الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النساء… نقطة مشرقة في الاقتصاد الفلسطيني

النساء… نقطة مشرقة في الاقتصاد الفلسطيني
6 فبراير 2013 12:17
إنه يوم ممطر في بلدة عجول بالضفة الغربية، وعندما يخرج الأطفال من المدرسة، يسرع بعضهم إلى بقالة «مياسار عيسى» لشراء الحلوى قبل العودة إلى بيوتهم في أعلى التلال الموحلة المؤدية إلى الوادي. إنهم جزء من الزبائن المنتظمين الذين ساعدوا تلك السيدة على تنمية محل بقالتها منذ أن فتحته بفضل قرض صغير قدره 1400 دولار قبل عامين. اليوم، أكملت عيسى تسديد ذلك القرض وحصلت على آخر، فضاعفت بضاعتها، واكتسبت حس استقلالية جديد باعتبارها معيل العائلة الوحيد، ذلك أن زوجها متزوج من امرأتين أخريين ولا يستطيع إعالتها وأبناءها الثلاثة الذين يتوقون للزواج ولكنهم لا يملكون الإمكانيات المادية للقيام بذلك. وتقول «مياسار» وهي محاطة بأكوام من أكياس رقائق البطاطس المقلية وتلفاز يبث مسلسلا درامياً مصرياً: «لقد كان لدي خياران لا ثالث لهما: إما أن أجلس وأقول: «يجب عليه أن يدفع المال! يجب عليه أن يدفع المال!، فأموت جوعاً وأترك أطفالي يموتون جوعاً، أو أن أفعل شيئاً ما. لقد كنت مضطرة لفعل شيء ما»، مضيفة «لا يهمني ما يقوله أصهاري، بل ما يهمني هو ادخار المال حتى يتسنى لأبنائي الزواج. عندما يكون لديك هدف، فلا شيء يستطيع كسرك». والواقع أن اقتصاد الضفة الغربية أكثر قتامة من الطقس هنا؛ فالموظفون الحكوميون هنا لم يتوصلوا برواتبهم لشهرين متتاليين مؤخراً إلى أن تدخلت السعودية وضخت 100 مليون دولار للمساعدة على تخفيف ما وُصف بأنه أسوء أزمة مالية منذ تأسيس السلطة الفلسطينية في التسعينيات. ورغم المشاكل البنيوية وتفشي مشاعر اليأس، فإن النساء المقاولات مثل مياسار يجدن طرقاً مبتكرة لتأمين موطئ قدم لهن في السوق، مما يشكل دعماً للاقتصاد، ولثقتهن واستقلاليتهن. وتقول مياسار، التي تملك أيضاً مشروعاً تجارياً ثانوياً، حيث تقوم بتريبة 1500 دجاجة: «لا يمكنك أن تجلس وتنتظر الحكومة لتمنحك عملا، لأن لا أحد سيعطيك شيئاً عندما تجلس ولا تفعل شيئاً». سمير البرغوثي من «المركز العربي للتنمية الزراعية» في رام الله يقول إنه من الصعب الحصول على أرقام بخصوص مشاركة النساء في الأعمال الحرة، ولكن التقديرات تشير إلى أن النساء المقاوِلات يزددن عدداً ويمثلن اليوم 5 إلى 10 في المئة من مالكي المقاولات في القطاع المنظم و30 في المئة في القطاع غير المنظم. غير أن ثمة مقاومة ثقافية مهمة للمقاولات النساء- وليس للرجال فقط. وفي هذا الإطار، ترى «سوسن دويك»، وهي مصممة داخلية وزوجة مدير شركة فلسطيني غني، أن النساء هن الأكثر انتقاداً في كثير من الأحيان إذ تقول بمرارة: «بعض النساء يقلن: «انظرن إليها، إنها تظل خارج البيت كل اليوم، فلا تعتني بزوجها وأطفالها»، مضيفة «والرجال يشعرون بأنها تأتي ليس من أجل تحديهم فقط ولكن لأخذ ما هو لهم - لتعمل، ولتكسب المال. إنها تتعدى حدودها». ولكن البرغوثي ينظر إلى الأمر على نحو مختلف بعض الشيء إذ يقول: «بالطبع، ربما هم ليسوا مرتاحين لرؤية نسائهم يخرجن من المنزل من أجل العمل»، مضيفاً «ولكنهن لا يملكن بديلا». غير أن مثل هذا الصراع الاجتماعي لا يجد مكاناً له في النادي الرياضي «ماي فيرست جيم». الفتيات التي يتقاطرن عليه بعد المدرسة لديهن مجموعة كاملة من المعدات تحت تصرفهن مصممة خصيصاً للأطفال. وثمة أيضاً قاعة الدراجات الثابتة من لندن، ومنطقة لعب فيها كرات ضخمة للتمارين وحلقات رقص حول الجسم، وإناء ضخم من التفاح الأخضر في الثلاجة. وتقول أماني حرحاش، وهي مالكة النادي، وواحدة من تسع أخوات من القدس الشرقية وجميعهن نساء مهنيات، منهن محامية وطبيبة أسنان ومصممة داخلية: «أعتقد أنه مكان جيد ليطور فيها الأطفال عادات جيدة، ونمط حياة جديد». ويُعد «ماي فرست دجيم» واحداً من عدد من الفرص في رام الله للأطفال «حتى يتخلصوا من كل المشاعر السلبية» الموجودة في المجتمع، تقول حرحاش. النادي، الذي فتح في مايو عام 2012، يوظف أربعة أشخاص -كلهم نساء- ولديه 60 عضواً يدفع كل واحد منهم 200 شيكل (55 دولاراً) في الشهر مقابل الاستفادة من كل المعدات والأقسام المختلفة مثل اليوجا والتمارين الرياضية ورقص الباليه. وهذه هي مقاولة حرحاش الثالثة، فقد بدأت بمحل لبيع ملابس الأمهات والحوامل، ثم قامت بفتح حضانة أطفال توظف خمسة أشخاص بمساعدة قرض بنكي. وتقول حرحاش، التي درست إدارة الأعمال في الأردن: «لا تستطيع كل النساء البقاء في المنزل مع الأطفال، ولذلك علينا أن نوفر لهن مكاناً حيث يستطعن الاعتماد على أشخاص آخرين للاعتناء بأطفالهن في مكان آمن عندما يكن في أماكن عملهن»، مضيفة «إنه أمر ضروري». شيرين زيادة، شابة كانت تحلم بالدراسة في الخارج -وكان حلمها هو الباليه- ولكن والديها شجعاها على إنهاء دراستها بجامعة بير زيت بالقرب من رام الله. ولكنها وجدت أن هناك إقبالا على مهاراتها هنا في الوطن، فقامت بفتح استوديو لرقص الباليه في وسط مدينة رام الله في ديسمبر عام 2011. وتقول «زيادة»، التي تحب جانب الإعلانات والتسويق بشكل خاص: «أعتقد أن التجارة فكرة جيدة». في البداية قامت عائلتها بتمويل كل شيء، وساعدها شقيقها على استئجار محل الاستوديو من الكنيسة الأرثودكسية المجاورة. واليوم باتت قادرة على تغطية ثمن الإيجار، وإن كانت الكنيسة تسمح لها بتأخير الدفع عند الضرورة، كما أنها تقوم بتسديد المال الذي أقرضته إياها عائلتها. غير أنها تريد أن تزيد من تطوير مشروعها التجاري، وتشعر بخيبة الأمل لأن أي فلسطيني لم يعبر عن اهتمامه بالمساعدة. لكن «زيادة» مثابرة ولا تستسلم، حيث تضع كل جهدها في عملها، يشجعها على ذلك والدها الراحل. وتقول: «إنني أفعل هذا من أجله لأنه كان يريدني دائماً أن أفعل شيئاً مميزاً». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©