الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صحافة روس الدياسبورا ... إعلام يبحث عن هوية

صحافة روس الدياسبورا ... إعلام يبحث عن هوية
30 أغسطس 2007 00:04
قبل بضعة أسابيع، عقد في باريس المؤتمر السنوي للوسائل الإعلامية الروسية· وبدلاً من الاهتمام بالمحاولات المتواضعة، تعاطى أصحاب الصحف ووسائل الإعلام الأخرى مع هذه المحاولات على أنها لا تعنيهم، وإن كان الاهتمام الرسمي بالمؤتمر لافتاً· والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل قرّر الكريملن إنشاء جماعات روسية ضاغطة (لوبي) في أنحاء مختلفة من العالم؟ كان هذا ذات يوم، ''جوزف ستالين'' الذي ليس روسياً بل من جورجيا راح ينثر الروس في جمهورية آسيا الوسطى، وجمهوريات البلطيق، لضمان ولاء أكثر من هذه الدول للاتحاد السوفييتي الذي تنتمي إليه· جاليات كبيرة، أو صغيرة، لا ريب أنها تواجه تعقيدات شتى بعد زوال الإمبراطورية، فيما هناك روس فرّوا إلى الخارج إبان العهد السوفييتي، ولكن دون أن يصبحوا ''شيئاً آخر''، حتى ليقال إنه عندما يذهب الروسي إلى العالم الآخر يبقى روسياً· هم الآن، ''روس الدياسبورا''، إنهم ''ينبعثون''، هم الامتداد القومي لروسيا التي يقول تقرير أخير للبنك الدولي إنها تشيخ· الروس يريدون أن يكون لهم حضورهم، ولكن على الطريقة الأميركية· صحيح أن لغة ''دويستويفسكي''، هي ليست لغة ''شكسبير'' أو ''جوته'' أو ''روسو''، غير أن الصحيح أيضاً أن الروس يريدون الدخول في العالم، ومن أبواب لافتة· قبل بضعة أسابيع عقدت في باريس ''الأمميّة'' التاسعة للصحافة الروسية: نحو 30 مديرا ورئيس تحرير أتوا ممثلين صحفاً وقنوات تلفزيونية، من 51 دولة للمشاركة في المؤتمر· وفي إطار المؤتمر تم الاحتفال بالذكرى السنوية الستين لتأسيس صحيفة ''الفكر الروسي'' التي ظلت لعقود صحيفة المعارضة الروسية، وإن كان كل شيء تغيّر الآن بحيث لا خلاف أيديولوجياً بين الصحيفة وما يحدث في روسيا حسبما يقول مدير التحرير ''فيكتور لوبان''، الذي يصفها بالصحيفة الغربية· فكرة ''لمّ الشمل'' تلك أتى بها ''فيتال ايغناتنكو''، مدير الوكالة الصحافية ايتار-تاس، الذي ظل يلاحقها حتى تحولت إلى هيئة تدعو إلى المؤتمر السنوي وتتابع قراراته وتوصياته· المؤتمر الأول عقد في عام 1999 في موسكو، وأدى إلى تعبئة الطبقة السياسية، فبعد انتهاء المؤتمر توجه المشاركون إلى ''سوتشي'' على البحر الأسود لقضاء أيام في تلك المنتجعات الفاخرة وحيث كان أعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي يمضون بعض أوقاتهم· الصورة اختلفت كثيراً الآن· وإذا كان قد شوهد ''ميخائيل جورباتشوف'' هناك، وهو آخر رئيس للاتحاد السوفييتي، فقد استضافت شواطئ البحر الأسود الثريان اليهوديان البارزان ''بوريس بيروزنسكي'' و''ميخائيل خودوركوفسكي'' الذي طالما خطط لـ''شراء'' الكريملن عبر امتلاكه لشركة النفط العملاقة ''يوكوس'' التي انتقلت ملكيتها من يديه ليقبع وراء القضبان بعد إدانته بجرائم مالية ضخمة· ''خودوركوفسكي'' هو مَن رعى المؤتمر وأمّن التغطية المالية له على أمل السيطرة على الشبكات الإعلامية الروسية تدريجياً· المؤتمر يُعقد على أساس سنة في أحد بلدان رابطة الدول المستقلة (دول الاتحاد السوفييتي سابقاً) أو في عاصمة غربية· بعد باريس سينعقد المؤتمر في موسكو العام المقبل وبمناسبة العيد الوطني لروسيا في 12 يونيو· لا شيء يجمع المؤتمرين سوى اللغة· هناك كانت تلك السيدة التي تدعى ''مايا نيكولايفينا'' التي غادرت كييف عام 1972 لتلتحق بزوجها في البيرو، وهناك أنشأت مدرسة لتعليم اللغة الروسية· ومنذ عام 2003 راحت تصدر صحيفة بالروسية تبدو وكأنها تنتمي إلى زمن آخر، إن من حيث الشكل أو من حيث المضمون· حتى في الإمارات العربية المتحدة، وتحديداً في دبي، ينشر ''سرغي ريزيت'' صحيفة ''راش'' (RUSH)، وهي أسبوعية توزع مجاناً وتُطبع على ورق مصقول، كما تموّل بواسطة الإعلانات ويقرؤها الروس الميسورون· وفي قبرص، أنشأت ''ناتاليا كارداش''، وهي مديرة صحيفة ''فيستيك كيبرا''، الناطقة بالروسية أيضاً، ثلاث مؤسسات لتمويل الصحيفة، والمؤسسات هي عبارة عن مركز للغات يدرس الإنجليزية واليونانية للروس، ورقم للاستعلام الهاتفي بالروسية، إضافة إلى مكتب للترجمة· عائدات هذه المؤسسات ساعدت على الاستعانة بصحافيين جدد، كما استقطبت 700 قارئ إضافي· معظم الصحف الناطقة بالروسية في الخارج تأسست في الثمانينات من القرن الماضي، أي عندما سجلت موجات من الهجرة من الاتحاد السوفييتي، لاسيما الهجرة اليهودية· وتلك الصحف مزدهرة في إسرائيل، بوجه خاص، فالمعروف أن ربع الإسرائيليين يتكلمون الروسية· أما في الولايات المتحدة، ومع وجود عدد كبير من الذين يتقنون لغة ''تولستوي''، فإن الأولوية هي للصحف الالكترونية· في أوروبا قليلة جداً هي الصحف الروسية الصارخة، والواقع أن الذين يصدرون الصحف هم، في أغلبهم، محافظون تجمّدوا في مكان ما من ثقافة القرن التاسع عشر أو بداية القرن العشرين، وهم حذرون حيال أي عملية تحديث، أي أن روسيا توقفت لديهم عند ''بوشكين'' حسبما يقول ''ألكسي فينيديكتوف''، رئيس التحرير في إذاعة ''ايكو'' التي تعتبر معارضة للسلطة· ما بين 25 و40 مليون روسي يعيشون، حالياً، خارج حدود بلادهم، بدأ الكريملن يولي هؤلاء الاهتمام، وقد حضر المؤتمر بعض من الرسميين، وبينهم ''جاخان بولييفا'' التي ألقت كلمة باسم الرئيس ''فلاديمير بوتين'' هي عبارة عن رسالة حارة إلى مواطنيه المنتشرين في أصقاع الدنيا· ويقول ''سيرغي ناريشكين''، نائب رئيس الوزراء، والمرشح الأبرز لخلافة الرئيس ''بوتين'' إنه كلما أصبحت روسيا قوية تعززت علاقاتها مع مواطنيها في الخارج، ليضيف أن الروس في رابطة الدول المستقلة هم حملة قضية الاندماج على المستويات الروحية والثقافية· هذا الكلام الخطابي لا يترك أثراً لدى ''إليلينا غوزاتينسكي''، رئيس تحرير أسبوعية ''سبكتر'' التي تصدر في فنلندا، فالساسة يتحدثون بلغة مصالحهم ''وما يعنيني هو أن أساعد 42 ألف روسي في هذا البلد على الاندماج دون أن يعني هذا إلقاء التراث من النافذة''· وفي نظرها أن النشاط الحقيقي للمؤتمر يبدأ بعدما ينتهي الجزء الرسمي، أو البروتوكولي منه، وهو يتركز على إثارة مسائل مهنية مثل إيجاد الأسواق، ووسائل التواصل، وزيادة عدد الاشتراكات، وتفعيل سبل التمويل· مرّت صحيفة ''الفكر الروسي'' منذ تأسيسها عام ،1947 أي مع اندلاع الحرب الباردة، في تقلبات كثيرة بعدما كانت قد صدرت برعاية الكونفدرالية الفرنسية للعاملين المسيحيين· في عام 1979 اتجهت كلياً نحو مهاجمة الاتحاد السوفييتي، وبعدما استقطبت عدداً من الكتاب المنشقين، وعلى رأسهم ''الكسندر سولجنتسين''، مثيرة آنذاك اهتمام السفارة السوفييتية في فرنسا وكذلك جهاز الـ''كي·جي·بي''· بعد عام 1992 اخترقت الحدود الروسية، لتصبح تحت سيطرة مجموعة صحافية روسية في لندن، وإزاء الأزمة المادية التي تواجهها، فهي بصدد رفع ثمن العدد بنسبة 20 في المئة لخمسين ألف نسخة تباع منها في الأكشاك الفرنسية ما بين 9 آلاف و10 آلاف نسخة· في بلد مثل ليتوانيا، فإن 38 في المئة من السكان هم من الروس، والنجم الأبرز هناك في الصحافة الناطقة بالروسية، هو''ألكسي شينين'' الذي ينشر 18 صحيفة متعددة النشاطات، وهي ظاهرة لافتة في حقبة ما بعد الاتحاد السوفييتي، إن في البلطيق أو في غيره· ''شينين'' الذي يبلغ حجم مبيعاته 10 ملايين يورو يرفض، بشكل قاطع، أن تكون وسائل الإعلام التابعة له ناطقة باسم ''الدياسبورا''، فنحن ندافع عن اللغة الروسية وعن تعليمها دون أن يؤثر هذا على العلاقات المتوازنة مع السلطات· ينشر بترتيب خاص مع خدمة أورينت برس
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©