الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الطلب على الطاقة ينعش صناعة الفحم العالمية

5 فبراير 2011 20:10
أصبح الفحم في الدول الغنية التي تهتم بالهواء النقي والوصول إلى صيغة يتم بمقتضاها تسعير الانبعاثات الكربونية، من الاستخدامات غير المواكبة في هذا العصر. أما في أرجاء أخرى من العالم، فلم تشهد الصخور السوداء المتسخة مثل هذا الانتعاش القوي من قبل. وترجح وكالة الطاقة الدولية ارتفاع استهلاك العالم من الفحم بنحو خمسة أضعاف خلال الخمس وعشرين سنة القادمة بافتراض التزام الحكومات بسياسات التغير المناخي الحالية. ويبدو أن عصرا جديدا للفحم على الأبواب الآن. وتقدر “الوكالة” أن تقوم الصين التي تولد 70% من الكهرباء بالفحم، بتشييد محطات تعمل بالفحم تبلغ سعتها نحو 600 جيجا واط، وذلك خلال ربع القرن المقبل، أي ما يساوي السعة التي يتم توليدها بالفحم الآن في أميركا واليابان ودول الاتحاد الأوروبي مجتمعة. ويرى “بنك نوميورا” الياباني أن الصين تنتج في الواقع أكثر من هذه السعة حيث يرجح أنها ستضيف 500 جيجا واط بحلول 2015، وتتجاوز ضعف سعتها الحالية بحلول العام 2020. كما يتوقع أن ينمو إنتاج الهند من الكهرباء المولدة بالفحم أيضاً بالرغم من بطئها. وحتى الدول النامية التي تملك كميات ضخمة من الفحم تحت أراضيها، ستجد نفسها غير قادرة على استخراجه بالسرعة المطلوبة لتلبية الطلب العالمي. واتجهت الصين خلال السنوات القليلة الماضية نحو الموردين الخارجيين، حيث من المرجح أن تزيد من اعتمادها عليهم مستقبلاً بالرغم من أنها أكبر منتج للفحم في العالم دون منازع. ويعني نهمها للطاقة والحديد، أنها تحتاج على الأقل لإضافة نسبة 5 إلى 7% من الفحم سنوياً. الطلب الصيني ويتوقع بنك “سيتي جروب” أن يبلغ استيراد الصين من الفحم نحو 233 مليون طن في 2011. واشار دانيل بريبنر من “دويتشه بنك” الى أن هذه الكمية تزيد على سعة “ريتشارد باي” السنوية في جنوب أفريقيا، أو “نيو كاسيل” في أستراليا، باعتبارهما أكبر موانئ الفحم في العالم. وفشل الإنتاج المحلي في تلبية الطلب وذلك لأسباب عدة. أهمها أن فحم الصين يقع في شمال وغرب البلاد بعيداً عن المدن الساحلية التي يزيد فيها استهلاك الطاقة والتي تنمو بسرعة أكثر مقارنة مع بقية المدن. كما أصبحت مناجم الصين قديمة. وأن الفحم يوجد في أعماق بعيدة في باطن الأرض مما يزيد من تكلفة استخراجه. ويعني ازدحام الطرق والسكك الحديدية أن عمليات الشحن المحلية عالية في تكلفتها ويصعب الاعتماد عليها مقارنة بعمليات الاستيراد. كما تأثر الإنتاج بمحاولات الحكومة قفل المناجم الصغيرة التي لا تتوفر لديها الكفاءة المطلوبة، بالإضافة إلى تشجيعها للاندماجات. وتتضمن الجهود التي تبذلها الصين لترقية احتياطي الفحم، بناء خط جديد للسكك الحديد للمسافرين بين الشرق والغرب من المنتظر أن يبدأ في العمل بحلول 2013 ما يوفر الخطوط الحالية لنقل الفحم. وربما تخفف الخطوط عالية السرعة الجديدة والقطارات الصغيرة المنتشرة حول أرجاء الدولة، من الاختناقات. لكن وفيما يخص المستقبل القريب، يبدو أن البلاد ستعتمد على استيراد الفحم. صعوبات في الهند كما أن الهند ليست أكثر مقدرة في إنتاج فحمها عن الصين. ويرقد معظم احتياطيها تحت غابات محمية أو أراض تعود ملكيتها لأقليات عرقية. ونتيجة لقدم خطوط السكك الحديد في الهند وتخلفها، أصبحت عملية النقل صعبة للغاية. يذكر أن نوعية الفحم الهندي سيئة عموماً مما يجعلها غير مناسبة للمحطات الحديثة التي تعمل بالفحم والتي تتميز بالمزيد من كفاءة استهلاك الوقود. ومن المتوقع أن تصبح الهند أكبر مستورد للفحم الحراري في العالم بحلول عام 2015، كما تعتمد الآن بالفعل على استيراد الفحم الحجري المستخدم في صناعة الحديد. وكل هذا يعتبر بمثابة الأنباء السارة لقطاع الفحم في العالم. ويتوقع “بنك نوميورا” أن تبلغ تكلفة الفحم الحراري ذروتها في 2012 عند 170 دولارا للطن الواحد، مقارنة بنحو 110 دولارات للطن الآن، وبذلك تكون المؤسسات الآسيوية أكثر الرابحين. وتعتبر إندونيسيا أكبر مصدر للفحم إلى الصين الآن حيث يتمتع فحمها بجودة عالية. وبالرغم من أن إندونيسيا ليست لديها احتياطات كبيرة، إلا أن ارتفاع الأسعار ربما يساعدها على زيادة الاكتشافات. وربما تنضم منغوليا وموزامبيق إلى أستراليا وجنوب أفريقيا وكولومبيا، كدول كبرى لتصدير الفحم. وقاد انتعاش الفحم إلى عقد العديد من الصفقات، كما نتج عنه عدد مقدر من الاندماجات والاستحواذات التي تمت في العام الماضي حيث بلغت قيمتها نحو 52 مليار دولار، وذلك حسبما أوردته مؤسسة “ديولوجيك” للبيانات المالية. وعرضت “ريو تينتو” واحدة من أكبر شركات التعدين في العالم، 3,9 مليار دولار للاستحواذ على شركة “ريفرس ديل” التي تملك عدداً من المناجم في موزامبيق. ويذكر أن المؤسسات الصينية المملوكة من قبل الحكومة تستثمر هي الأخرى في الخارج. وتعتبر صفقة “يانزهو” البالغة 3,5 مليار دولار التي تم بموجبها شراء “فيليكس ريسورسيز” الأسترالية، الأكبر من نوعها حتى الآن. ومن المتوقع دخول اثنين من عمالقة الفحم إلى الأسواق قريباً، حيث تملك أميركا ثاني أكبر منتج للفحم في العالم بعد الصين، احتياطات ضخمة وقطاع للطاقة يعارض استخدام الفحم الذي يشكل في الوقت الحالي نصف توليد الكهرباء المحلية. النظم البيئية أدت النظم البيئية المفروضة من قبل الدولة وانخفاض أسعار سجيل الغاز، إلى دفع شركات التعدين للخارج بحثاً عن أسواق جديدة. وربما تقوم روسيا التي تملك احتياطات كبيرة أيضاً تبعد آلاف الأميال عن أقرب ميناء، بتشييد البنية التحتية المطلوبة لتصدير ناتج الفحم إلى الخارج. لكن حالة الانتعاش هذه لا تجلب بالضرورة خيراً للبيئة. ويمكن القول إن محطات الطاقة التي تم تشييدها في الصين لتغذية شبكة البلاد الجديدة بالكهرباء، تتمتع بالكفاءة نسبياً ومن ثم أقل تلويث للجو من مثيلاتها القديمة المستخدمة في بعض بلدان العالم. لكن ليس هذا بالكافي، حيث يعتبر الفحم من أكثر أنواع الوقود الأحفوري ضرراً بالبيئة وأقلها سعراً. وفي حقيقة الأمر، أحدث انتعاش الفحم شرخاً آخر في الجهود المبذولة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة. وجعلت اتفاقية “كيوتو” كل دولة مسؤولة على حدة عن انبعاثاتها المباشرة. كما أوضح مناصرو البيئة، أنه بينما تستغني الدول الغنية عن توليد الطاقة بالفحم وتقوم في نفس الوقت بتصديره للدول الأقل طموحاً في تحقيق أهداف خفض الانبعاثات الكربونية، فإنها لا تقوم سوى بنشر المشكلة في بقاع مختلفة من العالم. وحتى تحقيق آمال الصين مع تواضعها لخفض نصيبها من الكهرباء المولدة بالفحم إلى 63% بحلول 2015، لا تبدو ممكنة في ظل اعتمادها المتزايد على الفحم. وبجانب محطات الطاقة التي تعمل بالفحم وعمليات التصدير، تنمو معضلة أخرى لهذا المصدر الحيوي. نقلاً عن: ذي إيكونوميست ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©