العراق محروم من دور إقليمي لفترة طويلة

تلاشت طموحات العراق التاريخية في التحول إلى قوة اقليمية بعد 5 سنوات من التدخل العسكري الاميركي فيه بينما تجتاح القوات التركية حدوده الشمالية دون عناء وتلعب ايران المجاورة شرقاً دورا مهما في مستقبله· فعلاوة على سيادة الدولة العراقية المنتهكة بانتشار نحو 160 ألف جندي أميركي، يعاني البلد الغائب عن الساحة الاقليمية أيضا من ضعف المؤسسات الجديدة بعد سقوط نظام الرئيس العراقي السابق الراحل صدام حسين على أيدي القوات الأميركية يوم 9 في شهر أبريل عام ·2003 ويرى خبراء أن ذلك العراق الذي كان حريصاً جداً على استقلاله لن يتمكن من فرض احترام حدوده ولن يستعيد مكانته في أكثر مناطق العالم اضطراباً، مالم تتوقف أعمال العنف الطائفي ويتبلور شعور جديد بالوحدة الوطنية· وقال أستاذ مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة بغداد نبيل يونس أمس ''من الصعب جدا في الوقت الراهن تصور العراق يلعب دوراً إقليمياً''· وأضاف ''نحن بحاجة إلى بناء نظام سياسي حقيقي يقوم على الديمقراطية والمشاركة إذا أردنا تحقيق تقدم''· ومنذ قرون تلعب ''بلاد الرافدين''، دجلة والفرات اللذان وفرا ثروتها الزراعية وسهولة المبادلات التجارية، دورا حاسما في التاريخ المضطرب لتلك المنطقة الواقعة عند تقاطع العالم العربي والفارسي والتركي· وكانت بغداد في عهد الخلافة العباسية بين القرنين الثامن والثالث عشر الميلاديين مركز العالم الإسلامي وكانت تحظى باشعاع ثقافي واقتصادي وسياسي كبير· وفي عام 1920 اتحد الأكراد في الشمال والعرب السنة في الوسط والعرب الشيعة في الجنوب في ثورة وطنية ضد القوة الاستعمارية البريطانية·وبعد ''ثورة'' 1958 التي اطاحت بالنظام الملكي ووضعت حدا للنفوذ البريطاني المباشر، استقر العراق في دور إقليمي أساسي· وسرعان ماتحول الى قوة عسكرية وعمل على تطوير قوته الاقتصادية بفضل الموارد النفطية· ودفعت هذه التطورات الانظمة المتعاقبة على السلطة في بغداد الى البحث عن فرض هيمنة دولة قوية بأراضيها الشاسعة وكثافتها السكانية النسبية· وما أن تولى العقيد عبد الكريم قاسم السلطة عام 1958 حتى طالب بضم الكويت باعتبارها المحافظة التاسعة عشرة للبلاد· وفي عام 1990 اجتاح صدام حسين ذلك البلد الصغير فاتحا مرحلة كارثية قادت بلاده الى الانهيار· وشكلت السيطرة على منطقة شط العرب الواقع بين ايران والعراق، مصدر خلاف بين البلدين الجارين طوال عقود قبل أن يتخذها صدام حسين عام 1980 ذريعة لشن حرب دامت 8 سنوات وانهكت البلدين· كذلك ادى التنافس بين البلدين العربيين البعثيين سوريا والعراق، الى نسف جهود التضامن العربي وساهم في ذلك التنافس بين القاهرة وبغداد في عهد الرئيس المصري الأسبق الراحل جمال عبد الناصر·