السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البدانـة تجتـاح أجسـاد أطفالنـا

البدانـة تجتـاح أجسـاد أطفالنـا
23 مارس 2008 01:51
بدا الوضع عادياً بالنسبة له فأكوام الدهون التي تلف جسده، ووجهه المنتفخ بينما عيناه غائرتان في تجويفيهما، لم تكن سوى وسيلة يجذب بها الآخرين الذين شغفوا بالنظر إليه ومتابعة حركاته البطيئة الثقيلة· إنه أحمد جاسم الذي أخبرنا قائلاً :''اعتاد الناس على رؤيتي بهذا الشكل فلا يمر يوم واحد دون أن يسألوا علي، وهذا ما يجعلني دوماً محط أنظار وسخرية البعض الذين يلاحقونني أينما اتجهت، ولكن خوفي من تبعات هذا الوزن الزائد يجعلني أتجرع مرارة هذا الوزن الذي حرمني من أبسط ما يقوم به الأطفال وأنا الآن أبلغ السابعة عشرة من عمري ووزني قارب ال 200 كيلو جرام، فأي مستقبل يتنظرني على مشارف العشرين؟!''· أبناء البدانة واقع مؤلم آخر ترويه أم سالم بقولها: ''لم أكن أتصور يوماً أنني قد ارتكبت جريمة في حق ابني الذي بات أسير الأنسولين، فقد كنت أنظر إليه بعين الرضا وبأنني أديت واجبي تجاه طفلي من خلال تغذيته، وكنت أجلب له أنواع الحلويات التي يلتهمها بشراهة، والآن لا أقوى على سماع أنين ابني وهو يأخذ حقن الأنسولين، فنصيحتي لكل أم أن تعقد مصالحة جيدة بين الأغذية الصحية المحضرة في المنزل وبين أطفالها''· وبألم وحزن تقول أم حسام: ''تعرض ابني إلى حادث كسرت فيه ساقه وأقعدته في الفراش مع ألعابه الإلكترونية التي أدمن عليها، إضافة إلى التهام كل أنواع الطعام والمشروبات المحلاة طوال فترة انشغاله باللعب، فبدأ وزنه يزداد، ولم يستمع لنصائحي المستمرة بشأن وزنه، وأصبح يعاني من وخز في صدره''· وتلقي الدكتورة هدى السويدي استشارية طب الأسرة، الضوء على هذه الحالات الصحية بقولها: ''تتهدد السمنة أطفالنا بسبب قلة الحركة والاعتماد على الوجبات السريعة وعدم مضغ الطعام جيداً، وإهمال ممارسة الرياضة، والإكثار من الجلوس أمام التلفزيون أو الكمبيوتر والألعاب الإلكترونية، فبحسب دراسة أجريت في الدولة تبين أن نسبة الإصابة بالسمنة يصل الى حوالي 60 % وتزداد بين طلاب المدارس وتقدر بنحو 30-40 %''· مؤشر الوزن أما الدكتورة ريتا نوار أخصائية أمراض الغدد، فتقول: ''ينسحب تأثير الوزن الزائد في سن الطفولة على حياة المرء المستقبلية، فمنذ بضعة عقود ازداد داء السمنة لدى الأطفال والمراهقين وازدادت بالتالي الأمراض الناتجة عنها، كداء السكري- النوع الثاني، كما يعتبر الوزن زائداً عند الأطفال والمراهقين حين يكون مؤشر الوزن نسبة للعمر أعلى من 95% حسب جدول النمو الصادر في مركز مراقبة المرض، فالأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 2- 20 سنة ومؤشر أوزانهم نسبة للعمر يتراوح بين 85 و 95 % لديهم استعداد بأن يكونوا من أصحاب الوزن الزائد مستقبلاً، وعادة ما يحسب معدل الوزن بوضع مؤشر الوزن نسبة للعمر حة هو الوزن بالكيلوغرام (kg) مقسوما على ضعف الطول بالمتر· وتضيف د· ريتا قائلة: ''من العوامل التي تلعب دوراً في زيادة أوزان الأطفال والمراهقين، أن الفتيات بين سن التاسعة والحادية عشرة من العمر تبدأ لديهن التغيرات الهرمونية المصحوبة عادة بزيادة في الوزن (حوالي 50 % من الوزن المستقبلي)، ويؤثر العامل الوراثي بدوره في البدانة، فاحتمال بدانة الابن في مرحلة الشباب الذي تشكو أسرته من البدانة أكثر 15 مرة من ابن لا تشكو أسرته من البدانة، كما أن نمط عيش الأسرة وعاداتها في الأكل وممارسة الرياضة وتاريخها الطبي تشكل كلها عوامل تساعد على تحديد الناس الأكثر عرضة للإصابة بالبدانة، وبالتالي يكونون في خطر متزايد من الإصابة بأمراض مزمنة منها: أمراض القلب والشرايين ونسبة دهون مرتفعة، مع تخلص غير سليم للسكر في الدم، وتشحم في الكبد، حصى في المرارة، ضغط مرتفع، العظام وغيرها''· دليل الوقاية إن علاج البدانة لدى الصغار يتطلب إنقاص وزنهم ما بين نصف كيلو إلى كيلو واحد في الأسبوع بهدف الوصول إلى BMI أقل من 85%، فنقصان الوزن سيؤدي إلى تحسن في ضغط الدم وفي نسبة الدهون في الدم، أما العلاج بالعقاقير فهو حتى الآن ليس معتمداً لمعالجة الصغار، ومن الأفضل للوالدين اعتماد دليل الوقاية من البدانة، عبر الخطوات التالية: اعتماد التغذية السليمة والحرص على تناول الخضار والفاكهة، التقليل من تناول الحلويات والمشروبات المحلاة، عدم الجلوس لفترة طويلة أمام التلفاز أو الكمبيوتر، مشاركة الأسرة في ممارسة النشاطات الرياضية بانتظام، تقديم الدعم الإيجابي للاختيارات الصحية، عدم التشجيع على تناول الأطعمة الجاهزة، طلب مساعدة ''أخصائي الغدد'' عندما ينصح طبيب الأطفال بذلك· الغذاء المطلوب تعزو أخصائية التغذية رنا الشحادة انتشار البدانة بين الأطفال إلى عدة أسباب منها تناول ''الأغذية الغنية بالسكريات والزيوت والدهون، والمواد المصنعة والحافظة والملونات والعصائر المحلاة، مع إهمال الأهل وغياب الرقابة الغذائية في المدارس، فضلاً عن دور الإعلان في استهداف عقول أطفالنا· أما علامات ازدياد وزن الطفل فتتجلى بزيادة حجم أجزاء معينة من الجسم، وزيادة تركز الدهون في منطقة البطن أو الصدر أو الأرجل والأرداف، ويحتسب معدل الوزن المناسب للطفل على جداول النمو التي تغطي الفئة العمرية من الولادة وحتى 20 سنة من العمر ويعتمد الوزن المناسب للعمر والطول والحجم· وتضيف قائلة: ''يمكن دائماً الاستعانة برأي أخصائي التغذية لتحديد الكمية المناسبة من الأغذية التي يجب أن يتناولها الطفل لضمان توفير احتياجات النمو السليم والمساعدة إما في عدم زيادة الوزن أثناء النمو أو تخفيف الوزن الزائد - إذا لزم الأمر - بمعدل لا يتجاوز 0,5كجم أسبوعيا، مع ضمان توفير المغذيات الأساسية أثناء فترة نمو تطور الطفل· ويأتي دور الأهل في جعل الغذاء السليم جزءاً من نمط الحياة اليومية بحيث يتشارك جميع أفراد الأسرة في هذا الغذاء ولا يكون هو غذاء حمية ''diet'' للطفل فقط''· أخيراً، يفترض بالأسرة أن تقوم بدور إيجابي للحد من البدانة التي تتصيد أطفالها، من خلال التقيد بالارشادات الغذائية الصحية مع الحرص على منح الأطفال وجبات غذائية منتظمة، بحيث تشمل الوجبات على الأغذية ذات المحتوى الغذائي الضروري لنمو وتطور الطفل من مجموعة الحليب والألبان والفواكه والخضار المنوعة، بالإضافة إلى كمية معتدلة من النشويات على كل وجبة وحصة من اللحوم وبدائلها على كل وجبة، ويجب الحرص على التقليل قدر الإمكان من استخدام الزيوت والدهون أثناء عملية تحضير الطعام، وعدم إضافة السكر للمشروبات· مليار شخص يعانون منها ونسبتها 74% في الإمارات تقنية جديدة لعلاج البدانة دبي- أعلنت عيادة ''ويت كير'' بمدينة دبي الطبية، خلال فعاليات ''معرض الصحة العربي'' الذي أقيم مؤخراً في دبي، عن توفّر تقنية جديدة تفيد في علاج البدانة· وأشار الدكتور ناجي طربيه إلى ''أن التقنية الجديدة استندت إلى خبرته مع نحو 22 ألف مريض عبر ربع قرن خلال عمله كطبيب غدد في لبنان وفنزويلا، وترتكز التقنية على فحص مستوى الإنسولين في الدم، لإدارة مشاكل البدانة والوزن الزائد''· فقد ابتكر الدكتور طربيه تقنية جديدة تتمثل في تقسيم مرضاه إلى فريقين، الأول فريق الذين يعانون من مستويات مرتفعة من الإنسولين في الدم، والثاني بمستويات إنسولين طبيعية، لمعرفة مدى مقاومة المريض للإنسولين، بعد أن قام بفحص الدم أثناء الصوم، وبعد الحصول على النتائج، يصف العلاج المناسب وفقاً للمصدر الذي يكتسب من خلاله المريض الوزن، الدهون أو الكربوهيدرات· ويتفق الدكتور طربيه مع منظمة الصحة العالمية التي أعلنت أن ''الأمراض المتعلقة بالبدانة هي وباء القرن الحادي والعشرين''· موضحاً أن هذا صحيح في الشرق الأوسط بشكل خاص مع اتجاه أساليب الحياة والأنظمة الغذائية نحو الأسوأ· فالبدانة مرض خطير ومعقد، وتساهم الكثير من العوامل في تطوّره، وبالتالي يعتبر التشخيص والفهم الصحيحان حيويان لإيجاد حل طويل الأمد· وتشكّل أمراض الغدد والخمول الجسدي والمشاكل العاطفية والنفسية وتناول سعرات حرارية زائدة بعض العوامل المساهمة في تطوير البدانة''· وتعتبر البدانة وفق -منظمة الصحة العالمية- ''مشكلة كبيرة يعاني منها مليار بالغ، 300 مليون منهم مصابون بالبدانة كمرض سريري· وتتسبب بأمراض السكّري والقلب والجلطة الدماغية وارتفاع الضغط وبعض أنواع السرطان''· كما أظهرت تقارير منظمة العمل الدولية للبدانة -مركزها لندن- أن ''83% من النساء في البحرين يعانين من البدانة أو ارتفاع الوزن، وتصل النسبة إلى 74% في الإمارات العربية المتحدة وإلى 75% في لبنان''·
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©