الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«سلطان بن زايد التراثي».. قبس يضيء كنوز الموروث

«سلطان بن زايد التراثي».. قبس يضيء كنوز الموروث
11 فبراير 2014 09:02
منذ أكثر من عشرين عاماً ومهرجان سلطان بن زايد التراثي 2014 يرسخ مكانته كواحد من أهم المهرجانات، التي تعني بالموروث الشعبي الإماراتي، وهو آخذ بالتطور شيئاً فشيئاً حتى وصل إلى ذروة تألقه وحظي باهتمام شعبي عارم من قبل أبناء الدولة وزواها الذين عمّروا جنبات مدينة سويحان، وخاصة أماكن إقامة فعاليات المهرجان الذي يحفل بكل ألوان الموروث الشعبي الإماراتي، الذي يتميز بثرائه، حيث جمع كل الفنون الثقافية والشعبية في مكان واحد، يعبر عن وطن عريق، وحضارة ضاربة بجذورها في عمق التاريخ، واستطاع المهرجان أن يلفت نظر الجميع، ويحقق مكاسب تصب في مصلحة الموروث الشعبي للدولة باعتباره أحد مكونات الهوية الوطنية. أشرف جمعة (سويحان) - حول مهرجان سلطان بن زايد التراثي في نسخته الحالية، والذي يشبع الأجواء الإماراتية بروح التراث، يقول ماجد بن سلطان الخاطري: إن المهرجان يتطور من عام إلى آخر وفي كل دورة يتخذ شكلاً جديداً باعتبار أنه يحمل على عاتقه تنشيط الموروث الشعبي المحلي في ذاكرة الأجيال، ومن ثم يعيد إلى الأذهان الحياة الأولى لأهل الإمارات بكل تفاصيلها ومواقفها، ويجعلها ماثلة حية أمام الجميع، مضيفا: “المهرجان يواصل صعوده إلى القمة في ظل رعاية سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، ممثل صاحب السمو رئيس الدولة رئيس نادي تراث الإمارات”. ويرى الخاطري أن “مهرجان سلطان بن زايد التراثي في دورته هذا العام يؤكد أنه دائم التجدد، وفائق التجاوز لكونه يكشف عن مناطق ثرية في جوهر الموروث الشعبي، تجعل من فعالياته الكبرى مرجعيات متعددة الدلالة بما يمكن كل جيل من مقاربتها في الفكرة وقوة الحدس وصواب التمثيل، فالشكل العام للدكاكين الشعبية يأخذ نكهة الموروث فيما المهرجان نفسه لم يغفل أن يجمع كل الفنون التراثية في ساحته فمنح فرصة للإبداع الشعري، وأعطى للكلمة المغناة بريقاً خاصاً، وكذلك أفرد مساحة للمسابقات بحرارتها المتوهجة، التي تعطي للفائز لذة الشعور بالتفوق والنجاح”، لافتاً إلى أن ما يحسب أيضاً للمهرجان كفاءته في الحفاظ على العادات والتقاليد، وتقديمها في أبهى صورها للزوار من أنحاء العالم كافة، ما يؤكد أن مهرجان بن زايد التراثي 2014 يحمل روح الصحوة التراثية بكل ما تحمل من معانٍ جميلة وأهداف نبيلة. أسرة بيت العريش فور دخول أسرة إماراتية إلى باحة المهرجان؛ لفت نظرهم بيت العريش الذي اتخذ موقعاً مميزاً فدخلوا إليه جميعاً وجلست الجدة مريم بطي، التي تلقب بأم جمعة ومن حولها أحفادها في شكل دائري ومعهم عبدالله هلال المهيري ابن أخيها. وتذكر مريم أن رؤيتها للبيت أعادتها إلى زمن الآباء فأرادت أن تجلس صغارها في بيت العريش، الذي اشتهر وجوده على حد قولها في المناطق الساحلية بشكله المفرغ من جانبيه حيث كان يحوي الجلسات الحميمية في ليالي السمر. وتلفت إلى أنها استغلت وجودها في مهرجان سلطان بن زايد التراثي، وبخاصة في بيت العريش، من أجل أن تبين لأطفالها أن السرود الموجودة على جدران البيت كان لها استخدامات جمة في الماضي. خيوط التلي عائشة النعيمي من بين اللواتي يستحضرن الموروث الشعبي الأصيل في أبهى صوره إيماناً منها بقيمة التراث، الذي يحمل راية الماضي في تمثل خطى الأجداد. والنعيمي، التي تبلغ من العمر 60 عاماً، اتخذت مكانها في واجهة ساحة المهرجان تغزل خيوط التلي على الأثواب بجلد وإتقان. إلى ذلك، تورد النعيمي أنها منذ عشر سنوات وهي تمارس مهنتها في تزيين الملابس في أروقة نادي تراث الإمارات، مشيرة إلى أنها كانت تساعد أمها منذ طفولتها في عمل التلي. وتتابع النعيمي، التي وضعت المخدة المشدودة حولها الخيوط القطنية والمثبتة على الكاجوجة: “علمتني أمي في فترات سابقة كيف أصنع الملابس، وكيف أزين الأزياء، إذ إننا كنا في الماضي نخيط أثواب الأسرة كاملة بأنفسنا، ومن دون وجود ماكينة خياطة، وكان كل ذلك يتم بالطريقة اليدوية، ولا نزال حتى وقتنا هذا نمارس هذه العمل، لكن في الماضي كنا نساعد غيرنا من الجيران في حياكة الملابس من دون أن نأخذ على ذلك أجرا”. وتلفت إلى أنه من خلال وجودها في المهرجان لاحظت اهتمام الفتيات بما تصنع، ومحاولاتهن الدائبة في التعرف على أسرار حياكة الملابس في الماضي. المقهى الشعبي جلسة حميمية جمعت عدداً من الذين لهم دور فاعل في تنشيط فاعليات المهرجان في أحد المقاهي الشعبية؛ يتبادلون الحديث حول التطور المذهل، الذي وصل إليه المهرجان، وفي الوقت نفسه كانوا يتناولون “النخي” (حبات الحمص الصغيرة). ويؤكد مستشار الأنشطة بنادي تراث الإمارات الدكتور ماهر القيس، عضو اللجنة المصاحبة للفعاليات، أن المقهى الشعبي الذي يجلس فيه مع زملائه في النادي كان له جذور تاريخية وحضور قوي في الأحياء قديماً، حيث كان يجتمع فيه أبناء “الفريج” الواحد لشرب القهوة والشاي، وتناول أطعمة تراثية لا تزال تحتفظ بحضورها الكثيف في البيوت. وفي أثناء حديثه الرائق عن هذه اللمحة التاريخية؛ يرد عليه مسؤول مخيم الطويلة وعضو اللجنة المصاحبة للفعاليات جاسم الحمادي، الذي يورد أن المقهى الشعبي جزء من القرية التراثية في المهرجان، ويقصده كل الزوار للاستمتاع بطبيعته التي تأخذ النسق الشعبي العارم. من جهته، يوضح رئيس قسم الأنشطة بنادي تراث الإمارات وعضو لجنة السوق الشعبي والقرية التراثية والأنشطة المصاحبة أحمد الحوسني أن المقهى في المهرجان يعبر عن روح الماضي فهو يجتذب الزوار ويتسق بطابعه الشعبي مع كل مفردات القرية التراثية. روح التنافس ينتقل الحوسني في حديثه لجليسيه عن حقائق مهمة حققها المهرجان هذا العام. ويقول “يبلغ طول الخيمة، التي جمعت السوق الشعبي والقرية التراثية، 100 متر، وبعرض بلغ 40 متراً. وللمرة الأولى يجتمع التراث بعبقه الخالص في خيمة واحدة للمهرجان، فضلاً عن وجود 191 عارضا وضعوا بضاعتهم ومنتوجاتهم التراثية في دكاكين متجاوره، بالإضافة إلى المسابقات التي تجري بالمهرجان، مشعلة روح التنافس بين المتسابقين الذين يحصلون على قسائم تسمح لهم بالشراء فقط من أصحاب المتاجر تشجيعاً لهم ولمعروضاتهم، التي تحتفي بالتراث وترسخ وجوده في الوقت الحاضر. ويضيف: “كل المحفزات التي منحها المهرجان أسهمت في التزام التجار بمواعيد الحضور في العاشرة صباحاً، ومن ثم الانصراف في العاشرة مساء”. ويختم حديثه في هذه الجلسة التي كان لها وقعها الخاص في المقهى الشعبي، الذي يحظى بتوافد العديد من الناس عليه، بأن المهرجان تزامن انطلاقه مع تأسيس نادي تراث الإمارات، وظل يتطور إلى أن وصل إلى هذا الشكل. اجتماع يومي في مشهد يتكرر يوميا؛ جلس عدد من عضوات لجنة الأنشطة المصاحبة للمهرجان من أجل التوثيق لأصحاب المنتوجات التراثية بالمهرجان، ومن ثم تقييم عملهم، والوقوف على مدى التزامهم بمواعيد العمل، بالإضافة إلى تكوين قاعدة بيانات من الممكن الاستناد إليها في السنوات المقبلة لمهرجان سلطان بن زايد التراثي. ونظراً لأن الأوراق الخاصة بالعضوات كانت مفروشة على أرض إحدى الخيم؛ فإن رئيس قسم الأنشطة النسائية بنادي تراث الإمارات وعضو لجنة الأنشطة المصاحبة فاطمة التميمي أوضحت وهي منكفئة على البيانات أن عمل اللجنة ينصب على تعزيز قاعدة البيانات والمعلومات الخاصة بالمشاركين في المهرجان، ومن ثم التواصل معهم بشكل مستمر لتذليل الصعوبات كافة، ومن ثم إجراء عمليات التقييم بصفة مستمرة، وكذلك رصد مستوى النظافة لدى الذين يقطنون الدكاكين، مشيرة إلى أن حليمة عبدالمعطي، وبدرية ما لله، ومني الملا، وعائشة المزورعي يشاركنها في هذا الرصد. 30 عاماً في الضيافة في واحد من محال الضيافة بالمهرجان كانت سعيدة المحيربي تستقبل زواها من أجل تقديم أطعمة شعبية لها نكهة الماضي، موضحة أنها منذ ثلاثين عاماً وهي تشارك في الفعاليات والمهرجانات التراثية من أجل تقديم واجب الضيافة إلى الزوار بسعة رحب، إذ ترى أنه من سمات العربي الأصيل أن يحتفى بالقادمين من أماكن بعيدة. وتذكر أن العديد من زوار المهرجان هذا العام الذين تنوعت أعمارهم وميولاتهم وثقافاتهم ناولوا حظاً من ضيافتها، سواء من التمر أو شرب القهوة وتناول الفاكهة والأطعمة التراثية المعروفة. وتشير إلى أنها فخورة بهذا المهرجان الذي يحافظ على القيم والتقاليد، ويرسخ للهوية ويغرس في نفوس النشء محبة الوطن. صانع الأواني بينما كان يحرك أحد الذين يصنعون الأواني الفخارية يده يمنة ويسرة في دكانه بمهارة عجيبة، وجد نفسه محاطاً بثلاثة أطفال من زوار المهرجان وهم سيف راشد، وسعود الحارثي، وأحمد المرزوقي، الذين تتراوح أعمارهم ما بين ست إلى عشر سنوات. وفي غمرة تصويب نظرهم نحو حركات الصانع الماهر كان يتحدث إليهم عن أن التراب هو المادة الأساسية المستخدمة في هذه الصناعة، وهي تعتمد على مهارة فائقة في التشكيل وقدرة على التوافق بين القرص الدائري الصغير في الأعلى والقرص الدائري الكبير في الأسفل في أثناء تحريكه. لكن الأمر اللافت أن وجود الأطفال في هذا الدكان جعل العديد من الناس تقف من أجل مشاهدة الصانع وهو يشكل لوحاته الفخارية بكل إتقان.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©