برامج واقع.. من وحي الخيال

نظرا لتبادل الأدوار بين المسلسلات والتمثيليات التلفزيونية وبين برامج الواقع، أرى أنه بات من المناسب أكثر تغيير تلك المسميات المتعارف عليها لكل منهم أو تبديل الأسماء، فبدلا من أن نسمي، على سبيل المثال لا الحصر، برنامج ''قسمة ونصيب'' ونصنفه على أنه برنامج واقعي نقول مسلسل ''قسمة ونصيب'' وخلاص·· والسبب لهذا الاقتراح برأيي، أنه، في الواقع، ما يطلق عليه برامج الواقع لا تمت للواقع بِصِلة، بكسر الباء والصاد معا- وربما يود البعض أن يكسر معهما شاشة التلفزيون التي تبث مثل هذه البرامج- بل إن معظم ما شاهدناه من برامج مختلفة تندرج تحت هذا المسمى بدءا من ''الوادي'' و''ستار أكاديمي'' وأخيرا ''قسمة ونصيب'' وغيرها، هي عبارة عن تمثيليات أو مسلسلات مختلقة من خيال وإبداعات القائمين على هذه البرامج ومروجيها والمشاركين فيها أو من وحي روايات ''عبير'' التي تدمن على قراءتها المراهقات، لا يحدث مثلها، غالبا، في الحياة الواقعية التي نعيشها، بعكس المسلسلات التلفزيونية والمستمدة من وحي الواقع وقصصه وتعبر عنها بشكل حقيقي· وفي الوقت الذي تجد فيه المسلسلات تحكي عن أشخاص عاديين في المجتمع، يتقمص الممثلون أدوارهم خلال ساعات التصوير، نجد أن برامج الواقع لا تعبر عن أشخاص عاديين وطبيعيين، وإنما عن أشخاص ''مهووسين'' يعشقون ويجيدون التصنع والتمثيل في كل ما يقومون به من أفعال وحركات على مدار الساعة، وهم أشخاص قلة في مجتمعاتنا ولكنهم منبوذون ومرفوضون من قبل الآخرين وغالبا هم عرضة للانتقاد ممن حولهم، كذلك فإن المسلسل في النهاية يهدف إلى تقديم عبرة ودرس للمشاهد من شأن أغلبها تحسين الواقع، بينما لا تهدف تلك برامج إلا إلى تسخيف واقع الحال العربي وتسطيحه وإعمار الجيوب العامرة أصلا، لأصحاب الفضائيات والقائمين عليها·· ومن هذه المنطلقات أجد أنه من الأفضل تبديل الأسماء، ولا داعي لأن تضحك علينا بعض الفضائيات بهذه الخدع السخيفة والحيل التي لم تعد تنطلي على أحد، وهكذا يمكن أن نسمح لأنفسنا وأبنائنا من المراهقين بمشاهدة تلك المسلسلات العربية عوضا عن المسلسلات المكسيكية ''المدبلجة''·· f-tahajo@hotmail.com