السبت 4 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بناء التحالفات لمواجهة طهران

7 أغسطس 2007 03:50
أخيراً، عثر الرئيس بوش على استراتيجية سياسية-عسكرية رابحة لاحتواء إيران· وبطبيعة الحال، فإنه من المؤسف جداً أن صدام حسين، الذي يعد من أكبر المدافعين عن هذه الاستراتيجية، لم يعد بين ظهرانينا ليساهم في تنفيذها· غير أن روح صدام المعادية لإيران ما زالت موجودة، ممثلة في المقاربة الجديدة لإدارة بوش القائمة على بيع أسلحة متطورة للسعودية وبلدان عربية أخرى لديها مخاوف تجاه إيران· للأسف أن الولايات المتحدة توصلت إلى هذا الموقف بعد أن ارتكبت كل الأخطاء الممكنة تقريباً على مدى السنوات الخمس المنصرمة· ولعل أكبرها كان اعتقادها أن القوات الأميركية ستكون فعالة وناجحة في حرب أو بالأحرى احتلال بري مطول· والحال أنه من المستحيل بكل بساطة بالنسبة لجيش أوروبي ''أبيض''، في حقبة ما بعد الكولونيالية هذه، أن يغزو بلداً من بلدان العالم الثالث ويقيم صداقات دائمة وقوية مع السكان المحليين· بالمقابل، فإن دخول الغربيين بسرعة وخروجهم بسرعة- ليخلفهم على سدة الحكم أشخاصٌ محليون يشتركون مع السكان في اللون واللغة والدين- أمر ممكن في أحيان كثيرة· أما البقاء مدة طويلة، فانس الأمر· ذلك أنه مهما كان كرم الغزاة و مهما حسنت نواياهم، فإن الصدام بسبب سوء الفهم المتبادل سرعان ما يدفع الجميع في الاتجاه الخطأ· ومع مرور الوقت، يبدأ المتعصبون المحليون (أو الوطنيون، فالتوصيفات تختلف باختلاف وجهات النظر) في التحرك ضد الغزاة- ثم ينتقلون بعد ذلك إلى إطلاق النار· فذاك ما حدث للإسرائيليين في الأراضي الفلسطينية وللأميركيين في العراق، وذاك ما يحدث اليوم لقوات ''الناتو'' في أفغانستان· لنعد الآن إلى موضوعي العراق والزيادة في عدد القوات الأميركية هناك، فمما لا شك فيه أن الجنرال ''ديفيد بتراوس'' أفضل بكثير من سابقيه· إذ كيف لا يمكن أن يكون أفضل من الجنرال تومي فرانكس الذي لم يكن يبدي اهتماماً لموضوع ما بعد الحرب في العراق؟ وإذا كان مقال الرأي الذي نشرته صحيفة ''نيويورك تايمز'' يوم الاثنين تحت عنوان ''حرب قد نفوز فيها'' قد أثار لغطاً كبيراً، فإن هذا التفاؤل يجانب الصواب، وإن كان مطلوباً· فبغض النظر عن حقيقة أن الكاتبين، ''مايكل أوهانلون'' و''كينث بولاك''، سبق لهما أن توقعا الانتصار مرات كثيرة في الماضي، فإن الحقيقة التي لا مراء فيها هي أن الانتصار لا يمكن أن يُعلن مستقبلاً إلا من قبل مجموعة من العراقيين المنتصرين الذين لم يُعرفوا بعد· غير أنهم لن يكونوا قادرين على تأكيد الشرعية السياسية بين مواطنيهم إلا بعد أن يغادر الجنود الأميركيون العراق· وحينها فقط، سنعرف ما إن كانت لتضحياتنا قيمة· ثم هناك مشكلة أخرى: فأغلبية سكان العراق هم من الشيعة، المتحالفين أيديولوجيا مع الشيعة في إيران الفارسية - في حين أن أغلبية العرب هم من السنة· وبعد أربع سنوات من التفجيرات وأعمال القتل الطائفية، فإن الشيعة والسنة باتوا اليوم أعداء متصارعين، وليس إخواناً في دين واحد· بعبارة أخرى، فإن أي دولة عراقية تعكس الواقع الديموغرافي لطوائفها ستكون خاضعة لسيطرة الشيعة الموالين لإيران، ومعادية للدول العربية المجاورة· والحقيقة أن إدارة بوش لم تكن تدرك وتفهم هذه الديناميكية الدينية في 2003 عندما شنت حربا قوَّت إيران بدلاً من أن تضعفها· فربما كان هم الولايات المتحدة الأول هو خلع صدام وشنقه· كان صدام يكره الإيرانيين الشيعة كثيراً إلى درجة أنه خاض ضدهم حربا على مدى ثماني سنوات، وكان الزعماء الأميركيون الدواهي سعداء بمساعدته بغية كبح التهديد الإيراني الذي مايزال قائماً إلى اليوم· اليوم وبطبيعة الحال، فإن أميركا تبحث خيار الحرب مع إيران، ولكن في غياب مساعدة العراق، وهو ما ينم عن قصور في ''الاستراتيجية'' من جانب الرئيس الحالي· وبدلاً من ذلك، لدينا اليوم عقيدة ''بوشية'' جديدة تقوم على حشد الأسلحة لبلدان عربية سُنية أخرى من أجل احتواء إيران· وانطلاقاً من تجربة العراق، فإننا لن نكترث بعد اليوم، بطبيعة الحال، لمدى احترام العرب لحقوق الإنسان وحكم الأغلبية· كم هو مؤسف غياب صدام عنا اليوم! كان سيَسعد بمساعدتنا في أحدث تحالف لنا ضد إيران! كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©