الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التنوع العرقي للـ "سي.آي.إيه"

28 أغسطس 2007 05:13
كان الكونجرس قد أجاز في عام ،1982 تشريعاً يمنع الكشف عن أسماء الجواسيس الأميركيين· أما سبب إجازة ذلك التشريع فمرده إلى صدور نشرتين مغمورتين حملت إحداهما اسم ''كاونتر سباي''، بينما حملت الثانية عنوان ''نشرة معلومات العمل السري''، بدأتا نشر أسماء الضباط العاملين في وكالة المخابرات المركزية· غير أن صعوبات كثيرة واجهت تطبيق ''قانون حماية هويات عملاء الاستخبارات'' منها ضبابية التعريف القانوني للعملاء الاستخباراتيين، ولعدم السماح باتهام ومحاكمة الموظفين الحكوميين ما لم يكونوا قد تعمدوا تسريب المعلومات الاستخباراتية، بينما تتكرر نجاة الصحفيين وغيرهم من العاملين خارج الجهاز الحكومي، ممن ينشرون أسماء العملاء، طالما أن ذلك النشر لم يكن جزءاً من سلوك ونشاط منتظم لهم· وكان الصراع الذي واجهه الكونجرس إلى جانب الصعوبات التي واجهها أصلاً في إصدار القانون، قد بيَّنا طبيعة المخاطر المحيطة بإدارة العمليات السرية الاستخباراتية في ظل النظام الديمقراطي· والافتراض هو ألا يسرب المسؤولون الحكوميون أسماء عملاء الاستخبارات، إلا في حالة توفر مؤشرات سياسية على تسرب معلومات كهذه· ولنا أن نضرب مثالاً لهذا بتسريب الصحافة ووسائل الإعلام لاسم ''فاليري بليم''، عميلة وكالة المخابرات المركزية، وزوجة السفير السابق جوزيف ويلسون الذي أثار حنق البيت الأبيض عليه، في إطار النزاع الذي دار في أروقة واشنطن قبيل شن الحرب على العراق، خاصة ما يتعلق منها بتقويم حقيقة أسلحة الدمار الشامل المنسوبة لنظام صدام حسين· وبالنتيجة فقد رفعت الحواجز أمام الصحافة في نشرها وتسريبها لاسم ''بليم''، مما نجم عنه لاحقاً اتهام وإدانة ''سكوتر ليبي'' الرئيس السابق لمكتب ديك تشيني· وكما نعلم فقد أسقط بوش عنه عقوبة السجن التي حوكم بها· ولكن أليس غريباً ألا تلاحظ الصحافة كشف ''سي آي إيه'' عن هوية كبير عملائها خلال الشهر الحالي؟ فما الذي حدث على وجه التحديد؟ وفي الحقيقة فإن وكالة المخابرات في أمسِّ الحاجة إلى عملاء ينتمون إلى شتى الأقليات الإثنية، شريطة أن تتوفر لديهم مهارات لغوية تمكنهم من سهولة الانسجام والدخول في المجتمعات والأقطار التي يبتعثون للعمل فيها· وفي الثامن من أغسطس الجاري، أعلن ''مايكل هايدن''، مدير ''سي آي إيه'' عبر بيان وزع على جميع العاملين في الوكالة عبر الموقع الإلكتروني الخاص بها، عن تعيين ''خوسيه رودريجز'' مديراً للخدمات السرية القومية· وبموجب ذلك القرار، فقد تولى ''رودريجز'' المسؤولية عن جميع عملاء الوكالة في كافة دول العالم· وحتى تاريخ الإعلان عن ذلك القرار، كانت تتمتع هوية هذا العميل السري بالحماية السرية التامة، مع العلم أن خبرته في هذا المجال هي 30 عاماً· وفي تبرير منه لما حدث، قال ''مايكل هايدن'' لموظيفه إن ''خوسيه'' نفسه قد سعى في الآونة الأخيرة إلى رفع السرية عن هويته· وقد أصبح ذلك ممكناً وواقعاً فعلياً بعد الكشف عن هويته· وكان القصد وراء هذا الإجراء غير المسبوق هو تمكين ''رودريجز'' من المشاركة في لجنة مختصة بالتعدد العرقي تقررت مشاركتها في مؤتمر حول أمن الحدود يعقد في ''إل باسو'' برعاية النائب الديمقراطي سيلفيستر رييس من ولاية تكساس، ورئيس اللجنة الاستخباراتية بمجلس النواب· وفي معرض ثناء ''مايكل هايدن'' على كبير عملاء الوكالة ''رودريجز'' ثمّن كثيراً مهاراتِه العملياتيةَ وحسن سمعته وأداءَه في الجانب القيادي· ومن ناحيته خاطب ''رودريجز'' المؤتمر المذكور بشخصيته العلنية الجديدة قائلاً إن وكالته لفي أمسِّ الحاجة إلى عملاء جدد ينتمون إلى شتى الأعراق والثقافات، فضلاً عن قدرتهم على التحدث بلغات مختلفة· وكشف أمام المؤتمر أن نسبة 14 في المئة فحسب من ضباط الوكالة ينتمون إلى الأقليات العرقية· يذكر أن تقرير لجنة التحقيقات في هجمات 11 سبتمبر كانت قد انتقدت وكالة المخابرات المركزية الأميركية على ما تعانيه من نقص في التعدد العرقي الثقافي وكذلك في المهارات اللغوية· وكاستجابة منها لتلك الانتقادات، فقد كرست الوكالة جهودها في الآونة الأخيرة لاستقطاب وتعيين عملاء جدد من شتى الأعراق والثقافات· وعليه فليس مستغرباً أن رأى ''هايدن'' في ''رودريجز ''بأصوله اللاتينية تجسيداً عملياً لعزم الوكالة على احتضان ضباطها المنتمين إلى الأقليات العرقية· ولعل ما سهّل قرار الكشف عن هوية هذا الجاسوس، أنه أعرب عن رغبته مؤخراً في الاستقالة من منصبه· وعلى رغم حساسية وخطورة الكشف عن هوية الجواسيس، لكونها تعرضهم إلى القتل في كثير من الأحيان، إلا أن القرار الخاص بحالة ''رودريجز'' ربما أملاه عزم الوكالة على توسيع شبكة عملائها المنتمين إلى الأقليات الاجتماعية· كاتب أميركي متخصص في قضايا الجاسوسية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©