السبت 11 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصّ دماء على الريق

23 يوليو 2007 05:03
كعادة كل الأطفال خلال العطلات تفتح ابنتي عينيها صباحا على شاشة التلفزيون قبل أن تغسل وجهها أو تصبح على أحد من العائلة، حيث اعتادت أن تبدأ صباحها بحضور أفلام الكرتون لاسيما ''توم وجيري'' لأنها تعلم أنني لا أمنعها عن مشاهدته بل أنّي غالبا ما أجلس وأتفرج معها، إذ لا زالت هذه السلسلة الكرتونية العظيمة تثير إعجابي وتضحكني في نفس الوقت تماما كما كانت تضحكني وأنا طفلة، وهكذا بسبب عدم توفر بديل آخر للتسلية خلال العطلة الصيفية صار أمر مشاهدة التلفزيون فور الاستيقاظ من النوم مسلما به داخل منزلنا الصغير، لكن المشكلة أن برامج الكرتون وتوم وجيري ونقار الخشب وكل تلك المسلسلات الكرتونية التي كنا نقف مشدوهين أمامها ونحن صغار لم تعد تغري جيل اليوم، فهم يريدون برامج أكثر إثارة وواقعية! لقد صدمت قبل أيام عندما كنت أهمّ بالخروج للعمل عندما رأيت ابنتي ذات الثمانية أعوام تجلس أمام التلفزيون، وكنت أعتقد أنها ما زالت في الفراش لأن الوقت مبكر، صدمت ليس لأنها أمام التلفزيون فهو أمر صار بديهيا بالنسبة لأطفال اليوم كما ذكرت، بل صدمت لأنها كانت تشاهد فيلما عن مصاص دماء على شاشة MBC..2 وقفت أتفرج فكان منظر الدماء مقززا ومخيفا فيما كانت ابنتي تحدق بالشاشة دون خوف أو قرف·· ''يا صبّاح يا عليم''، هل هكذا أصبحت قنواتنا الفضائية تستهل برامجها الصباحية؟ أبمصاص الدماء تصبّح هذه القناة على جمهورها ومشاهديها، إذا كان هذا الفيلم يرعب الكبار ليلا، فهل يعقل أن نعرضه صباحا أمام جمهور معظمه من الأطفال والمراهقين، خاصة وأن الكبار مشغولون في هذا الوقت بإنجاز أعمالهم؟ صحيح أنني تداركت الأمر سريعا فقلبت عن الشاشة وأخذت على ابنتي تعهدا بعدم مشاهدة هذه القناة واقتصارها على قنوات الأطفال، إلا أن الموضوع في حقيقته ينذر بالخطر ويهدد الجيل الحالي بأكمله، هذا الجيل الذي صار فطوره اليومي ''مصّ دماء'' وعشاؤه جثث القتلى والجرحى في العراق وفلسطين، حتى بات معتادا على منظر الدماء والقتل، فلم تعد تحرك فيه تلك المناظر شعرة من جسده ولا عاطفة، فماذا نسمي ما يحدث الآن على تلك الشاشات، ألا يعتبر ذلك إرهابا على جيل بأكمله؟ f_tahajo@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©