الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لسنا قمحا!

7 مارس 2010 21:33
يحكى أن رجلاً أصيب بفوبيا الدجاج، كلما رأى دجاجة أصابه الهلع والصراخ لأنه يظن بأنها ستأكله، لجأ للطبيب النفسي وقال له: أعتقد إني قمحة! وأن أي دجاجة تراني ستأكلني لا محالة، حاول الطبيب جهده ومضى في علاجه لعدة أشهر شفي بعدها الرجل، حينها قرر الطبيب أن يحضر دجاجة للعيادة ليتأكد من شفاء المريض، ولما رأى الرجل الدجاجة بدأ بالصراخ مرة أخرى، فأخرج الطبيب الدجاجة، وعاد للمريض الذي قال له باعتذار: أنا أعلم بأني لست قمحة، لكن ما أدراني بأن الدجاجة تعلم ذلك! هذه القصة البسيطة تروي واقعاً سيئاً نعيشه مع ما يسمونه (احترام ثقافة الآخر) هذا الشعار الذي بدأنا نسمعه ونردده منذ عشر سنوات، أصبحنا نقتنص أي فرصة كي نقول: نحن شعوب متسامحة، ونحترم ثقافة الآخرين، مع أنَّ الشعوب الأخرى لم تسألنا عن ذلك، صرنا نردد هذه العبارات، مع أن احترام ثقافة الآخرين موجودة في مجتمعنا منذ الأزل. في الأسبوع الماضي دار بيني وبين إحدى صديقاتي حوار حول جريدة إماراتية سمحت لكاتب عمود أن ينشر عبارات من الإنجيل “خارج سياق الموضوع الرئيسي”، انتهى حوارنا بعبارة قالتها صديقتي: “هذا ما يسمى احترام ثقافة الآخر”! استغربت من وجهة النظر التي تفكر فيها صديقتي ويفكر الكثيرون مثلها، هل من احترام ثقافة الآخر أن أسمح له بتهميش ثقافتي أنا والخطو فوقها بمعتقداته وأفكاره؟ هل تستحق مسألة أن نبدو متفهمين لثقافات الغرب قتل موروثنا الثقافي والاجتماعي والديني؟ لا يمكن أن تجد الجنسيات المحتشدة في وطني الغالي أرضاً أكثر تفهما لثقافاتهم من أرضنا، لكن هذا لا يعني أن ننحسر نحن جانباً، وأن يكون دورنا التغاضي عن أفكارنا ليسعدوا هم بثقافاتهم، لهم أن يمارسوا حرياتهم وأفكارهم مثلما يريدون، لكن لا يعني هذا أن يهمشوا ثقافتنا نحن، وألا يحترموها، فهم هنا ضيوف يأتون ويرحلون، بينما ثقافتنا نحن تحدد هوية هذه الأرض وتعمق ارتباطنا نحن الباقين فيها، وتشعرهم هم أيضاً بالتعرف على آخرين مختلفين في الأفكار والممارسات والرؤى التي اعتادوا عليهم في أوطانهم، أما أن نتحول نحن إلى الرجل الذي يود أن تقتنع الدجاجة بأنه ليس قمحاً تأكله فهذا هو المرض الذي نتمنى أن ينزاح من نفوس بعضنا، خاصة أولئك الذين ينتهزون الفرص للقول بأننا متسامحون، ولسنا عنصريين، ونحترم ثقافة الآخرين في كل مرة يتحدثون فيها، لأننا كذلك بدون ترديد العبارات، تشهد على الأمر حرية الآخرين ووجودهم وارتياحهم في بلدنا، وإقبالهم على الحياة بيننا، وفي المقابل يجب أن نصون أفكارنا ومعتقداتنا، وألا نسمح بتهميشها أو حتى منع ممارستها لمجرد أن نري الآخرين بأننا لسنا قمحاً! فتحية البلوشي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©