الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

يوسف العدان: أسعى إلى تثبيت اللحظة الهاربة

يوسف العدان: أسعى إلى تثبيت اللحظة الهاربة
29 يوليو 2007 04:06
عندما يحمل المصور الفوتوغرافي الإماراتي يوسف العدان كاميرته فإنه يتحول في لحظات التماهي مع الطبيعة إلى قناص للمشاهد الآيلة للزوال، وهذا القنص الرائق والشفاف الذي يمارسه العدان مع الوجوه والأمكنة هو أقرب إلى تثبيت الشعر في الحركة، أو قل إنه استدراج للقصيدة قبل أن يخطفها الوقت، ويطويها في ليل المعنى· وتبدو الصورة عند العدان وكأنها الكادر الذي لا يغادر إشراقته الذهبية، وهو كادر يعمل ضد التفتيت والهدر والتلاشي، لأنه حريص على أسر اللحظة النادرة وحيازة المسافة السحرية بين المصور وموضوعه، أو بين القناص وصيده الثمين !· في معرضه الأخير الذي نظمته دائرة الثقافة والإعلام بعجمان بفندق كامبنسكي، يبوح العدان بهذا الشعر المعفي من الكلام، شعر الحالات والشخوص، ورقّة المجاز واحتشاده، تأتي الشخوص (كبار السن تحديدا) مغسولين بهذا النسيان الأبيض كي يبتكروا حضورهم في عين المشاهد وفي مقاصده الغافلة· تتكلم أعمال العدان بلغتها الخاصة والمختزلة كي تحرر الصمت من هشاشته، وكي تعيد للبحر ثرثرة الأمواج وشغب النوارس، تحضر البيئة ومفرداتها كي تروي سيرتها الذاهلة، وكي تدوزن الفرح على مقاس الطفولة والحكايات البعيدة، لا تحضر المدينة هنا ولا زنازين الإسمنت، بل المديح المطلق للظل والماء وهمس الحجر والبشر، يعود الحجر في تصاوير العدان إلى هيئة الطين، ويعود الطين إلى هيئة البشر، فلا تعرف أيهما سيد الطبيعة، وأيهما المستحوذ على بوصلة الروح· نكتشف في صور العدان هذا الميل لتخليد اللحظة الهالكة، فحتى الذاكرة المتبصرة لا يمكن لها أن تقيم في الماضي، حتى لو كان هذا الماضي مفتوحاً على الشرود الذهني، ومباحاً لأحلام اليقظة· يطبع العدان صوره على قماش (الكانفاس) فيمنحها هذا الغبش النقي الشبيه بالصورة السينمائية الباذخة والمتخمة بالتفاصيل، إنها البلورات اللامعة التي تنقل الحس الانطباعي للعين نحو حس آخر مشتبك بالرمز والعوم البصري على سطح منهمر وسيّال، تخفي الصورة عمقها المخادع كي تغري المتفرج، وتدعوه لوليمة من الخفايا والأسرار· ينقل العدان الوجوه والأشجار والسواحل إلى بؤرة الكاميرا كي يحميها من عواصف التغيير، وكي يقول قصيدته البصرية بانتشاء كامل، وهو يداوم على النبش والتنقيب كي يعرض علينا أحافير المخيلة ولقى الأزمنة المنقرضة، وكأننا أمام متحف من الأصوات والروائح والخرافات الحاضرة والملموسة· ويقول العدان: إن العاطفة الحارة التي تجمعه مع موضوعه هي التي تمنح صوره هذا الشكل الخاص والمتميز، والشبيه بالبصمة الإبداعية التي لا يمكن أن تتكرر من فنان آخر، ويفسر العدان ولعه بالبورتريهات وخصوصاً المتعلقة بكبار السن إلى رغبته في تثبيت اللحظة الهاربة والتنفيس عن المحبة تجاه الآباء وعفويتهم المشغولة بالطيبة والوداعة، وهي محاولة لنقلهم من حواف العمر وكهولة الأيام إلى نضارة الراهن وحيوية الصورة الناطقة· وعن ميله لتحويل الصورة الفوتوغرافية إلى رسم تعبيري من خلال التكوينات الجمالية ولعبة الظل والضوء يقول: كنت شغوفاً في طفولتي بالرسم والتعامل مع الألوان، ولكنني انحزت كلياً للتعامل مع الكاميرا، وطاردني الحنين للرسم فمزجت تكنيك الرسم بتكنيك التصوير، ولم أستطع التخلص من سطوة الرسم في أعمالي التصويرية بعد ذلك·
المصدر: عجمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©