الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سجون بلجيكا.. مراتع التطرف

28 مارس 2016 23:48
قضى «ستيفان ميدوت» عشر سنوات في السجون البلجيكية، بعد أن أدين بتنفيذ عمليات سطو مسلح على بنوك. وانتقل الرجل القصير الأصلع من زنزانة إلى أخرى، ومن سجن إلى آخر، حتى أتم فترة عقوبته. وهناك شاهد نظام السجون الذي أصبح تربة خصبة للمتطرفين الإسلاميين. وكثيرون من المتورطين في تفجيرات باريس وبروكسل قضوا فترة قصيرة في السجون، بسبب ارتكابهم جرائم صغيرة نسبياً. وفي هذه السجون التقى أولئك الشباب الصغار بدعاة متشددين زرعوا في داخلهم إحساساً جديداً وقاتلاً بـ«الهدف في الحياة»! ففي سجن بلجيكي قضى عبدالحميد أباعود الذي ساهم في التخطيط لهجمات باريس، والذي قتل في مداهمة للشرطة في نوفمبر الماضي، فترة عقوبة. وفي السجن البلجيكي نفسه التقى أباعود مع صلاح عبدالسلام الذي يعتقد أنه من الضالعين في هجمات باريس، وقد اعتقل في بروكسل الشهر الجاري. وقضى أيضاً إبراهيم شقيق صلاح، الذي فجر نفسه في باريس، فترة اعتقال في السجن البلجيكي. وقضى انتحاريان ضالعان في هجمات بروكسل، وهما الأخوان إبراهيم وخالد البكراوي، فترة في السجون البلجيكية، بعد الإدانة بجرائم تضمنت السطو المسلح وسرقة السيارات. ويؤكد «ميدوت» البالغ من العمر 37 عاماً أن الدعاة المتشددين في السجون استغلوا ساعات التدريبات الرياضية والنوافذ الصغيرة في الزنازين لتبادل الأخبار والهواتف المحمولة غير المشروعة. وتدريجياً، استقطب هؤلاء الدعاة الشباب الذي يسهل التأثير عليه. وذكر «ميدوت» أيضاً أن حراس السجن، الذين لا يفهمون العربية، كانوا لا يتدخلون في شيء عادة، فلم يعترضوا على موسيقى الأناشيد الإسلامية المتشددة أو على المناقشات السياسية. وقال «ميدوت»: «لو كنت غير مسلم لشعرت بالحاجة إلى الالتزام بالقواعد». فمثلاً عندما يحل وقت الصلاة كان يُطلب من الجميع إغلاق أجهزة التلفزيون، حتى يؤدي المسلمون الصلاة. ومنذ العام الماضي، ووزارة العدل البلجيكية تخطط لتغيير نظام السجون التي ينظر إليها على نطاق واسع باعتبارها مدرسة لتخريج متشددين. وتستهدف الوزارة عزل المتشددين تماماً لتجنب تسميم عقول المحتجزين الآخرين. وفي هذا السياق، ذكرت «سيجيلد لاكور»، المتحدثة باسم وزارة العدل، أن عملية العزل ستبدأ في أبريل المقبل، وأن هناك خمسة سجناء فقط صنفوا بأنهم متشددون. وأكدت الوزارة أنها ستحسن ظروف المعيشة في السجون البلجيكية المكتظة بنحو 11 ألف سجين تتراوح نسبة المسلمين فيهم بين 20 و30 في المئة، على رغم أن المسلمين يشكلون نسبة 6 في المئة فقط من سكان بلجيكا. ويرى «ميدوت» أن تغيير الثقافة في السجون أمر صعب. وأشار إلى أن الشباب يشعرون بالوحدة والضياع عند وصولهم المعتقل، فيحتويهم السجناء المسلمون المتطرفون الأكبر سناً ويستقطبونهم. وكان «ميدوت» معتقلاً أثناء هجمات الإرهابيين على لندن ومدريد ومدرسة يهودية في تولوز بفرنسا. وذكر أن كثيرين من السجناء احتفلوا بما فعله «إخواننا»! وأنه عندما ناقش مع سجناء مسلمين هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، قال كثيرون منهم إن الأميركيين «يسرقون نفط الشرق الأوسط، وإن هذا انتقام وعدل». ولكن «ميدوت» يرى أن خطة الحكومة لعزل المتشددين لن تجدي أيضاً. فمن سيقرر مثلاً أن ذلك السجين متشدد بدرجة لا تسمح له بالبقاء مع المحتجزين الآخرين؟ ألن يصبحوا أكثر تشدداً في العزل؟ وماذا سيحدث لهم بعد الإفراج عنهم؟ وكذلك ذكرت «لاكور»، المتحدثة باسم وزارة العدل، أن خطة الوزارة تتضمن توظيف المزيد من الخبراء لمنع المحتجزين من الانخراط في التشدد، وأن الحراس سيحصلون على تدريب خاص. وأكدت أن عزل المتشددين لا يعني إهمالهم، بل حصلوهم على رعاية مكثفة. واعترفت بصعوبة المهمة لأنها تتعلق «بالتأثير على أفكار الناس، ولدينا حرية التعبير والفكر في بلادنا». ويحاول سالمي هادي، وهو إمام تونسي المولد عمل في نظام السجون البلجيكية لما يقرب من 20 عاماً، إبعاد السجناء عن التشدد. ولكنه أشار إلى أن المعتقلات البلجيكية البالغ عددها 18 معتقلًا يخدمها 8 أئمة فقط وامرأة واحدة للاستشارات الدينية. ووعدت وزارة العدل بتعيين 11 آخرين. ويعتقد سالمي أن تشخيص الحكومة للقضية ليس بنّاء، لأن هؤلاء الأشخاص «خطيرون للغاية، وإذا وضعتهم معاً لن تسطيع السيطرة عليهم، وسيشعرون بأنهم أقوى». وأشار إلى أن مرتكبي الجرائم الصغيرة يخرجون من السجن دون أي مهارات تؤهلهم لوظائف معينة، ثم يخرجون يلتمسون مصدراً للثقة، ويجدون هذا في الدين. ويريد هادي في حديثه مع السجناء أن يجعلهم «يفكرون ويسألون عما إن كانوا قد بلغوا يقينهم بأنفسهم، أم أنهم يتبعون الآخرين كالأغنام؟». *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©