الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إنتاج السمك يتراجع في الجزائر ومخاوف من تحول البحر المتوسط إلى «ميت»

إنتاج السمك يتراجع في الجزائر ومخاوف من تحول البحر المتوسط إلى «ميت»
4 فبراير 2011 19:12
الارتفاع “الصاروخي” الذي طرأ على أسعار السمك مؤخرا أدى إلى عزوف واسع من المستهلكين الجزائريين عن شرائه. في هذا السياق، يقول مصطفى عزوق، وهو متقاعد وأب لأربعة أطفال، “كنتُ في السابق أشتري كيلوجراماً من السمك بشكل شبه يومي، أما بعد أن ارتفعت أسعاره، فلم أعد أشتريه سوى مرة واحدة في الأسبوع، وأحياناً أكتفي بالسمك الصغير، لقد أصبح سلعة موجهة للأغنياء كاللحوم الحمراء”. حسين محمد (الجزائر) - يعترف بائعو السمك في أسواق الجزائر العاصمة بأن الطلب قد قلَّ كثيراً على بضاعتهم بسبب التهاب الأسعار الذي أضرَّ بهم قبل المستهلكين، ويقول علي مقدود، بائع سمك بسوق الرويبة “كنتُ أبيع حمولة صندوقين إلى ثلاثة في ظرف ساعة أو اثنتين على الأكثر، أما الآن فلا أكاد أبيع حمولة صندوق واحد من السمك طيلة نصف يوم، الكل يساوم، ولكن القليلين فقط من يشترون، وأحياناً اضطر إلى بيعه بأقل من سعر الشراء قبل أن يتعرض للتلف وتتضاعف خسارتي، وهو الأمر الذي يحدث أكثر في فصل الصيف حيث يفسد السمك بسرعة، هذه المهنة لم تعد مربحة كما كانت وأفكر في تغييرها”. تراجع مستمر ويعود سبب التهاب الأسعار إلى التراجع المستمر لإنتاج هذه المادة الغذائية في الوقت الذي يتزايد فيه السكان، وتكشف أرقام قدمتها الفيدرالية الجزائرية للصيد البحري أن الإنتاج تراجع في عام 2010 إلى حدود 130 ألف طن فقط من السمك مقابل 187 ألف طن في 2009، وهو ما أفضى آلياً إلى تضاعف أسعاره لنقص العرض وزيادة الطلب. ويبدي رئيس الفيدرالية حسين بلوط الكثير من الحسرة والمرارة بسبب هذا التراجع الذي يعتبره “غير منطقي بالنظر إلى طول الساحل الجزائري الذي يصل إلى 1284 كم”، ويحصر بلوط أسباب هذا التراجع في “الصيد في المناطق المحرَّمة واستعمال المتفجرات لصيد أنواعٍ من السمك، والصيد العشوائي وعدم احترام فترة الراحة البيولوجية للسمك ما يؤدي إلى استنزاف هذه الثروة، حتى الأسماك التي لا يتعدى طولها 4 سنتمترات تُصطاد وتباع برغم أن القانون الجزائري يمنع ذلك ويحدد لها مقياس 11 سنتمترا على الأقل، وهناك أيضاً التلوث الواسع في البحر المتوسط بسبب انتشار البقع النفطية، وهو عامل منفر وطارد للأسماك”. ويكشف رئيس الفيدرالية أن “هناك 11 نوعاً من الأسماك مهددة بالانقراض في البحر المتوسط، وأن الثروة البحرية في هذا البحر في خطر، وقد تنقرض في حدود عام 2040 إلى عام 2050 ويصبح البحر المتوسط بحراً ميتاً”. خطط إنقاذ فضلاً عن تراجع الإنتاج للعوامل السابقة، يؤكد بلوط أن هناك سبباً آخر لارتفاع أسعار السمك وحرمان الفقراء وذوي الدخل المحدود منه في الجزائر وهو المضاربة. إلى ذلك، يقول “هناك فوضى عارمة في السوق؛ الصيادون يعرضون سلعتهم على الساعة الثانية صباحاً في المسْمكات، ثم يأتي التجار المضاربون وينقلون السلعة من يدٍ إلى أخرى في ظل غياب كلي للرقابة، قبل أن تصل إلى المستهلكين بأسعار باهظة.. هؤلاء المضاربون عصابات حقيقية تتحكم في السوق”. أثارت تصريحات رئيس فيدرالية الصيد البحري حفيظة الوصاية، فقال توفيق رحماني، مسؤول بالوزارة إن الحديث عن أن الثروة السمكية آيلة إلى الانقراض في البحر المتوسط “كلامٌ يفتقد إلى الأسس العلمية المبنية على الدراسات والبحوث”. ويضيف “علماءُ البحار والباحثون وحدهم من يحدِّد ذلك”. وعزا تراجع الإنتاج إلى قلة السردين لأن السمك يهاجر من منطقة إلى أخرى فهو يزيد وينقص في فترات متقطعة، فضلاً عن عدم ملاءمة الكثير من السواحل الجزائرية للصيد البحري من الناحية الجيولوجية، وهناك أيضاً سوء الأحوال الجوية التي تجعل الصيادين لا يشتغلون عملياً سوى نحو ثلاثة أشهر في السنة ما دفع وزير القطاع عبد الله خنافو لإعلان “إنشاء صندوق لتعويض الصيادين عن سوء الأحوال الجوية قريباً قبل أن يعزف الكثير منهم عن هذه المهنة”. وتراهن الجزائر على رفع إنتاجها مجدداً ليصل إلى حدود 240 ألف طن في آفاق 2015، وذلك بتحديث أسطول الصيد ودعم المستثمرين الخواص في هذا المجال، وإعادة تنظيم المسمكات بإنشاء 12 مسمكة جديدة بمقاييس دولية لوضع حد للفوضى والمضاربة في الأسعار. كما تراهن على رفع الإنتاج عبر تربية الأسماك في المزارع والأحواض المائية العذبة، أو ما يُعرف بـ”تربية المائيات”، وقد شرعت الجزائر في هذه التجربة منذ نحو 10 سنوات وحققت نتائجَ مشجعة، حيث تستزرع أنواعاً عديدة من الأسماك في الأحواض العذبة، ومنها الشبوط الملكي والباربو والسوندر. وانتقل إنتاجها من 300 طن في سنة 2000 إلى 3 آلاف طن في 2010، وتأمل الجزائر في إنتاج 30 ألف طن في حدود 2015 و55 ألف طن في عام 2025، وذلك بإقامة نحو 450 مزرعة لتربية المائيات بحسب وزير الصيد البحري عبد الله خنافو الذي يؤكد أن “تربية المائيات هي إحدى البدائل لتضاؤل الثروة السمكية في البحر المتوسط”. وافتتحت وزارة الصيد البحري مؤخرا مزرعتين لبيوض السمك في كل من سطيف وسيدي بلعباس، شرق الجزائر ووسطها، لإنتاج صغار السمك الموجَّه لتغطية حاجيات المستثمرين في مجال “تربية المائيات”، ما يضع حدا لاستيراد صغار السمك من الخارج. وفي انتظار نجاح مشروع “تربية المائيات” الذي أضحى قبلة المئات من الشباب المستثمِر، يبقى معدل استهلاك الجزائري من السمك محدوداً ولا يزيد عن أربع كيلوجرامات سنوياً وهو معدل بعيد عن مقاييس الاستهلاك الفردي المحدد من قبل منظمة التغذية العالمية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©