باكستان: إغلاق المسجد الأحمر لأجل غير مسمى

قامت الحكومة الباكستانية أمس بإغلاق المسجد الأحمر في العاصمة إسلام آباد، بعد يوم على الهجوم الانتحاري الذي أسفر عن مقتل 15 شخصاً من بينهم ثمانية من رجال الشرطة أثناء اشتباكات بين متشددين وقوات الأمن، بينما كانت تتم إعادة فتح المسجد· وأقام مئات رجال الشرطة نقاط تفتيش جديدة وطوقت المنطقة المحيطة بالمسجد بأسلاك شائكة· وقال جواد شيما المتحدث باسم وزارة الداخلية الباكستانية إن ''المسجد سيظل مغلقاً الآن لأجل غير مسمى''· كما جرى تعزيز القوى الأمنية في إسلام آباد تحسباً لوقوع أي هجمات انتقامية أخرى محتملة· وانتشرت قوات الشرطة عند جميع نقاط مداخل ومخارج العاصمة الباكستانية ومدينة راولبندي القريبة، حيث ظلت قوات الأمن على أهبة الاستعداد· وقامت السلطات بإجراء جراحة لرأس الشخص المشتبه في أنه الانتحاري منفذ الهجوم، لتتضح ملامحه، بينما جرى إرسال الأجزاء الأخرى من جسده إلى المعمل لإجراء اختبار الحامض النووي عليها· واستهدف الانفجار مجموعة من رجال الشرطة المنتشرين بالقرب من المسجد الأحمر لقمع المتظاهرين الذين بلغ عددهم نحو 2000 من الطلبة المسلمين الذين سيطروا على المسجد لعدة ساعات بعد إعادة افتتاحه لإقامة شعائر صلاة الجمعة أمس الأول· واستخدمت الشرطة الغازات المسيلة للدموع لتفريق الحشود واعتقلت نحو 100 من مثيري الشغب عندما تمكنت من إعادة السيطرة على المسجد· وتحقق السلطات في كيفية تمكن الانتحاري من تنفيذ هجومه في سوق مزدحمة في قلب العاصمة· وهو الهجوم الانتحاري الثالث عشر من نوعه ضمن سلسلة من الهجمات الانتحارية التي تضرب البلاد منذ العملية العسكرية الدموية التي شنها الجيش على المسجد الأحمر في العاشر من الشهر الجاري· واستهدف الهجوم الانتحاري رجال شرطة كانوا يعملون على إخراج طلاب إسلاميين احتلوا المسجد الأحمر بعد إعادة فتحه الجمعة وسط فوضى نتجت عن مطالبة هؤلاء الطلاب بأن يؤم الصلاة في المسجد امامه السابق الموجود حالياً في السجن· وقال شيما ''تم تعزيز الإجراءات الامنية والشروع بتشكيل فريق تحقيق مشترك''· واضاف ان ''الحكومة جد مصممة على ملاحقة المتطرفين وإخراجهم من مخابئهم''· وتابع شيما انه تم العثور على اشلاء الانتحاري وتجرى حالياً عليها اختبارات الحمض النووي للتعرف الى هويته· وقال مسؤول امني رفيع المستوى لوكالة فرانس برس طالباً عدم الكشف عن هويته ''هناك دلائل على ان الانتحاري حاول تنفيذ هجومه في المسجد الاحمر، لكن الاجراءات الامنية المشددة منعته من تنفيذ مخططه''· واضاف ان الانتحاري ''وجد فرصة لتنفيذ عمليته، حيث وجد وحدة للشرطة متجمعة ففجر نفسه وسطها''· واضاف المسؤول ان هناك احتمالات اكثر لحدوث هجمات انتحارية في المستقبل· وقال مصدر رفيع المستوى في صفوف المتشددين ان الهجوم يظهر ان لدى المتشددين ''انتحاريون جاهزون يمكن اطلاقهم في فترة قصيرة''· وفي اعقاب قتال عنيف بين القوات الحكوميه والمسلحين الذين تحصنوا داخل المسجد في وقت سابق من هذا الشهر، عمدت السلطات الى اصلاح مباني هذا المسجد التي تضررت بشدة ودمرت المدرسة الدينية المخصصة للفتيات المجاورة له· وقام عمال الحكومة بطلاء المسجد باللون المشمشي وازالوا الثقوب التي لحقت به بسبب الرصاص والشظايا· وتم افتتاح المسجد رسمياً امس الاول بصلاة الجمعة· لكن مئات الطلاب المتشددين رددوا داخل المسجد شعارات ضد الرئيس الباكستاني وقاموا بطرد الامام الذي عينته الحكومة والذي كان مقرراً ان يؤم الصلاة· وطالب الطلاب بعودة زعيمهم الامام السابق للمسجد عبد العزيز الذي القت السلطات القبض عليه، بينما كان يحاول الفرار من المسجد اثناء حصاره، متنكراً بزي امرأة، وهو الآن في السجن ينتظر محاكمته بتهم تتعلق بالارهاب· وعمد الطلاب الذين احتلوا المسجد الجمعة الى اعادة طلائه باللون الاحمر في تحد واضح لشرطة مكافحة الشغب التي ردت باطلاق الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين الذين بادروها برميها بالحجارة· لكن المواجهات بين المتشددين داخل المسجد والشرطة خارجه والتي كانت تنذر بالاسوأ، سرعان ما انتهت على وقع الانفجار الضخم الذي دوى في سوق عبارة الواقع على بعد بضع مئات الامتار· وقام بعض المتشددين الذين كانوا في المسجد بازالة الركام من الطرقات للسماح لسيارات الاسعاف بالمرور·