الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روسيا وجورجيا.. إشعال تسونامي سياسي

روسيا وجورجيا.. إشعال تسونامي سياسي
28 أغسطس 2007 05:08
في الوقت الذي كانت العلاقات بين روسيا وجورجيا تسير في طريق التحسن بعد أن كانت قد وصلت إلى أدنى درجاتها العام الماضي، إذا بحرب جوية من طراز غريب تنشب بينهما الشهر الماضي، وتؤدي إلى تبادلهما للتصريحات العدائية وإلى تفاقم التوتر بينهما· فلمدة شهر تقريباً ظلت جورجيا تدعي أن الطائرات الروسية المقاتلة تنتهك مجالها الجوي، قبل أن تدعي منذ فترة قريبة أن دفاعاتها الجوية أطلقت النار الأسبوع الماضي على طائرة روسية بالقرب من جمهورية ''أبخازيا'' المنشقة عن جورجيا· ولكن جنرالاً روسيّاً تهكم على ادعاءات نظرائه الجورجيين ووصفها بأنها محض ''هلوسة''، لأنه لم يحدث- كما أكد- أن طائرة روسية قد طارت فوق أي منطقة من المناطق المجاورة لجورجيا في التاريخ المذكور· وكان مسؤولو الكريملن قد ألمحوا مراراً وتكراراً إلى أن هناك جناحاً متشدداً في جورجيا يجِدُّ في البحث عن حجة للقيام بعمل عسكري ضد ''أبخازيا'' والدويلة الأخرى المتمردة ''أوسيتيا الجنوبية'' ربما يكون هو الذي دبر الحادث· ويُشار إلى أن البلدين قد ظلا في حالة خصام لسنوات بسبب المساعدة التي تقدمها موسكو لأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، غير أن العلاقات بينهما سرعان ما تدهورت بشدة بعد مجيء الرئيس ''ميخائيل ساكاشفيلي'' إلى سدة السلطة في جورجيا عام 2004 وتعهده بإعادة توحيد بلده الممزق، وإدخاله لـ''الناتو'' قبل أن تنهي فترة ولايته عام ·2009 وفي الوقت الراهن يتهم كل جانب الجانب الآخر بالاستفزاز المتعمد بقصد مفاقمة حالة التوتر القائمة بينهما، ''إن كل جانب يدعي أشياء على الجانب الآخر··· ولكن الأدلة التي يقدمها للبرهنة على صحة ادعاءاته ليست مؤكدة'' هذا ما قاله ''الكسندر جولتس'' الخبير العسكري في صحيفة ''يجيد نيفني جورنال'' الإليكترونية التي تصدر من موسكو· وكان ''باتو كيوتيليا'' نائب وزير الدفاع الجورجي قد أدلى بتصريح الأسبوع الماضي قال فيه إن قوات بلاده قد أطلقت النار ''على طائرة نفاثة عسكرية''، وإن تلك الطائرة ربما تكون قد سقطت، وإن تلك هي المرة التاسعة التي تنتهك فيها الطائرات الروسية المجال الجوي لبلاده خلال الأشهر الثلاثة الماضية· بعد ذلك أصدرت جورجيا تصريحاً لاحقاً قالت فيه إن طائرتين من طراز سوخوي -24 قد اخترقتا مجالها الجوي وتوغلتا فيه، وإن إحدى هاتين الطائرتين قد أطلقت صاروخاً قديماً من الصواريخ التي كانت تستخدم إبان الحقبة السوفييتية من نوع ''كيه إتش- ''58 على أحد مواقع دفاعاتها الجوية بالقرب من مدينة ''جور''، التي تقع على بعد 50 ميلاً من العاصمة ''تبليسي''، ولكن الصاروخ سقط في حقل خال ولم ينفجر· ومنذ الإعلان الجورجي عن ذلك زارت ثلاث مجموعات من الخبراء الموقع حيث فحصت حطام الصاروخ، وراجعت سجلات الرادار، وكتبت تقارير عن الحادث· وقد دعمت مجموعتان من بين تلك المجموعات الثلاث من الخبراء، تضم خبراء من بولندا وأستونيا وبريطانيا والولايات المتحدة، مزاعم جورجيا عن الحادث في تقرير أصدرتاه الأسبوع الماضي وأكدتا فيه أن الطائرتين المغيرتين قد جاءتا من روسيا وعادتا إليها، وأن الصاروخ روسي الصنـــع، وأن روسيا هي الدولة الوحيدة القادرة على استخدامه· بيد أن فريقاً من الخبراء الروس كان قد أعد تقريراً الأسبوع الماضي أيضاً قال إن مراجعة سجلات الرادار الجورجي قد بينت أن هناك طائرات تجارية فقط قد عبرت المجال الجوي لجورجيا في ذلك اليوم، وإن بقايا الصاروخ التي قدمها الجانب الجورجي لا تعد دليلاً قاطعاً· وقال رئيس أركان حرب القوات الجوية الروسية الفريق ''إيجور خفوروف'' في مؤتمر صحفي: ''إن الجانب الجورجي قد دمر الأدلة القاطعة ومنها الرقم المسلسل للصاروخ وهو ما يقطع أن هناك من لا يريدنا أن نصل إلى الحقيقة، وألمح ''خفوروف'' إلى أن هناك طائرات سوخوي- 25 تابعة للقوات الجوية الجورجية لها بصمة رادارية مشابهة لبصمة الطائرات سوخوي- 24 الروسية ربما تكون هي التي أسقطت صاروخا قديماً من صواريخ الحقبة السوفييتية الموجودة في مخازنها عمداً في ذلك الحقل الخالي لتوهم بأن هناك هجوماً روسياً قد وقع· إلى ذلك أدلى السفير الروسي لدى الأمم المتحدة ''فيتالي شوركين'' بتصريح آخر الأسبوع الماضي قال فيه: ''إن حادث الصاروخ كان استفزازاً متعمداً تم التخطيط له وتنفيذه من قبل فئة في جورجيا تسعى إلى مفاقمة تدهور العلاقات بين بلادهم وبين روسيا··· وإن هذا الحادث هو حالة صارخة من حالات تشويه الحقائق الهادفة إلى إشعال فتيل تسونامي سياسي''· ويذكر أن الهجوم الصاروخي المزعوم قد وقع على مسافة قريبة جداً من الحدود بين جورجيا وجمهورية أوسيتيا الجنوبية الساعية للانفصال عن جورجيا، والتي تتهم تبليسي موسكو بدعمها· ويقول الخبراء الجورجيون إن المتشددين في موسكو ربما يكونون قد قاموا بهذا الحادث لإحباط عملية التسوية السلمية التي كانت ماضية قدماً في المنطقة· يعلق ''جورجي خوسيشفيلي'' رئيس مجلس إدارة المركز المستقل للمفاوضات وحل الصراعات في تبليسي على ذلك بقوله: ''لقد كان هناك نوع من التدخل الروسي في منطقة الصراع··· وهدف موسكو من ذلك هو تقويض الجهود الرامية لحل الصراع وإرهاب المجموعات الدولية التي ربما تكون مهتمة بالمساعدة في نزع فتيل الموقف، لأن روسيا- كما هو معروف- لها مصلحة في بقاء الأوضاع في حالة عدم استقرار دائماً''· وقد أدلت جورجيا بتصريح قالت فيه إنه وبسبب الانتهاكات الروسية لفضائها فإنها ستتخذ خطوات لإدماج منظومتها للدفاع الجوي في منظومة حلف ''الناتو'' بنهاية هذا العام· وعلق خوتسيشفيلي على ذلك التصريح بقوله: ''الحاصل أن الكثير من الناس يصدقون روسيا الآن عندما تقول إن جورجيا تختلق مثل هذه الأشياء، ولذلك فإن الحل بالنسبة لجورجيا هو الدعوة لمزيد من تدخل الأطراف الدولية في المسألة كي ترى هذه الأطراف ما الذي يظهر بالفعل على شبكات الرادار الجورجية وتتأكد بنفسها من مصداقية جورجيا''· مراسل كريستيان ساينس مونيتور في موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©