الثاني في عشق بقعة بطرف المدينة الشرقي فأمر أن تكون مصيفاً له، وأنشأ بها قصر ''الحرملك'' الأنيق، إحدى التحف المعمارية التي تمزج العمارة الكلاسيكية والقوطية بطراز عصر النهضة الإيطالي والطراز الإسلامي· وأنشأ أمامه كشكا للموسيقى للحفلات الصيفية· أما الرابية الأخرى فأقام أمامها مبنى ''السلاملك'' وسينما الأميرات، وأحاطها بحدائق واسعة زرعت بزهور وأشجار نادرة، وعلى الجزيرة الصغيرة بنى كشكاً كلاسيكياً للشاي بالطراز الروماني، وربطها بالشاطئ بجسر ينتهي بفنار يرشد السفن واليخوت إلى خليج المنتزه الذي كان يرسو به ''المحروسة'' يخت الملك فاروق· السلاملَك الملكي في ذلك الفردوس الأرضي تم تصميم حمامات سباحة طبيعية للملك والأميرات داخل مياه البحر المتوسط ما زالت قائمة حتى اليوم، وقد تم تحويل ''السلاملك'' لفندق يقدم لنزلائه فخامة الحياة الملكية، كما يحدث عند استقبال الملوك، فبمجرد دخولك للردهة الرئيسية تجد صالون الخديوي بما يميزه من فخامة الأثاث الملكي الوثير الذي يعود للقرن التاسع عشر، ليسعى رواد الفندق لالتقاط الصور الفوتوغرافية بجوار صور الخديوي وملوك وملكات مصر التي تزين جدرانه وسط أنغام الموسيقى الكلاسيكية· وعند نزولك فيه ستواجه حيرة اختيار أجنحته الأربعة عشر ومنها: جناح ''مولانا المهيب'' ذو الخمس غرف والإطلالة الفريدة على حدائق المنتزه الخلابة، أوالجناح الخاص ''بصاحبة العصمة'' الذي يضم ثلاث غرف وشرفة فسيحة، أو جناح ''دولة الرئيس'' الذي يحتوي غرفتين وشرفة، وجناح ''أفندينا'' الذي يضم ثلاث غرف وشرفة· أما إذا كنت من عشاق الرياضات المائية فستتاح لك نزهة بحرية خاصة في يخوت خليجه، أو الغطس والسباحة والتزلج على مياه الشواطئ الخلابة ذات الشاليهات الأنيقة، ومنها: ''عايدة وسميراميس وفينسيا وباراديس وكليوباترا''· كما يضم المنتزه ملاهي للأطفال وسوقاً ومطاعم عالمية وقاعات للحفلات، ويبلغ سعر الغرفة فيه 2000 دولار· منتجعات فاتنة يواجه فندق ''هيلتون فلسطين'' الفخم كوبري الجزيرة وفنار المنتزه، ويستقبلك بهوه بألحان موسيقية خفيفة تتناغم مع الطبيعة الخلابة التي تحيطه وترافقك من مدخله حتى الغرفة التي تختارها· وهو يضم جدارية تحكي تاريخ الإسكندرية نحت عليها إله البحار ''بوسيدون'' وعروس البحر إضافة للوحات مشغولة يدوياً بحرفية شديدة· وقد شيد الفندق بأمر من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ليشهد أول قمة عربية تحتضنها مصر، ومنذ ذلك الحين اعتبر مقراً لإقامة رؤساء وملوك العالم، وتتفاوت أسعاره حسب الموسم، ففي الشتاء يبلغ سعر الغرفة المزدوجة للفرد 250 دولاراً، ويصل صيفا 350 دولاراً، أما الجناح فيكلف 1850 دولاراً· وهناك فندق ''شيراتون المنتزه'' بشارع الكورنيش بموقع يطل على البحر والمنتزه، وفندق ''هيلتون جرين بلازا'' الفخم بمنطقة ''السموحة'' القريبة من المدينة التجارية ويضم أكبر قاعة في مصر للمؤتمرات والحفلات· وفي منطقة العلمين يوجد مجمع ومنتجع ''بورتو مارينا'' الساحر، الذي يضم 340 غرفة فارهة ويتميز بتصميم فريد وواجهة بحرية تأخذ ألوانها من قوس قزح، أما واجهته الخلفية فتأخذ الزائر لقناة مائية تماثل قناة البندقية الإيطالية بمراكب ''الجندول'' المميزة مع بحارة مصريين، حيث يمكن الاستمتاع على ضفاف القناة بأشهى المأكولات المصرية والبوفيه العالمي وتناول القهوة على أنغام الموسيقى الحية في جو ساحر· مِنَ الإبرة إلى الصاروخ! الأماكن الجميلة التي يجب زيارتها في الإسكندرية كثيرة ومنها ''زنقة الستات'' حيث كانت ريّا وسكينة تعيشان وتصطادان ضحاياهن في السوق الضيقة، وأطلق عليه هذا الاسم نظراً لضيق أزقته وتخصصه في الألبسة وأدوات المشغولات اليدوية النسائية، فعرضه يتسع لشخص واحد فقط! وعلى جانبيه توجد دكاكين صغيرة وسلالم ضيقة تأخذك للطابق العلوي، ليكون مقصد النسوة من كل المستويات لشراء كل شيء كما يقولون من ''الإبرة إلى الصاروخ''· أما شارع فرنسا فيتخصص ببيع المجوهرات والحلي الفضية، وأفضل مكان لشراء أطقم الملابس يقع في ''المنشية''، أما ''محطة الرمل'' فتشتهر بالجاكيتات الجلدية ذات الأسعار المعقولة، وأروع الأماكن لالتقاط الصور التذكارية هو قلعة ''قايتباي'' المهيبة التي تواجه البحر بشموخ، حيث بنيت على أنقاض منارة الإسكندرية التي كانت إحدى عجائب الدنيا السبع بالعالم القديم، وتصميمها الجميل يشبه ملامح بناء المنارة· وفي الأنفوشي يوجد مسجد المرسي أبو العباس، وهو مسجد مهيب تم تصميمه وفق العمارة الأندلسية وإلى جانبه يوجد سوق جميل على طريقة البازار لبيع الهدايا والتحف والمنتجات التقليدية، أما عشاق المجمعات الحديثة فعليهم بمجمع ''سان ستيفانو'' التجاري· ولا ننسى بالطبع مقابر ''كوم الشقافة'' ومكتبة الإسكندرية أكبر وأقدم معلم للقراءة في الوطن العربي· صيد العصاري يا سمك بُني ومن يزر الإسكندرية يحلف بلذة أطباقها البحرية وأسماك وثمار البحر الأبيض المتوسط الطازجة التي يتففن الاسكندرانيون في تتبيلها وإعدادها بطرق جميلة، وأشهر هذه المطاعم ''قدورة'' و''أبو أشرف'' في منطقة ''الأنفوشي'' و''سي جل'' بطريق العجمي، و''لا برينس'' بحدائق المنتزه، و''قرية بلبع للمشويات والأسماك'' بالحديقة الدولية و''أبو حودة'' بشارع المشير احمد إسماعيل، و''سمسمة للمشويات'' في شارع المأمون و''سمكمك'' بشارع قصر رأس التين و''فِش ماركت'' بجوار نادي الكشافة، وأفضل مكان لتناول وجبة من الأسماك هو ''سي ماركت'' حيث تختار المأكولات البحرية التي تريدها بالقطعة لتطهى أمامك مباشرة، أشهرها الجمبري والسمك البوري المشوي والسبيت أو الكالاماري وسمك دنيس والاستاكوزا، إضافة إلى أطباق ''مازة'' من بينها البطارخ وخلطات عجيبة من السلطات التي تتميز بنكهات الإسكندرية· الأسعار مقبولة جدا، فسعر وليمة كاملة في أفضل الأماكن لا يتعدى 20 دولاراً· أما عشاق الأجواء الشاعرية فيمكنهم تناول العشاء الفرنسي بمطعم الفاروق بفندق ''السلاملك'' ومطعم ''أبو قير'' بفندق هيلتون الذي يقدم أطباق الستيك، بينما يتوجب على محبي المقاهي العريقة أن يزوروا ''باستروديس'' أقدم المقاهي اليونانية بالإسكندرية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©