السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المخدرات في أفغانستان··· وصعوبة علاج المدمنين

المخدرات في أفغانستان··· وصعوبة علاج المدمنين
22 مارس 2008 03:14
يعيش ''محمد ناصر'' مع سبعين شخصا آخرين من متعاطي المخدرات بإحدى ضواحي العاصمة الأفغانية ''كابول''، والمكان الذي اتخذه مسكنا هو عبارة عن بناية متهالكة تحولت إلى كومة من الخرسانة المتراكمة، لتصبح هذه الضاحية الواقعة في أطراف المدينة إحدى المناطق الخطرة التي يتجنبها المارة والشرطة على حد سواء بعدما قتل فيها شرطيان قبل أسابيع، وداخل المكان الموحش -الذي كان قاعة للسينما إبان فترة التواجد الروسي- يفترش ''ناصر'' وآخرون الأرض ويتعاطون المخدرات، ويوضح ''ناصر'' هذا الوضع المزري الذي يعيشه قائلا ''إني أتعاطى جراما واحدا من الأفيون كل يوم، ولا أستطيع الحصول على عمل لأني لا أملك ملابس جديدة ولائقة''، ويبدو أن سمعة أفغانستان السيئة في تجارة المخدرات وصلت إلى مستويات غير مسبوقة بعدما باتت تتوفر على أحد أكبر معدلات تعاطي المخدرات عالمياً، لا سيما في المدن الأفغانية· في ظل انعدام برامج متخصصة لمكافحة المخدرات وقلة الامكانات المادية والتمويل، تؤكد الوكالات العاملة في هذا المجال أن تعاطي المخدرات تحول إلى مشكلة اجتماعية متفاقمة في البلاد، وفي هذا الإطار يقول ''محمد ظفار'' -مسؤول أفغاني في وزارة مكافحة المخدرات-: ''لقد تضاعف عدد متعاطي المخدرات في شوارع كابول بأكثر من مرتين مقارنة مع أربع سنوات ماضية''، ويذكر أن ''أفغانستان'' التي تحولت إلى عاصمة الأفيون في العالم تنتج 92 بالمائة من الهيروين، حيث تصل قيمة الإنتاج سنوياً إلى أربعة مليارات دولار، أي ما يعادل 53 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وحسب مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة الذي أورد هذه الأرقام والتقديرات أصبحت تجارة المخدرات الصناعة الرائجة في أفغانستان، بحيث تدر مليارات الدولارات، والأكثر من ذلك، يشير المكتب الأممي إلى أنه من بين 34 مليون نسمة الذين يشكلون عدد سكان أفغانستان هناك مليون نسمة يتعاطون المخدرات أغلبهم يعيش في المدن الرئيسية للبلاد· ويقول ''زلماي أفزاري'' -المتحدث باسم وزارة مكافحة المخدرات الأفغانية-: ''عندما يزرع الناس الأفيون، فإنهم يُطعمون أبناءهم دون أن يغسلوا أيديهم وهي مشكلة بالنسبة للأطفال''، وتنحصر الغالبية العظمى من مدمني المخدرات في الرجال الأفغان الذين عادوا من إيران بعدما قضوا سنوات هناك كلاجئين، لا سيما وأن إيران نفسها تتوفر على إحدى أكبر نسب الإدمان على المخدرات في العالم، ويوضح هذا الأمر ''جيهانزيب خان'' -مدير برنامج خفض الطلب على المخدرات في أفغانستان التابع للأمم المتحدة- قائلا: ''يواجه اللاجئون العائدون من إيران الذين أدمنوا تعاطي المخدرات ظروفاً صعبة بسبب البطالة من جهة وتواجد المخدرات بكثرة في أفغانستان من جهة أخرى''، ولتأمين المال الكافي لشراء المخدرات يلجأ المدمنون إلى السرقة وبعض الجرائم الأخرى، وهو ما يعبر عنه ''محمد ناصر'' بقوله: ''معظمنا يسرق للحصول على المال وشراء الأفيون''، ويحذر الخبراء من أن هشاشة وضع المدمنين تجعلهم عرضة للاستغلال من قبل المتمردين الذين يلجأون إليهم لتنفيذ عملياتهم المسلحة· بالنسبة ''لناصر'' والآخرين من متعاطي المخدرات، يشكل شح الإمكانات، حيث لا تتوفر كابول سوى على عيادة واحدة تمولها الدولة لمعالجة الإدمان، مشكلـــة حقيقية تحول دون رجوعهم إلى حياتهم العادية· ويعبر ''ناصر'' عن هذا الوضع بقوله: ''إني أريد أن أتوقف عن تعاطي المخدرات، لكننا في حاجة إلى مكان لإيوائنا، ولمستشفى يستقبلنا''، هذه الاحتياجات وغيرها هي ما يسعى ''مركز النجاة'' إلى توفيرها للمدمنين، حيث يكتظ في إحدى الغرف الصغيرة مجموعة من الرجال برؤوسهم الحليقة وأجسامهم النحيلة من فرط تعاطي الهيروين لسنوات عديدة· ويقول ''طارق سليمان'' -مدير المركز-: ''إننا نستقبل الناس من الشارع، نوفر لهم حماماً ساخناً، وملابس جديدة، وفنجاناً من الشاي''، ويحرص المركز على منح دروس توعية تدوم ثلاثة أسابيع للمرضى حول خطورة المخدرات والإدمان وسبل مواجهة المشكلة· وفي الأسابيع اللاحقة يقوم الطاقم الطبي بتوفير العلاج والعقاقير الضرورية للمرضى، كما يخصص المركز مساعداً اجتماعياً لكل حالة تثبت نجاحها ويكلف بمتابعة الحالة طيلة عام كامل· وكان ''طارق سليمان'' قد أسس ''مركز النجاة'' في باكستان عام 1991 بعدما لاحظ تأثير المخدرات على اللاجئين الأفغان، وبعد سنة على ذلك ساعد في تأسيس فرع للمركز في كابول لمساعدة المدمنين، لكن رغم الإضافة التي أحدثها ''مركز النجاة'' وإسهامه في مساعدة الأفغان المدمنين على المخدرات، إلا أن شح الموارد المالية وقلة الإمكانيات تعوق استفادة الجميع، ويشرح ''طارق سليمان'' ذلك بقوله: ''إننا لا نتوفر في المركز سوى على عشرين سريراً، وأغلب الأشخاص الذين يأتون لتلقي العلاج يضطرون للنوم في الشارع، أو في المساجد· ومن بين 50 ألف حالة إدمان في كابول لا يتلقى سوى 50 شخصاً العلاج''، ومع أن المركز وباقي العيادات الأخرى في أفغانستان تعتمد على المساعدات الخارجية والدول المانحة، لا سيما من الولايات المتحدة، إلا أن توجيه واشنطن لمساعداتها للقضاء على زراعة الخشخاش وتوفير بدائل للمزارعين يحرم المراكز العلاجية الكثير من الموارد، ما يضطرها إلى الاستعانة بالمنظمات المستقلة والوكالات التابعة للأمم المتحدة التي تتحمل العبء الأكبر في تمويل المستشفيات في كابول· أناند جوبال-أفغانستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©