الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اللاجئون السوريون.. أوروبا صارت أبعد

28 مارس 2016 23:49
الموجه الكاسحة من المهاجرين، الذين كانوا ينتقلون في قوارب مطاطية رخيصة من تركيا إلى الجزر اليونانية عبر بحر إيجه، تحولت ما بين عشية وضحاها، إلى مجرد «مويجة» واهنة. ففي حين كان الآلاف يصلون إلى الشواطئ اليونانية يومياً قادمين من تركيا، فإن عددهم اليوم لا يتجاوز المئات، وفي بعض الأيام أقل من ذلك، وهو ما يمثل مؤشراً، على أن أكبر موجة هجرة في القرن الحادي والعشرين قد بدأت في التباطؤ، أو أن المهاجرين قد غيروا مسارهم بعد أن سارعت دول أوروبا، لإقامة حواجز جديدة في وجوههم. في الحي السوري من مدينة أزمير، الذي كان يعج في السابق بالمهاجرين الذين يتسوقون لشراء حوائجهم، بدت الفنادق الرخيصة خاوية تماماً، كما لم يعد أحد ينام في ساحات المساجد، أو في الحدائق العامة بالحي. يقول طالبو اللجوء السوريون والمهربون الذين يخدمونهم على الساحل التركي، إن الكثير من المهاجرين يشعرون بالقلق خوفاً من تنفيذ الاتحاد الأوروبي لوعده بإيقاف عمليات تهريب البشر، وإعادة اللاجئين من الجزر اليونانية، إلى الأماكن التي انطلقوا منها. «أخشى أن تكون أوروبا قد ضاعت منا الآن» هذا ما يقوله جاسم الصالح أستاذ الرياضيات الســــوري، الذي هرب من دمشق منذ أربعــة أشهر، والـــذي وجد نفسه عالقاً في تركياً في انتظار تهريب خطيبته إلى تركيا عبر الحدود مع سوريا، وعلى الرغم من أن خطيبتــه قد لحقـت به منذ أسبوع، بعد أن فشلت محاولتين سابقتين لتهريبها، فإن العروسين الجديدين ربما يكونان قد فقدا الفرصة التي كانا ينتظرانها – كما يقولان. يقول صالح: «من المؤكد أن بعض السوريين سيواصلون تجربة الطريق البحري.. وهم يخاطرون بحياتهم بسبب اعتقادهم أن اليـونانيين لا يمكن أن يعيدوهم من حيـث أتـوا، ولكـني شخصياً لا أعتقد ذلك، ولا أنوي المغامرة وتكبد مبلغ لا يقل عن 600 دولار من دون طائل». يشار إلى أن الاتحاد الأوروبي، قد توصل في بواكير هذه الشهر إلى اتفاق مع الأتراك، يتم بموجبه إيقاف لاجئو الحرب والمهاجرين الاقتصاديين، في الجزر اليونانية، المواجهة للساحل التركي. وتقتضي الخطة الموضوعة، احتجاز، المهاجرين الذين ينجحون في الوصول للجزر اليونانية، وإخضاعهم للاستجواب من قبل مسؤولي الهجرة هناك، ثم مرافقه معظمهم على عبّارات، وإعادتهم مرة أخرى إلى تركيا. في الوقت الراهن، تقوم وكالة «فرونتكس» المسؤولة عن إيقاف تيار المهاجرين غير الشرعيين، بإحضار الدفعة الأولى التي ستضطلع بتنفيذ الخطة الموضوعة، وتشمل 2500 شرطي، وموظفين مختصين في حالات اللجوء، وقضاة، ومترجمين، إلى الجزر اليونانية المواجهة لتركيا «نحن نعرف أن هناك اتفاقاً، ولكننا لا نهتم بذلك. سنذهب إلى هناك. وسيعطفون علينا»، هذا ما تقوله الأرملة السورية صفاء عبد الكريم (40 عاماً) التي تنوي السفر إلى بلجيكا حيث ينتظرها زوجها الجديد. بعد أن قالت صفاء هذا، بدأت تحكي نفس القصة التي رواها ملايين السوريين من قبل عن الحرب المندلعة، والهروب من جحيم القتال، والتنقل من مدينة إلى مدينة حتى الوصول إلى الحدود التركية، ثم تهريبها هي وابنتها البالغة من العمر 18 عاماً وابنها الصغير، مقابل مبلغ كبير. من المؤكد أن أوروبا سمعت مثل هذه القصص من قبل، ووعدت بإيقاف موجة المهاجرين الجدد، واتخذت بالفعل القرار الخاص بذلك، قبل الهجمات الانتحارية في بروكسل الأسبوع الماضي، والتي ضاعفت دون أدنى شك من عزم الحكومات الأوروبية على المضي قدماً فيما كانت قد قررته. يقول مسؤولو الاتحاد الأوروبي إن تركيا يمكن أن توفر ملاذاً آمناً للمهاجرين المرحلين، وأنها تعهدت بإغلاق طريق التهريب عبر شرق البحر الأبيض المتوسط، وأنها في مقابل قبولها بإيواء المهاجرين الذين سيتم إعادتهم من اليونان، ستحصل على مساعدات مالية من الاتحاد الأوروبي تتجاوز 6 مليارات دولار، وعلى مزايا أخرى، منها تسهيل إجراءات حصول مواطنيها على تأشيرات للسفر عبر أوروبا، وتجديد المفاوضات الرامية لضمها للاتحاد. وتقول «شيدام إليبول» نائبة عمدة مدينة «ديكيلي» التركية الساحلية الصغيرة، التي سترسو فيها العبارات الحاملة المهاجرين المرحلين من الجزر اليونانية وفقاً للاتفاق، إن سلطات المدينة تستعد لإنشاء مركز مؤقت لإنهاء معاملات المهاجرين. في أحد المقاهي السورية المنتشرة في المدينة يجلس رجل اسمه «حسان» - رفض أن يعطي اسمه الكامل لأن التهريب ممنوع في تركيا- يقول إن رؤساءه الأتراك قد بدؤوا يفكرون في مسارات بديلة لأوروبا، وأن أحد زملائه قال إن السفر لرومانيا عبر البحر الأسود ربما يكون أحد الخيارات. على الرغم من كل ذلك، فإن الشيء المؤكد أن أوروبا بالنسبة للكثير من المهاجرين السوريين في تركيا، والبالغ عددهم 3 ملايين مهاجر، قد باتت بعيدة كل البعد الآن. *مراسلا «واشنطن بوست» في الشرق الأوسط. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©