السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

محمد علي: اليازرة علمتني حب الأرض والعطاء

محمد علي: اليازرة علمتني حب الأرض والعطاء
19 أغسطس 2007 04:37
تعلم دروس العطاء من الأرض وروى الحب والنماء بعرقه رجل من الرعيل الأول يحمل في ذاكرته أيام الزمن الجميل كما اطلق عليه بدأ العمل وعمره 15 سنة في مهنة ري الأشجار بواسطة اليازرة في منطقة قدفع بالفجيرة التي تشتهر بالنخيل والليمون والمانجا البلدي وفي هذه الرحلة تعلم أول دروس الحياة تعامل مع النخلة بالحب والود وظلت علاقته بهذه الشجرة المباركة إلى اليوم على الرغم من أنه مر بأكثر من محطة في تاريخه المهني وتعلم الوالد محمد علي أحمد الذي تجاوز اليوم عتبة العقد السابع معاني الصبر والجلد والسعي الجاد نحو طلب الرزق ويتذكر وهو يروي لـ''الاتحاد'' الأيام الخوالي حيث شمس الظيم تلفح الجسم إلا أن العزيمة كانت أكبر وعندما يشتد الحر يلجأ محمد ورفاقه إلى ظل الشجرة· ويجلسون برهة يجففون عرقهم ثم يعودون إلى العمل وعندما كان يشتد بهم العطش يهربون إلى الافلاج وهي تشق طريقها إلى المزارع ليعبوا منها الماء حتى الارتواء· وإذا كانت المزارع واليازرة قد علمت الوالد محمد أهم دروس الحياة الا أنه انتقل إلى درس آخر عندما دخل العقد الثالث، حيث اتجه إلى ممارسة مهنة البناء والمساعدة في تشييد المنازل حيث يتقاضى راتباً يوميا قيمة ''ريالان'' مع توفير وجبة الغداء· وظل يمارس هذه المهنة لسنوات طويلة عرف خلالها بساطة مساكن الزمن الجميل وكيف كانت الناس تتعاون في تقديم المساعدة وتبادر بالوقوف إلى جانب الأخ والصديق والجار حتى ارتسمت صور المحبة وتجسدت قيما جميلة في أبهى معانيها· سوق السمك ثم انتقل الوالد محمد إلى بيع السمك في الفجيرة، حيث شكل مع بعض من زملائه ومنهم عبدالله الشيراوي ومحمد عبدالرحمن الريل نواة لأول سوق سمك بالفجيرة وكان بدأ ممارسة علمله تحت الشجرة قبل الانتقال إلى السوق الحالي، بعد ذلك اتجه إلى بيع الرطب والتمور وحجز له مكاناً في صدر السوق بالفجيرة واصبح منذ 15 سنة من الوجوه المألوفة في السوق وهو يقطع 20 كيلو متراً كل يوم من بيته في قدفع إلى السوق في قلب مدينة الفجيرة، حيث يعرض كل صباح أجود أنواع الرطب وعلى الرغم من العمر المتقدم والوقوف طوال اليوم للترحيب بالمتسوقين ويلبي احتياجاتهم، الا أن الابتسامة لم تفارق محياه وهو يقدم لزواره فنجان القهوة العربية الأصيلة الممزوجة برائحة الهيل· ويقول الوالد محمد عن رحلة العمر التي مرت محطات متعددة وبدأها باليازرة وري المزارع والبنيان وسوق السمك أن الأيام الأولى لبداية الرحلة هي التي شكلت الوقوف لهذا النشاط المتجدد فكلما تذكرت الزمان الأول وكيف كنا نعمل ونجتهد ونصبر ونتحمل هانت علينا أعمال اليوم· ويقول عن جيل اليوم انه لا يستطيع أن يتحمل المشاق التي تحملها الجيل الماضي، لافتاً إلى أن الجيل الحالي يميل إلى الراحة أكثر من اللازم، وعجول لا يصبر عكس الرعيل الأول الذي يجالد الأيام للحصول على الرزق ولديه قدرة كبيرة على التحمل والعمل، والتحدي وقهر الظروف والتكيف مع الأعمال فليس هناك عيب في العمل· وعلى الرغم أن المسافة بين بيت الوالد محمد ومقر عمله بعيدة الا أنه لا يمكن أن يتأخر عن الحضور والاشراف بنفسه على المحل، ويقول: إنه لا يستطيع أن يعيش بمعزل عن الناس فهو موجود على رأس عمله كل صباح حتى وقت الظهيرة، ويقول إن هذه أجمل لحظات العمر فخلالها يتعرف على أناس جدد بالإضافة إلى مقابلة الزوار ورواد السوق من الزبائن والأصدقاء ويحن باستمرار كلما غاب عن السوق إلى شوف صوان الرطب والتمر حتى أصبحت هذه الصور تشكل له قيمة نفسية وراحة بال وارتباط حميم· أما عن أجود أنواع الرطب فيقول الوالد محمد لا شيء يعادل أو يعول على رطب الخلاص الذي يأتي دائماً في المقدمة وتتهاتف عليه الأيادي وتظل روح الوالد المرحة بالسوق مصدر فرح وسرور لكافة زوار السوق بالفجيرة وهو نموذج للرجال المواطنين المثابرين على العمل والذين يتوقدون نشاطاً وحيوية وبركة·
المصدر: الفجيرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©