الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا و الاستثناء الهندي في سياسة حظر الانتشار

أميركا و الاستثناء الهندي في سياسة حظر الانتشار
28 يوليو 2007 03:56
بعد مرور ثلاث سنوات عن مطالبة الرئيس بوش بوضع ضوابط عالمية تحد من إنتاج المزيد من الدول للوقود النووي، أعلن البيت الأبيض يوم أمس الجمعة أنه يسعى إلى استثناء الهند من هذه المطالب في مسعى أخير منه إلى إتمام صفقة نووية في المجال المدني بين البلدين· وحسب مسؤولين في الإدارة الأميركية يأتي هذا الإعلان الرسمي من قبل البيت الأبيض بعد عام كامل من المفاوضات الرامية إلى ضمان تمرير الاتفاقية الاستثنائية بين البلدين وتفادي رفضها من قبل نيودلهي· ويذكر أنه إلى غاية السنة الماضية، عندما وافق الكونجرس الأميركي على عقد الصفقة مع الهند، كان محظوراً على الولايات المتحدة، بموجب قانون فيدرالي، بيع التكنولوجيا النووية المدنية إلى الهند لأنها رفضت التوقيع على معاهدة حظر الانتشار النووي· ويسمح التشريع الجديد الذي مرره الكونجرس للولايات المتحدة ببيع كل من التكنولوجيا النووية التجارية والوقود إلى الهند، لكنه ينص على قطع التعاون النووي إذا ما قامت الهند بتجربة نووية· ومن جهته تحفظ البرلمان الهندي على الصفقة، معتبراً أن شروطها تمس بالسيادة الوطنية· وبمقتضى الصفقة، التي أعلنت عنها وزيرة الخارجية الأميركية ''كونداليزا رايس''، ذهب الرئيس بوش إلى أبعد من بنودها المعلنة، حيث تقدم بمساعدات إلى الهند لبناء مستودع للوقود النووي وإيجاد موارد بديلة في حال قامت بلاده بقطع الوقود النووي عنها، سيكون قد التف بذلك على أحد مقتضيات القانون الأميركي· وكان الرئيس بوش قد أعلن في خطاب ألقاه عام 2004 حول السياسة النووية الجديدة لحظر الانتشار بأن ''التخصيب والمعالجة ليسا ضروريين بالنسبة للبلدان التي تسعى إلى تطوير الطاقة النووية لأغراض سلمية''· وفي هذا الإطار حازت دعوة بوش موافقة بعض الحلفاء الذين علقوا مؤقتاً عملية التخصيب في المواقع النووية، لكن حلفاء آخرين مثل كندا واستراليا أبدوا رغبة في استئناف عملية التخصيب النووي· ويشكل الاتفاق الجديد مع الهند مشكلة حقيقية بالنسبة لإدارة الرئيس بوش التي يسعى مسؤولوها في هذه اللحظة إلى حشد تأييد مجلس الأمن الدولي لتشديد العقوبات الاقتصادية ضد إيران بسبب إصرارها على تخصيب اليورانيوم· فالهند التي أصبحت دولة نووية بالفعل هي غير موقعة على معاهدة عدم الانتشار النووي، في حين أن إيران الموقعة على المعاهدة لم تملك بعد الأسلحة النووية· لكن في تعليقه على الاتفاق وتداعياته المحتملة على الملف النووي الإيراني قال ''نيكولاس بيرنز''، وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية الذي تفاوض مع الهند بشأن الاتفاق ''لا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنة إيران بالهند، أو خصها بمعاملة مشابهة للهند لأن إيران دولة نووية خارجة عن القانون''· وقد أشار ''بيرنز'' إلى أن إيران أخفت أنشطتها النووية لسنوات عديدة عن أنظار المفتشين الدوليين، وبأنها لم تجب بعد عن جميع الأسئلة المرتبطة بأنشطتها، أو الرد على الأدلة التي قد تثبت سعيها لامتلاك السلاح النووي· وبرغم أن الهند نفسها، التي لم توقع على معاهدة عدم الانتشار النووي، كانت تعتبر لعقود ماضية دولة نووية خارجة عن القانون، فإن الرئيس بوش قرر تطوير العلاقات معها والارتقاء بها إلى مستوى أفضل، حيث تخلى عن مجموعة من القيود السابقة وفضل التوقيع على اتفاقية نووية مع الهند· وقد رحب الأميركيون من أصول هندية بخطوة الرئيس بوش، كما أيدتها الشركات الأميركية المختصة في تصنيع المعدات النووية التي ترى في الهند سوقاً كبيرة لبيع المفاعلات وتسويق خبرتها الطويلة في هذا المجال· بيد أن الاتفاق الذي يقف وراءه الرئيس بوش وأركان إدارته لم يمر دون معارضة داخلية، حيث صرح ''إدوارد ماركي''، العضو ''الديمقراطي'' في الكونجرس الأميركي عن ولاية ''ماساشوستس''، معبراً عن معارضته للاتفاق المبدئي مع الهند قائلاً ''إننا إذا استثنينا الهند من سياستنا النووية، فإننا سنفقد مصداقيتنا في العالم''· فبالرغم من أنه سيكون محظوراً على الهند، بموجب اتفاقها مع الولايات المتحدة، استخدام الوقود النووي الذي تشتريه من أميركا في صناعة الأسلحة النووية، إلا أن قدرتها على معالجة الوقود تعني أنه بمقدور الهند توجيه إمداداتها الأخرى لتوسيع ترسانتها النووية· ويواصل النائب الديمقراطي ''ماركي'' اعتراضه على الاتفاق قائلاً ''إنه يخلق نوعا من المعايير المزدوجة بين القوانين الموجهة للدول التي تعجبنا، وتلك الموجهة للدول التي لا تروق لنا''· وفي هذا الإطار أيضا يقول ''روبرت إينهورن''، الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ''إنه في المرحلة الأولى من المفاوضات مع الهند قدمت إدارة الرئيس بوش تنازلات كبيرة ساوت بينها وبين الدول الموقعة على معاهدة عدم الانتشار النووي، لكننا في المرحلة الأخيرة تجاوزنا الحدود بأن منحنا الهند امتيازات لم نقدمها إلى الصين، أو روسيا''· ومع ذلك أيد المدافعون على تطوير العلاقات مع الهند وإرساء شراكة استراتيجية معها توقيع الاتفاق النووي، بحيث صادق عليه الكونجرس الأميركي بسهولة ودون مشاكل· لكن بالنسبة لمن ينتقدون إدارة الرئيس بوش على تقصيره في الوفاء بوعوده في الحد من بيع الوقود النووي يرون في الاتفاق الأخير مع الهند سابقة ستضعف جهود منع الانتشار النووي في العالم· محرر الشؤون الخارجية في ''نيويورك تايمز'' ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''نيويورك تايمز''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©