الاقتصادي الخفي

يعد كتاب ''الاقتصادي الخفي'' من الكتب الرائعة حيث إن عنوانه الفرعي يجذب كل قارئ، وهو ''لِمَ يزدد الأثرياء ثراءً والفقراء فقراً، ولم لا يمكنكَ شراء سيارة مستعملة لائقة ؟''· ترجمة الكتاب بالإنجليزية كالتالي: '' Undercover Economist: Why The Rich Are Rich and The Poor Are Poor?''· الكتاب من تأليف كاتب عمود ''عزيزي الاقتصادي''، في صحيفة فاينانشيال تايمز، والخبير الاقتصادي في البنك الدولي، تيم هارفورد· ويعد هذا الكتاب موجهاً ومفيداً لكل شخص يتساءل عن الأسباب الداعية الى وجود تلك الفجوة الكبيرة بين الدول الفقيرة والغنية، ولم لا تتمكن تلك الدول من إيجاد الطرق البديلة اللائقة والفعالة لسدّ الفجوة· ليس هذا فحسب، بل يقدم لنا هذا الكتاب قصة خفية، وربما سرية تختبئ خلف تلك الأسئلة وغيرها من الأسئلة التي تطرأ على بال الجميع، وذلك من خلال تناول الكاتب لعدد من دول قارات العالم بما فيها قارة آسيا وأوروبا وأفريقيا، وطبعاً الولايات المتحدة، بهدف الكشف عن الطريقة التي تقوم بها محال السوبر ماركت، وخطوط الطيران، وسلاسل المقاهي، على سبيل المثال لا الحصر، بسحب الأموال من جيوب العامة· ويحاول الكاتب كذلك التطرق الى بعض أهم وأبرز الخلافات الاقتصادية الدائرة، والتي تشمل مثلاً تكاليف الرعاية الصحية المرتفعة، ويكشف عن الأسباب التي تجعل بعض القوانين البيئية تساهم في رسم البسمة على وجوه أصحاب الأراضي· كما يشرح الكاتب أسباب أرقام العوائد والأرباح العالية لبعض الشركات، وهي أسباب تختبئ تحت قناع النوايا البريئة· ولكي يوضح الكاتب كيف أن علم الاقتصاد يؤثر في كل جوانب الحياة، يشير الى أننا كثيراً ما نرى الأمور على أنه مُسَلّم بها، مثل كوب الكاباتشينو على سبيل المثال، لكنها أمور تعد بمثابة نتائج للعديد من العوامل الاقتصادية المتقاربة التي يتوجب علينا اكتشافها· وبالتطرق لعدد من المفاهيم الاقتصادية، بما في ذلك قوة السوق والفعالية والكفاءة، والأسعار وإخفاق السوق، يسلط هارفورد الضوء على الكيفية التي تشكل بها تلك القوى والمفاهيم أيامنا وحياتنا اليومية، حتى بدون إدراك ودراية منا بما يحدث· الكاتب نجح في جعلنا نرى العالم الاقتصادي بعينه ومن خلال خبرته الاقتصادية، كما نجح في الكشف عن ماهية الأحداث اليومية، والتي تعد بمثابة ألعاب تفاوضية، ومسابقات قوة، ومعارك خفية· وعلى سبيل المثال لا الحصر، يساعدنا الكتاب على الكشف عن الأسباب التي تجعل محلاً عالمياً للقهوة يغرّمنا أسعاراً مرتفعة على كوب قهوة بنكهات متنوعة، وكيف يمكننا تجنب طوابير الانتظار في ساعات الذروة في مدن العالم المكتظة، وكيف استطاعت الصين أن تتحول الى دولة صناعية كبرى ؟· ليس هذا فحسب، بل يتطرق الكاتب الى العديد من المفاهيم الاقتصادية كسوق البورصة والأسهم، والنظام الرأسمالي، والعولمة التي خصص لها الكاتب مساحة لا بأس بها للدفاع عنها· كما لجأ الكاتب الى سرد وعرض عدد كبير من الأمثلة والنماذج الحية والواقعية بهدف توضيح مفاهيم النظريات الاقتصادية المعقدة، مما يعني أن الكتاب بما يحويه من أسرار خفية سيجعلك تفكر ملياً قبل ابتياع كوب القهوة الصباحي· يقع الكتاب في 320 صفحة، ويتألف من عشرة فصول ذات عناوين جذابة تلفت انتباه القارئ وتحمسه للقراءة، مثل فصل ''من يدفع ثمن كوب قهوتك؟ ''، وفصل ''ما الذي لا ترغب محلات السوبر ماركت أن تعرفه؟ ''، وفصل '' الأسواق المثالية وعالم الحقيقة·''، وفصل عن ماهيّة '' زحمة المرور ''، وفصل ممتع بعنوان ''القصة من الداخل''، وفصل ''عقلانية الجنون· ''، وفصل مميز عنوانه ''لم تعتبر الدول الفقيرة فقيرة ؟ ''، وفصل عن العولمة، وفصل أخير عن الأسباب التي ساهمت في نمو الاقتصاد الصيني وتحولها الى أحد أبرز وأقوى الدول الصناعية، الأمر الذي صنّفها في قائمة الدول الغنية·