السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

من يخمد نيران المدارس الخاصة؟!

3 سبتمبر 2007 02:43
لا أحد يعلم إلى أين يمضي قطار المدارس الخاصة في بلادنا ؟ ولا أحد يعرف إلى متى يظل هذا القطار يمرح ويصول ويجول دون ضابط أو رابط من وزارة التربية والتعليم أوغيرها من الجهات المعنية بممارسة تطبيق المعاييرعلى المدارس الخاصة· فمنذ سنوات ووزارة التربية والتعليم تستخدم في معركتها لضبط الايقاع في التعليم الخاص كلمات ''التسويف'' من قبيل سوف نفعل، وسوف تكون لدينا لائحة لمعاييراعتماد المدارس الخاصة، سوف يكون لدينا قطاع للاهتمام بهذه المدارس والتأكد من توفرالمعاييرالعلمية وصلاحية البيئة التعليمية للتدريس، وسوف يكون لدينا خبراء للإشراف على هذه المدارس الخاصة وتصنيفها تصنيفاً علمياً إلى فئات محددة يمكن محاسبة كل مدرسة في ضوء الفئة التي تنتمي إليها· ومع الرحلة الطويلة التي يقطعها أولياء الأمورالذين لم يجدوا مفراً سوى اللجوء إلى المدارس الخاصة فاض بهم الكيل خاصة عندما تجرأت المدارس الخاصة وصارت مخالفات بعضها في العلن، ومع كل مخالفة من هذه المخالفات تزداد حالة الأسى لدى قطاع عريض من الطلبة وأولياء أمورهم على ما آل إليه التعليم الخاص وعلى سبيل المثال فإن المدارس الخاصة التي ترك لها ''الحبل على الغارب'' لم تبلغ بعد حد الشبع، ولم يبدو في خريطتها المستقبلية شعاع يمكن لولي الأمر أو للطالب أن يهتدي به، وعلى الرغم من حالة ''الاستقواء'' التي تمارسها بعض المدارس الخاصة ''ولا نقول كل المدارس'' على أولياء الأمور والطلبة وتطبيق سياسة الإذعان وفرض الأمر الواقع بل وممارسة أقصى درجات الغطرسة في بعض المدارس التي وصل بها الحال إلى عقد امتحانات قبول للطلبة مرة ومرتين امعاناً في إذلال بعض التعساء من أولياء الأمورالذين أرخوا رحالهم أمام العتبات ''غير المقدسة'' لبعض هذه المدارس، وبسطوا أكفهم للماء فإذا هو السراب بعينه وسط الصحراء· منذ سنوات ونحن نراهن على أن العام الدراسي القادم سيكون أفضل من العام الدراسي الماضي، وننتظرفي القيظ موعد بدء الدراسة حتى نرى ما استجد في ساحة تلك المدارس، ولكننا نجد أنفسنا أكثراحتراماً وتبجيلاً للمثل العربي القديم الذي وصّف الحالة التي نحن عليها الآن عندما قال: ''الصيف ضيعت اللبن'' ونفاجأ بأن العام الدراسي الجديد في المدارس الخاصة مجرد نسخة مكررة من العام السابق والعام الذي سبقه، وأن الصورة تزداد قتامة كل يوم، فلا مدارس الفلل أزيحت من مكانها، ولا مدخرات المدارس ''العودة'' ظهرت في صورة بنايات جديدة ومسطحات خضراء ومختبرات ينعم فيها الطلاب· بل إن راتب المعلم ''المسكين'' الذي ساقه قدره للعمل في بعض هذه المدارس لا يزال حتى الآن أقل من راتب عامل في مطعم أمام ''سيخ شاورما'' إذ أن ما يحصل عليه العامل في المطعم من ''بقشيش وإكراميات'' قد يفوق معاش المعلم في معظم المدارس الخاصة، طبعا هنا نحن لا نقصد هؤلاء ''الهوامير'' الذين دخلوا المدارس الخاصة معلمين على طريقة ''يا مولاي كما خلقتني'' واليوم بعد أن انتفخت ''كروشهم'' من الدروس الخصوصية حملوا إلى الطلبة صوراً متلفزة وفوتوغرافية للمنتجعات التي يقطنون بها حالياً في ربوع كندا واستراليا وغيرها من دول المهجر التي فتحوا أبوابها بـ ''بيزات'' الطلبة الذين لم يجدوا سبيلاً للنجاح إلا بالدروس الخصوصية· إن الجهود التي تبذلها وزارة التربية والتعليم لا تزال في حاجة ماسة إلى المساندة لوضع قطارالمدارس الخاصة على المضمارالصحيح بعد أن جمح القطار وغاب عنه من يروضه لسنوات طويلة، حيث رفعت ''التربية'' طوال السنوات الماضية شعار ''دع المدارس الخاصة تعمل وتمرح وتكسب كما تشاء'' واستندت الوزارة في هذا الصدد إلى ما كان يروجه بعض العاملين فيها في قطاع التعليم الخاص من فلسفة مفادها ضرورة ترك التعليم الخاص لقواعد العرض والطلب، وظلت هذه الفلسفة سائدة دون وجود جهة رقابية تتأكد من نزاهة الممارسة التعليمية داخل هذه المدارس أوتدقق في جودة التعليم أو تتفحص مظاهرالشفافية في الامتحانات والتقويم ورصد النتائج للدرجة التي أصبح السكوت فيها عن هذه الممارسات ضرباً من عدم الإحساس بالمسؤولية· إن التعليم الخاص شريك أساسي في العملية التعليمية سواء من حيث أعداد المدارس أو الطلبة أو العاملين في هذه المدارس وهو قطاع استثماري يمكن أن يبيض ذهباً إذا أحسن العمل به، ولكن ما يحدث في ''بعض'' هذه المدارس الخاصة قد تجاوز كل الخطوط الحمراء وخرج بالعملية التعليمية عن مضمونها الرسالي للدرجة التي أصبحت فيها كتب طالب في الصف الثامن بأربعة آلاف درهم هذا بخلاف رسوم التسجيل التي تصل إلى 1500 درهم في بعض المدارس وكذلك رسوم الباص بقيمة 3000 آلاف درهم، أما ما يطلق عليه الزي المدرسي فإن ''التي شيرت'' الذي يباع في المحال التجارية بـ ''''20 درهماً تبيعه المدرسة بـ ''''120 درهماً وأكثر من ذلك عندما ننظر إلى عقد الإذعان الذي يوقع عليه ولي الأمر صاغراً أمام هذه المدرسة أو تلك وهو ما يعرف بقائمة الرسوم الدراسية والتي وصلت في بعض المدارس إلى معدلات أكثر من الرسوم الجامعية· بالطبع هذه صورة من جانب واحد وهو جانب أولياء الأمور وما يئنون منه ليل نهار في سيمفونية التعليم الخاص، أما الوجه الآخر للصورة فهو ما تئن منه المدارس الخاصة أيضاً، وهذا ما سنفرد له تحليلاً غدا،· والله من وراء القصد·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©