التروللي باص .. رحلة معاناة يومية في طاجيكستان

من بين الامور البالغة الخطورة في طاجيكستان العمل لدى خطوط التروللي باص (الحافلة الكهربية)· فقد يضطر مساعد سائق التروللي الى تسلق المركبة وهي تسير باقصى سرعة كي يعيد تركيب عمود القطب الكهربي بيديه العاريتين· ومع ذلك فانه يتقاضى نحو دولار واحد يوميا· وقال انور رحيموف، البالغ من العمر 16 عاما وقد اتسخ وجهه وملابسه بالسخام والاتربة: ''نسقط في بعض الاحيان ونصاب بالكدمات والرضوض، لكن الامر ليس خطيرا في واقع الامر''· ويضيف: ''معظم المحصلين الذين اعرفهم في مثل سني، اذ انه عمل شاق للغاية بالنسبة لمن هم أكبر سنا''· وتقاطعات الطرق في دوشنبه عاصمة طاجيكستان، التي لاتزال تحمل ندوب الحرب الاهلية في التسعينات، تنقصها احيانا اسلاك الطاقة الكهربية وهي في حد ذاتها مشكلة اذا كنت تقود احدى حافلات التروللي باص التي تعمل بالكهرباء· ومن بين المشاهد المألوفة في الايام الخوالي توقف مركبات التروللي باص في نهر شوارع العاصمة دوشنبه التي تحفها مبان ضخمة ترجع الى الحقبة السوفييتية مما يجبر الركاب آنئذاك على الهبوط من المركبات لدفع التروللي باص بالايدي حتى يستعيد الطاقة الكهربية ويواصل رحلته بعد اجتياز المنطقة التي تنقصها اسلاك الطاقة الكهربية· وفي عملية محفوفة بالمخاطر يصعد مساعدو سائق التروللي على سلم معدني مثبت في مؤخرة المركبة ثم عند وصول المركبة الى منطقة بها اسلاك للطاقة قد تبعد مسافة 100 متر يقومون بسرعة بالغة عندئذ باعادة توصيل عمود القطب الكهربي بخطوط الطاقة الكهربية· ويقول رحيموف، وهو يتصبب عرقا وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة: ''كم اتقاضى مقابل هذا ؟ انه سر مهنتي''· في الايام العصيبة قد يتقاضى دون الدولار يوميا اما في الايام المجزية فقد تصل يوميته أكثر من ثلاثة دولارات· واضاف: ''يعتمد الامر على عدد الركاب· عندما تنقطع خطوط الطاقة لمسافة ما او اذا انقطع التيار الكهربي ذاته، غالبا ما احصل على سوموني واحد فقط (0,3 دولار)''· وخاضت جمهورية طاجيكستان حربا اهلية طاحنة استمرت خمس سنوات عام 1992 راح ضحيتها 100 الف شخص، مما دمر اقتصاد البلاد وقوض البنية التحتية للحقبة السوفييتية· وتعاني دوشنبه وهي مدينة تحتضن مليون نسمة كان يطلق عليها اسم ''ستالين اباد'' ابان الحكم السوفييتي من انقطاع التيار الكهربي بين الفترة والاخرى وقد يستمر انقطاع التيار بضع ساعات· وتقول سلطات المدينة انها تفتقر الى الاموال اللازمة لتحديث الشبكة الكهربية لخطوط مركبات التروللي التي يبلغ عددها 104 مركبات· وقال فيردافز سيدوف، مدير مصلحة التروللي باص في دوشنبه لرويترز: ''شبكة التروللي باص لا تدر ربحا''· واضاف: ''يمنحنا مكتب المحافظ مجرد الاموال اللازمة لصيانة المركبات والخطوط الموجودة فعلا''· ودأب المواطنون على استخدام شبكة التروللي باص على الرغم من المنغصات اليومية التي يواجهونها عند انقطاع الكهرباء خلال التقاطعات مع عدم وجود اجهزة مكابح سليمة· وقال ميخرينيسو كوربونوفا، وهو موظف على المعاش من ركاب التروللي: ''انه مرعب الا اننا مضطرون لاستخدامه· الحافلات العادية مكتظة للغاية بالركاب صباحا ولا يمكننا اللجوء اليها''· وقال مانوشيهر شاريبوف، وهو راكب آخر: ''انه امر يبعث على المرح لاسيما عندما يسرع التروللي باص اذ اشعر انني كما لو كنت في سباق للسيارات''·