الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«النقد العربي»: تأثيرات أزمة اليورو محدودة على الدول العربية

«النقد العربي»: تأثيرات أزمة اليورو محدودة على الدول العربية
8 فبراير 2012
بسام عبد السميع (أبوظبي)- أكد الدكتور جاسم المناعي المدير العام رئيس مجلس الإدارة صندوق النقد العربي محدوية تأثير أزمة الديون السيادية الأوروبية على الدول العربية، دون أن يقلل من خطورة عدم التوصل لحلول قوية لأزمة ديون اليونان، التي حذر من تداعياتها على أسواق المال العالمية. وقال المناعي خلال الملتقى الذي عقده الصندوق في أبوظبي أمس، تحت عنوان “السياسة النقدية والاستقرار المالي” بالتعاون مع البنك المركزي الألماني “البوندزبنك”: طرحت الأزمة المالية العالمية خمسة تحديات رئيسية تواجه القطاع المالي والمصرفي، حيث يدور التساؤل حول مسؤولية السياسة النقدية عن استقرار أسعار النقد والتضخم وحدهما أم تطال المسؤولية أسعار الأصول والأسهم؟”، لافتاً إلى أن الأزمة أظهرت مسؤولية السياسة النقدية حول كل تلك القطاعات. واستعرض المناعي خلال افتتاح الملتقى النموذج البريطاني في السياسات النقدية والتفكير الدائر بإعادة النظر في ذلك النموذج الذي أدى إلى انهيار بنك نورتون بروك. وفي سياق الأزمة الأوروبية، لفت المناعي إلى أن اليونان مطالبة بتسديد سندات مستحقة بقيمة 14,5 مليار دولار الشهر المقبل. يذكر أن اليونان تتحاشى طلب اكثر من قرض الـ130 مليار يورو الذي وافقت عليه اوروبا بشروط، وذلك اثر اجتماع بين البنك المركزي الأوروبي ومسؤولين أوروبيين، وتسعى اليونان الى انجاح مفاوضاتها مع الجهات الدائنة في القطاع الخاص لإلغاء نحو 100 مليار يورو من الديون. وأضاف المناعي أن التيسير الكمي للسيولة والذي قامت به أميركا إبان الأزمة المالية العالمية، أدى لمشاكل متعددة أبرزها هجرة تلك الأموال إلى الدول النامية بهدف تحقيق فائدة مرتفعة، ما أدى للضغط على عملة تلك الدول، وانعكس سلباً بخفض قدرتها التنافسية لينتج قيود تضعها البلدان النامية لحماية اقتصاداتها. كما تتضمن التحديات مفهوم استقلالية البنك المركزي وأنه من الصعب بعد الأزمة المالية العالمية القول بذلك، حيث قام المركزي الأوربي بشراء سندات الديون الأوروبية وهو ما يشكل ممارسة للسياسة المالية، إلى جانب دوره الأصلي المختص بالسياسة النقدية. وأشار إلى أن الأزمة المالية العالمية أظهرت أن سرعة الأحداث تسبق التشريعات المتعلقة بالاجراءات الرقابية الخاصة بالبنوك المركزية وأنه ربما نحتاج لمعايير بازل 4 قريباً. واستعرض الجانب الألماني أزمة الديون السيادية ومشاكل النظام المصرفي الأوربي والاستقرار المالي في دول اليورو ومحاولات إدارة الأزمة وإعداد وثيقة لسوق السندات، وأسباب انخفاض سعر الفائدة لسوق السندات. وأكد خبراء ألمان أن التكهن بالمستقبل يصعب تحقيقه، وأن استقرار الأسعار وخفض التضخم يشكل الهدف الرئيسي للسياسات المالية. وتشكل الورشة لقاءً سنوياً مهماً للمسؤولين والفنيين المعنيين بالسياسة النقدية لدى المصارف المركزية العربية للتحاور حول القضايا والمستجدات المتعلقة في هذا الشأن. وقال المناعي في كلمته “يحرص صندوق النقد العربي مع البنك المركزي الألماني على مناقشة التطورات في القضايا والمستجدات النقدية والمصرفية”، مشيراً إلى دور السياسة النقدية في تحقيق الاستقرار المالي، وما يدور حول هذا الشأن من جدل ونقاش بين صانعي السياسات الاقتصادية والنقدية على ضوء تداعيات الأزمة المالية العالمية. وتابع “تبرز أيضاً أزمة المديونيات السيادية في منطقة “اليورو” وما تحمله من دروس وعِبَر ستلقي بكل تأكيد بآثارها على السياسات والعمليات النقدية للمصارف المركزية”. وأوضح أن الملتقى يعد فرصة للتعرف على تجارب المصارف المركزية العربية في التعامل مع تبعات الأزمة المالية العالمية وأحداث المنطقة العربية على صعيد السياسة النقدية والاستقرار المالي، بما يسهم في تعزيز إدراكنا لمتطلبات تطوير الأدوات والوسائل اللازمة لإدارة الأزمات المالية. وقال إن العلاقة بين السياسة النقدية واستقرار الأسعار من جهة والاستقرار المالي من جهة أخرى هي علاقة ليست بجديدة، فمن جهة يمثل الاستقرار المالي واحداً من الشروط الأساسية اللازمة لسياسة نقدية فعّالة، وأنه يتوقف نجاح تنفيذ السياسة النقدية على توافر أسواق مالية على درجة عالية من الكفاءة والاستقرار، حيث إن اضطرابات أسواق المال يمكن أن تؤثر في فعالية تنفيذ وانتقال إشارات السياسة النقدية إلى الاقتصاد. وبالمقابل، فإن أهداف السياسة النقدية نفسها سواءً من حيث التشدّد أو التساهل يمكن أن يكون لها انعكاسات على سلوك المؤسسات المالية والمصرفية ودرجة المخاطر التي تُقدم عليها وبالتالي على مستوى الاستقرار المالي. وأفاد بأنه كثيراً ما كان يسبق الأزمات المالية فترات من التوسع الكبير والمتسارع في الائتمان المصرفي. وأضاف “لا نقصد بذلك أن السياسة النقدية كانت مسؤولة على هذه الأزمات المالية، وإنما ربما كانت في بعض الأحيان عاملاً مساعداً”. ومع ترابط هذه العلاقة ما بين السياسة النقدية والاستقرار المالي، إلا أنه ومع ذلك لم يكن الوصول والمحافظة على الاستقرار المالي يحظى بنفس أهمية استقرار الأسعار الذي يمثل الهدف الأساسي للمصارف المركزية. وأشار إلى أن الاستقرار المالي لم يكن يشكل هاجساً لصناع السياسات النقدية والمصارف المركزية قبل الأزمة المالية العالمية الأخيرة، موضحاً أن تداعيات الأزمة غيرت هذه المفاهيم، حيث بات السعي للمحافظة على الاستقرار المالي والحد من المخاطر النظامية يمثل أولوية رئيسية، يتعين أن تتضافر الجهود من أجلها. وأثارت تلك التداعيات جدلاً واسعاً حول الدور الذي يتعين أن تلعبه السياسة النقدية والمصارف المركزية في هذا الصدد، فمن جهة يرى البعض أن الوصول إلى الاستقرار المالي والمحافظة على هذا الاستقرار يجب أن يكون هدفاً أساسياً للمصارف المركزية، وبالتالي تكون السياسة النقدية هي واحدة من الأدوات للمحافظة على الاستقرار المالي. وبالمقابل، يرى آخرون أن أدوات وسياسات المحافظة على الاستقرار المالي يجب أن تبقى منفصلة عن السياسة النقدية وأدواتها. وقال “دون النظر إلى مبررات هذين الاتجاهين وعن المخاطر المرتبطة بهما، فإنه من المؤكد أن السعي للمحافظة على الاستقرار المالي أصبح جانباً يجب أن يأخذ في حسبان المصارف المركزية”. ولعلّ تطوير أدوات وآليات فعالة ونشطة للرقابة الاحترازية الكلية، ربما تسهم في تحرير السياسة النقدية من عبء ازدواج الأهداف لتركز على دورها في المحافظة على الاستقرار السعري. وقال المناعي “قطعت معظم الدول العربية شوطاً في إرساء مقومات رقابة فعالة على المؤسسات المصرفية، إلا أنه وفي المقابل، فإن الرقابة الاحترازية الكلية لا تزال في مراحلها الأولى في أغلب الدول العربية، رغم أن بعض الدول قد باشرت بالفعل بتطبيق بعض أدوات هذه الرقابة، كما هو الحال لدى دول مجلس التعاون الخليجي”. وأكد الحاجة لمواصلة العمل من قبل الدول العربية على تطوير الأدوات اللازمة لسياسة نقدية نشطة وفعالة تكمل فيه هذه الجهود لضمان المحافظة على الاستقرار النقدي والاستقرار المالي. وقال “يحرص صندوق النقد العربي في هذا الصدد على تطوير برامجه وسياساته بما يستجيب لاحتياجات دعم جهود التنمية الاقتصادية في الدول العربية، وبوجه خاص على صعيد القطاع المالي والمصرفي، فقد عمل الصندوق على تطوير تسهيلاته الإقراضية لدعم الإصلاحات في هذا القطاع”. كما أطلق الصندوق مجموعة من الأنشطة والمبادرات للمعونة الفنية، بهدف تعزيز متطلبات الاستقرار المالي، من خلال العمل على تطوير البنية التحتية للقطاع المالي والمصرفي وتحسين ممارسات إدارة المخاطر. ومن أهم هذه المبادرات، مبادرة تطوير نظم الاستعلام الائتماني ومركزيات المخاطر، وكذلك مبادرة تطوير أسواق أدوات الدين المحلية ، إضافة إلى مبادرة مشتركة أطلقها الصندوق مؤخراً بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية لتطوير نظم الإقراض المضمون في الدول العربية. ويأمل الصندوق أن تسهم في المساعدة على تحسين ممارسات إدارة المخاطر لدى المؤسسات المصرفية والحد من التركز في التسهيلات الائتمانية، وأن تسهم كذلك في تحسين فرص الوصول إلى التمويل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. كما أن الصندوق بصدد إطلاق مبادرة جديدة في سياق تحسين فرص الوصول إلى خدمات مالية تتعلق بتطوير قطاع التمويل العقاري، والتي ستسهم في تقوية القواعد القانونية والرقابية التي تحكم هذا القطاع والحد من المخاطر فيه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©