الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جمهوريات السوفييت السابقة والديمقراطية الهشة

جمهوريات السوفييت السابقة والديمقراطية الهشة
17 مارس 2008 01:33
قد نسميها أعراض ما بعد الثورات الملونة، ذلك أن أرمينيا الهادئة إلى وقت قريب انضمت هي الأخرى إلى مجموعة البلدان التابعة للاتحاد السوفييتي السابق في قمعها للمظاهرات السلمية، بعد أن خرجت إلى الشــــارع احتجاجـــاً على ما اعتبرته تزويراً للانتخابات، فخلال نهايــــة الأسبوع الماضي لجأت قوات الشرطة إلى استخدام خراطيم المياه والغازات المسيلة للدموع لتفريق الآلاف من مؤيدي الرئيس السابق ''ليفون تير-بيتروسيان''· وقد نزل المحتجون إلى الساحة الرئيسية في العاصمة ''يريفان'' تعبيراً عن رفضهم لنتائج الانتخابات الرئاسية التي جــرت في 19 من شهر فبراير الماضي، وفاز بها مرشح الحكومة ورئيس الوزراء ''سيرز سارجيسيان''، وأوقع التدخل العنيف لرجال الشرطة تسعة قتلى و130 جريحا، وأكثر من مائــة معتقل· ولم تكتف السلطــات بهذا القدر مــن القمــع الذي واجهــت به المتظاهرين في الشارع، بل أعلن الرئيس الأرميني ''روبرت كوشريان''، حالة طوارئ لمدة عشرين يومــاً، تلاهــا إغلاق لبعض صحف المعارضة وإطلاق حملــة واسعة من الاعتقالات· يقول في هذا السياق ''ألكسندر إسكندريان'' -مدير مركز الدراسات القوقازية في العاصمة-: ''إن الوضع في البلاد خطير للغاية، وحالة من الاستقطاب شديدة تسود المجتمع''، مضيفاً: ''إننا لم نرَ شيئاً مماثلا في السابق، وهي صدمة كبيرة بالنسبة لنا''، لكن الأمر بات مألوفاً في الجمهوريات السوفييتية السابقة، حيث تتهم المعارضة الأرمينية المسؤولين بالتلاعب بالانتخابات وتزوير نتائجها عبر التضييق على الناشطين، وملء صناديــق الاقتراع بأوراق انتخابية مزيفة، وهو ما أعطى -في نظرهم- ''سارجيسيان'' نسبــــة مرتفعـــة مــن الأصـــوات بلغــــت 53 بالمائـــــــة مقابـــل 21 بالمائة لمنافســــه الرئيـــس السابق ''تير-بيتروسيان''· ويبدو من خـــلال المظاهرات التي نظمتهـــا المعارضة ودامت أسبوعين أنها شبيهة ''بالثورات الملونة'' في جورجيــا وأوكرانيا وقيرغيزستان التي حدثت بين عامي 2003 و2005 وشهدت الإطاحة بالحكومات وعقد انتخابات مبكرة· يعبر عن هذا الواقع المتكرر ''ألكسي موخين'' -مدير مركز المعلومات السياسية المستقل بموسكو- قائلا: ''لقد بات مألوفاً في منطقة الاتحاد السوفييتي السابقة أن ترفض المعارضة نتائج الانتخابات وتنزل إلى الشارع، وفيما يتعلق بما يجري في أرمينيا، فإن هناك شعوراً باستنساخ نماذج سابقة''، لكن منذ الأحداث التي وقعت في ''قيرغيزستان'' في مارس 2005 وانتهت بإرغام الرئيس ''عسكر أكاييف'' على التخلي عن السلطة بعد اتهامه بتزوير الانتخابات، لم يُطح بأي حكومة أخرى· ويعتقد المراقبون أن ذلك راجع إلى الطريقة القاسية والحذرة التي بات يتعامل بها القادة مع المعارضة، حيث عملوا على تشديد القوانين التي تعيق الأنشطة السياسية، وأصبحوا أكثر سرعة في نشر قوات الشرطة لقمع المحتجين ومواجهة المظاهرات الحاشدة، في هذا الإطار يمكن الإشارة إلى العنف الذي واجهت به السلطات الروسية أحد تجمعات المعارضة في العاصمة موسكو يوم الإثنين الماضي بعد الانتخابات الرئاسية التي آلت، كما كان متوقعاً، إلى مرشح الكريملن ''ديمتري ميدفيديف''؛ فأثناء ذلك الحشد في شوارع موسكو اعتقلت الأجهزة الأمنية العديد من نشطاء المعارضة، وهو ما دفع مراقب حقوق الإنسان في روسيا الذي عينه الكريملن، ''فلاديمير لوكين''، إلى التعبير عن استيائه قائلا: ''إن ردة فعل الشرطة كانت مفرطة ومبالغا فيها''· في أوزبكستان أطلقــت الشرطة النار على المئات من المتظاهرين في شهر مايو من العـــام 2005 استباقــا لأية ثورة شعبيـــة شبيهــــة بتلك التي شهدتهــا قيرغيزستان وأطاحت بالحكومة، وبعد ذلك بفترة قصيرة قمعت السلطات في أذربيجان بالعاصمة ''باكو'' تجمعات جماهيرية نزلت إلى الشارع احتجاجاً على مزاعم بتزوير الانتخابــــات وصعـــود ''إلهــــام علييف''، -ابن الرجل القوي في البلاد- إلى السلطة، وامتدت الاضطرابات في جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق إلى روسيا البيضاء، حيث واجه الرئيس ''ألكسندر لوكاشينكو'' الاحتجاجات المشككة في نتائج الانتخابات التي أتت به إلى السلطة بحملة قمــع واسعـــة واعتقال عدد كبير من أقطاب المعارضة في العاصمة ''مينسك''، ويكاد يتكرر الشيء ذاته في جورجيا بعد أن أمر الرئيس ''ميخائيل ساكاشفيلي'' رجال الشرطة باستخدام القوة لإخماد المظاهرات الحاشدة، غير أنه سرعان ما غير أسلوبه ورفـــع حالة الطوارئ، ثم نظم انتخابات مبكرة توجته بسهولة رئيسا للبلاد· ومع ذلك، يتوقع القليل فقط من المراقبين تكرار أحداث مشابهة في أرمينيا، رغم الانقسامات السياسية الأكثر حدة وقيام الحكومة خلال الأسبوع الجاري بإغلاق محطتين تلفزيونيتين بسبب تغطيتهما الجريئة لمطالب المعارضة، وحسب معظم المراقبين يعتبر انتصار ''سارجيسيان'' حقيقياً، إن لم يكن نزيهاً بالكامل، لكن أعمال العنـــف التي تلت الانتخابات أضعفت الديمقراطية الهشـــة في البــــلاد· فريد وير - موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©