الأحد 12 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العود بيتكلم عربي !

4 سبتمبر 2007 22:34
لم يكن مجرد لقاء تليفزيوني عابر، أطل خلاله الفنان العراقي المبدع نصير شمة عبر قناة دريم·· حبس نصير شمة أنفاس المشاهدين، ونكأ جراحاً أليمة، وذكريات موجعة، وأحزاناً عميقة، وصفحات ربما اندثرت من ذاكرة الكثيرين، إلا أنها بقيت في أعماقه شيئاً يلهب طاقاته وإبداعاته بلا توقف· نصير شمة·· الفنان الذي لا يعرف عنه الكثيرون، أنه كان ضحية ''الغيرة'' المهنية السلبية، فقد وشى به أقرب أصدقائه كذباً بأنه سب ''الذات الإلهية'' ـ والعياذ بالله ـ للرئيس العراقي الراحل صدام حسين، ومن ثم اختطفته أجهزة الأمن خلال تواجده في الأردن، وأودع السجن لينتظرعقوبة الإعدام لمدة مائة وسبعين يوماً، ويذوق العذاب ألواناً، وتموت أمه كمداً، وتثبت براءته، إلا أن قرار العفو كان مقترناً بقرار آخر غريب وجائر ''إلغاء قرار سابق بالعفو من الخدمة العسكرية، ليلتحق بالتجنيد الالزامي من جديد ليموت أثناء التدريب بدلا من الاعدام''، إلا أن العناية الالهية كانت معه، وكان لعمره بقية، ليعيش ثانية، وان اعتبر نفسه يعيش في ''الوقت الضائع'' بلغة مباريات كرة القدم، بعد نجاته من حكم الإعدام، تساهم أوجاعه، وسجنه، وغربته في وطنه في إعادة صياغة شخصيته المرهفة الرقيقة، وتصقل موهبته الفنية المثقلة بالآلام، وتضاعف أحزانه حزناً، دون أن يتخلى عن حلمه في أن يكون يوماً ما فناناً ذا شأن، فأبدع في نقل صورة مأساة ملجأ العامرية 1989 إلى العالم كله، وكانت رائعته ''حدث في العامرية'' التي أصر على كتابة النوتة الموسيقية لها على ركام ودماء أطفال العراق التي لم تجف داخل الملجأ نفسه، لستنطق العود ألماً·· ودموعاً·· ونزفاً·· ووجعا، ليسيل دموع كل من استمع إلى موسيقاه أنهاراً عندما يصور بأنامله أصوات الغارة، وأزيز الطائرات الممزوج بأنين الأطفال وصراخهم· أبكانا نصير، لكنه صرخ بعوده، كيف تكون الآلام آمالاً، ووقوداً، وباعثة على الإبداع، فقد جاب العالم طولاً وعرضاً ليحمل شجنه ولحنه وفنه هموم قضايا وطنه، وأحزان أمته، في زمن تتسول الأمة فيه جراح أطفالها في العراق وفلسطين وأماكن عديدة أخرى، ولم ينس نصير شمة وسط كل هذا ''حلمه الكبير'' في تأسيس ''بيت العود العربي'' في مصر وأبوظبي والجزائر والسودان، فكم أدرك هذا الفنان الموهب تأثير فنه، وعمق رسالته، ونجاحه في أن ينقل إلى العالم أجمع من خلال موسيقاه ، مأساة شعب فشلت في نقلها وسائل كثيرة· Khorshied @ yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©