الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلماء: الفتاوى السياسية.. أهواء مغرضة ومرفوضة شرعاً

العلماء: الفتاوى السياسية.. أهواء مغرضة ومرفوضة شرعاً
13 فبراير 2014 21:59
أحمد مراد (القاهرة) - رفض عُلماء الدين توظيف الفتوى الشرعية لتحقيق مكاسب سياسية لفصيل أو تيَّار معين من دون مراعاة لمصلحة الأمة، مؤكدين أن هذا الأمر مرفوض شرعاً، ومن شأنه تعميق الخلاف والشقاق بين المسلمين، والتورط في اقتتال واحتراب لا شرعية دينية له، ولا مصلحة فيه إلا لأعداء الأمة. شدَّد العلماء على ضرورة أن تكون الفتوى مصدر تجميع لا مصدر تفريق، وعطاء لا أخذ، وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، وإقامة العدل بين الناس على مختلف هوياتهم وأجناسهم، مطالبين الدعاة والمفتين بأن يراعوا الله تعالى في كل فتوى ينطقون بها منطلقين من مبدأ ثابت، وهو ألا يخرج الحكم الذي يحكمون به عمَّا أحل الله ولمصالح العباد والبلاد، وأن تتناسب الفتوى مع الشريعة الإسلامية الغراء فقط من دون أي اعتبارات أخرى. يرى د. علي جمعة، مفتي مصر السابق، أن استخدام الفتوى في مجالات رعاية شؤون الأمة في الداخل والخارج مباح شرعاً باعتبار أن الدين هو ركن ركين في المساهمة في هذا الجانب من ناحية النموذج المعرفي والرؤية الكلية وتحديد الأدوات والمبادئ العامة والإطار العام، أما استخدام الفتوى في الصراعات السياسية كالتنازع الحزبي بين طوائف معينة من أجل الحصول على مكاسب فذلك مرفوض شرعاً. ويؤكد جمعة أنه لا يصح الإفتاء وفق الأهواء السياسية، ويعد من باب الممنوع شرعا أن تطلق الفتاوى دون دراسة متأنية لأنها تحدد حكماً شرعياً يعمل به الناس. لا لتسييس الفتوى ويؤكد د. شوقي علام، مفتي مصر، أن توظيف الفتوى من جانب فصيل سياسي ما لتحقيق مكاسب سياسية لا مصلحة الوطن والأمة مرفوض شرعاً، مشيراً إلى أن خطراً أكبر يقع عند استخدام الفتوى وتوظيفها في حسم صراع سياسي بين قوى متناحرة، فهذا من شأنه تعميق الخلاف والشقاق بين المسلمين وأبناء الوطن الواحد لمجرد خلاف سياسي، وهو أمر ممقوت ومحرم شرعا، وقد يؤدي إلى اقتتال واحتراب لا شرعية دينية له، ولا مصلحة فيه إلا لأعداء الأمة في الداخل والخارج، ورب كلمة طيبة تكون سبباً في حقن الدماء وتقريب الفرقاء، ورب كلمة خبيثة تكون سبباً في إزهاق الأرواح وزيادة الشقاق بين أبناء الوطن الواحد، والصحابة رضوان الله عليهم لم يكونوا أبداً بلا خلاف وما سمعنا يوماً عن عداوة بينهم، ولا تنازع، ولا سب، ولا تفسيق، ولا تبديع، ولا تخوين. ويقول مفتي مصر: الفتاوى الأكثر نفعاً على المستوى السياسي، هي تلك التي لا تتعلق بالأعيان أو الأفراد ولا تختص بأبواب الفقه المختلفة كالطهارة والنكاح بل الفتاوى التي تتعرض لقضايا تتعلق بالأمة بمفهومها الواسع، من حيث مصالحها وقضاياها والأدوار المنوطة بها، من حيث وجودها وكيانها وتمكينها. ويضيف د. علام: الخطر يكمن في تسييس الفتوى الذي يأخذ عدة أشكال منها تهميش مصالح الأمة حينما نحاول طرح موضوعات شديدة التكرار وربما شديدة التفاهة أيضاً، وهذه من المسائل التي تعد من إضاعة الفتوى التي تقصي قضايا الأمة الحقيقية، وهي مسألة غاية في الخطورة، وهناك مواقف سياسية تتخذ من الدول أو من المسؤولين أو من الأنظمة السياسية، ثم يأتي المفتي ليساند هذا الرأي الذي يتعلَّق بالنظام السياسي الرسمي، والشكل الآخر هو حروب الفتوى التي تكون أحياناً بين الفقهاء وبين المفتين، ففارق كبير بين التنوع في الفتوى والتضاد الذي يؤدي إلى اتخاذ مواقف سياسية وليس مواقف إفتائية تتناسب مع تلك الحالة. ويطالب د. علام الدعاة والأئمة وعلماء الدين بأن يراعوا الله تعالى في كل فتوى ينطقون بها منطلقين من مبدأ ثابت وهو ألا يخرج الحكم الذي يحكمون به عمَّا أحل الله ومصالح العباد والبلاد، وأن تتناسب الفتوى مع الشريعة الإسلامية الغراء فقط من دون أي اعتبارات أخرى. الالتزام بالضوابط الإسلامية ويقول د. محمد وهدان، الأستاذ بجامعة الأزهر: الإسلام كله سياسة لكن على من يمارسون السياسة أن يلتزموا بالضوابط الإسلامية، فلا يمارسون السياسة وفق المفاهيم المعاصرة، وهي مفاهيم رديئة لا تعرف الصدق وتقوم على الكذب والخداع وتضليل الآخرين، ولذلك ننصح الدعاة إلى الله بألا ينخرطوا في السياسة، ولا يصدروا فتاوى بصبغة سياسية، لأن السياسة متغيرة والإسلام مقدس وثابت إلى قيام الساعة وعلى من ينخرطون في السياسة أن يمارسوها وفق الضوابط التي أرساها الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون وعلى الأخص الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فهو نموذج رائد في السياسة والحكم حيث كان ولاؤه كله للحق وللفقراء، ولم يعين أحدا من قبيلته في أي موقع، وكان يردد دائما «بخ بخ يا بني عدي أوليكم وأحاسب أنا». ويشدد د. وهدان على ضرورة أن تكون الفتوى مصدر تجميع لا مصدر تفريق، وعطاء لا أخذ، وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، وإقامة العدل بين الناس على مختلف هوياتهم وأجناسهم، مؤكداً أنه لا يجوز توظيف القرآن والسنة أو الإسلام في القضايا السياسية إلا بما يعود بالنفع العام، كأن يطبق آية من الآيات أو ينهى عن أمر من المنهيات، أما إطلاق فتوى لأهواء سياسية، فهذا لا يجوز وهو عبث بآيات الله تعالى، وعبث بالفتوى الشرعية التي لها أصول وأسس وضوابط معينة، ومن ثم، فإنه من المحرم شرعاً أن نوظف الفتاوى والدين في العمل السياسي ولتحقيق مكاسب سياسية لفصيل أو حزب معين، فلا يجوز توظيف الدين لخدمة السياسة أو توجيه السياسة للدين. كما أنه لا يليق أن يتصدى العلماء والفقهاء لإصدار فتاوى مسيسة. ويضيف: الفتوى الشرعية هي بيان حكم الشرع في قضية تهم السائل أو لها مردود على الشأن العام ويترتب عليها إما جلب مصلحة أو درء مفسدة ولا يجوز أن تعبر عن رأي شخصي أو تخلط رأياً فردياً برأي شرعي، والفتاوى المسيسة تؤدي للبلبلة وتقحم الدين في مسألة من الشؤون التي تتغير فيها الآراء وتتفاوت فيها المصالح وتفسر لصالح هذا أو ذاك من دون التفات إلى مصلحة الأمة، ويجب فيمن يتصدى للفتوى أن يكون مؤهلاً علمياً لإصدار فتوى في المجالات المختلفة، فالفتوى ليست سهلة، والعلماء الذين يخشون الله يحاولون أن يبعدوا أنفسهم عن الفتوى قدر الإمكان. الفتوى لها شروط واضحة يشير د. محمد وهدان قائلاً: إنه يجب أن نفرق بين مفهوم الفتوى الشرعية وما يطلق عليها فتوى، ولكنها غير شرعية، وإنما هي مجرد رأي غير ملزم لأحد لأن صاحبها ليس مفتياً والفتوى لها شروط واضحة وصريحة وقد أقرها العلماء والفقهاء على مر العصور، وهي أن يكون المفتي على علم بالقرآن وعلومه وبالسنة النبوية رواية ودراية، وأن يكون عالماً بأسباب نزول الآية وورود الحديث، وأن يكون محيطاً بالأدلة الشرعية الأخرى كالقياس والاستحسان وسد الذرائع ومقاصد الشريعة، وأن يكون لديه فقه بالمبادئ الكلية والقواعد العامة كمبادئ العدالة والشورى والحرية وكرامة الإنسان والمساواة ونحوها، حتى لا يتجاوزها في اجتهاده وفتاواه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©