الكمبيوتر و الإنترنت يفتحان عالم الابتكارات المتوالدة

تميّز الاقتصاد العالمي خلال السنوات الماضية بسرعة نمو عالية وغير متوقعة، وبتنوّع هائل للمصادر والموارد والابتكارات وأوجه النشاطات الاستثمارية· وتكمن أسباب ذلك في تسارع وتيرة الابتكارات التكنولوجية واقتحام مجالات جديدة للاختراع لم يكن أحد يفكر فيها قبل عشر سنوات ومنها عالم الاستثمار في ابتداع الحلول الرقمية للكمبيوتر والهواتف الخليوية وتلفزيونات الشاشات المسطحة وأنظمة التحكم بالسيارات والألوف من مجالات الابتكار الأخرى التي جعلت أسهم الشركات التكنولوجية تسيطر على القسم الأكبر من مجمل القيمة السوقية لبورصة وول ستريت· وتكفي الإشارة إلى أن هناك أكثر من ألف شركة عالمية كبرى تعمل الآن في استثمار خدمات الموبايل، حيث أصبحت المنتجات الخدمية المتعلقة به لا تعد ولا تحصى· وأصبحت عشرات الشركات تتخصص بالاستثمار في واحدة فقط من هذه الخدمات والحلول، مما يدل على مدى انفتاح الاقتصاد العالمي للمزيد من الاستثمارات والنشاطات التجارية في المجالات التكنولوجية· ويقول تقرير مثير نشرته مجلة (بوبيولار ميكانيكس): إن هذا التطور التكنولوجي الذي نشهده الآن، يأتي نتيجة لبعض الابتكارات الحاسمة التي تم التوصل إليها خلال السنوات الخمسين الماضية، وهي التي فتحت هذه الآفاق الواسعة· ومن أجل الوقوف على الحقائق المتعلقة بهذا الموضوع، دعت إدارة المجلة 25 خبيراً من الذين شاركوا في هذه الثورة التكنولوجية الأخيرة أو تابعوها، وطلبت منهم تحديد أهم الاختراعات التي قادت إلى هذه الطفرة الابتكارية التي نعيشها الآن· وفضّل الخبراء وضع لائحة الابتكارات الحاسمة بحسب تسلسلها الزمني على اعتبار أن معظم الابتكارات الجديدة تأتي أو تستولد من ابتكارات سبقتها· ويبدأ الخبراء روايتهم لهذه الأحـــداث بابتكــــار جهــــاز التحكـــم عن بعد بالتلفزيون (الريموت كونترول) الذي يعود لعام ·1955 وكان أول نموذج منه هو الذي ابتكره خبير في شركة (زينيث) يدعى أوجين بولي بعد أن اكتشف أن التغير المفاجئ في شدة أشعة ضوء الشمس المصوبة على جهاز التلفزيون يمكن أن يغير موجة الاستقبال· وكتب لهذا الابتكار أن يؤدي بعد أربعة عقود إلى ابتكار الهاتف الخليوي الذي يعمل وفق نفس المبدأ ولكن مع اختلاف طريقة التطبيق· وفي العام ذاته تم ابتكار أفران الموجات متناهية القصر (المايكروويف) من قبل خبير أميركي يعمل في شركة رايثيون ويدعى بيرسي سبنسير· وفي عام 1958 سجلت شركة بوينج الأميركية ابتكاراً كتب له أن يحدث ثورة في عالم الطيران المدني والعسكري برمته، عندما عرضت أول طائرة نفاثة في العالم من طراز (بوينج 707-120)، وقامت في ذلك العام بأول رحلة طويلة ناجحة لمسافة 5280 ميلاً بين نيويورك وباريس من دون توقف وبسرعة خارقة (في ذلك الوقت) بلغت 600 ميل في الساعة· ومنذ ذلك الوقت بدأ عهد النقل الجوي التجاري عبر القارات· وشهد عام 1962 حدثاً كبيراً مثّل منعطفاً اقتصادياً جديداً عندما نجح الأميركيون في إطلاق أول قمر اصطناعي للاتصالات أطلقوا عليه اسم (تلستار) ليفتح بذلك الباب أمام استثمارات هائلة في عالم الاتصالات الهاتفية ونقل البث الإذاعي والتلفزيوني· ثم أتى عقد التسعينات جالباً معه البوادر الأولى لإعصار الكمبيوتر الهادر الذي غيّر أسلوب المجتمعات البشرية في العمل والتفكير· ويخلص تقرير المجلة إلى أن الكمبيوتر والإنترنت فتحا عصر الابتكارات المتوالدة وبحيث يمكن الاستعانة بابتكار متداول الآن للتوصل إلى جملة من الابتكارات الجديدة· وهذه واحدة من أهم أسباب الطفرة التكنولوجية التي يشهدها العالم الآن·