السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانتخابات البرلمانية التركية والصراع بين الإسلاميين والعلمانيين

الانتخابات البرلمانية التركية والصراع بين الإسلاميين والعلمانيين
21 يوليو 2007 02:36
بينما تتبارى الرؤيتان العلمانية والإسلامية للحصول على أكبر قدر من الأصوات في الانتخابات البرلمانية المقرر عقدها الأسبوع المقبل، تتسع التصدعات السياسية والثقافية في تركيا وتتعمق تداعياتها في المجتمع· لكن ومع ذلك، لا يبدو أن أموراً كثيرة تفرق بين امرأتين خرجتا إلى الشارع، على غرار الآلاف من المواطنين الأتراك خلال هذا الأسبوع في اسطنبول، لإبداء مساندتهما لحزب ''العدالة والتنمية'' ذي الجذور الإسلامية· فرغم اختلاف مظهريهما الخارجيين، حيث تضع ''سلطان بيلي'' نظارة شمسية غالية الثمن وقرطين كبيرين يتدليان من أذنيها، فضلا عن قميص رياضي ضيق، في حين تلتزم زميلتها في التظاهرة ''سايم داجلار'' بالزي الإسلامي متلفعة برداء أسود لا يظهر منه سوى عينيها وعلم حزب ''العدالة والتنمية'' ذي اللون الأزرق الذي تلوح به في الهواء بحماس منقطع النظير· لكن على اختلافهما الواضح في الملبس وربما في الأيديولوجيا، إلا أنهما يعترفان بحبهما لرئيس الوزراء ''رجب طيب أردوجان''· وتعبيراً عن هذا التأييد تصرخ ''بيلي'' وهي تقف بجوار حاجز أقامته الشرطة وملوحة بأصابع طليت أظافرها بلون فضي ''إني أحب طيب أردوجان''، معددة الأسباب وراء تأييدها له من إصلاح المستشفيات إلى تخفيض الضرائب· ولم تحل التظاهرة الحاشدة التي يشارك فيها المئات من النساء المحجبات من خروج ''بيلي'' إلى الشارع لإظهار تأييدها ''لأردوجان''، مؤكدة أنها، خلافاً لبعض العلمانيين، ليست متخوفة من أجندة إسلامية قد تكتسح البلاد· وقد عبرت عن ذلك بقولها ''لا أعتقد أن الإسلاميين يشكلون خطراً حقيقياً، أما الأحزاب الأخرى تلجأ للتخويف للدعاية فقط''· وبعيداً أيضاً عن تأثير ''دعاية'' الأحزاب العلمانية تنضم ''داجلار'' إلى التظاهرة مطالبة الحكومة بعدم التدخل في قضايا الدين، قائلة إنها ''تحب'' السيد أردوجان لأنه ''يخدم الشعب والبلد، لقد جربنا العديد من الأحزاب في الفترة السابقة، لكن كل ذلــك لم يــــأتِ بنتـــيجة''· والواقع أن حزب ''العدالة والتنمية'' يســـتند في حملته الانتخابية للفوز بالاستحقاق التشــــريعي إلى خمس سنوات من الإنجازات الاقتصادية المهمة والإصلاحات الشـــاملة التي ضاعفت تقريباً من الدخل القومي الإجمالي، وعززت من النمو الاقتــــصادي، كما حدت من نسبة التضخم بأن أبقتها في أدنى مستويات لها منذ عقود· وقد لجأت الآلة السياسية لحزب ''العدالة والتنمية'' إلى شبكة قوية من المؤيدين في مختلف المدن التركية، فضلاً عن ملصقات كبيرة علقت على المباني تظهر صورة ''أردوجان''، وذلك لإيصال رسالتها إلى المواطنين وتلميع صورتها بينهم· ويواجه الحزب تخوفات القوى العلمانية في البلد التي تخشى من النفوذ المتزايد للحزب واحتمال تغيير الطابع العلماني لتركيا، الذي أسسه الزعيم ''مصطفى أتاتورك'' في عشرينيات القرن المنصرم· ففي بلد يحرص على تبني العلمانية مثل تركيا ويحظر ارتداء الحجاب الإسلامي في إدارات الدولة ومؤسساتها، وتضطلع فيه المؤسسة الرئاسية بدور الحامي للمبادئ العلمانية، ليس غريباً أن يثير حزب ''العدالة والتنمية'' عاصفة من الجدل في الربيع الماضي عندما رشح وزير الخارجية ''عبد الله جول''، الذي ترتدي زوجته الحجاب، لتولي منصب رئيس الجمهورية· ووسط التظاهرات الحاشدة التي نظمتها القوى العلمانية في تركيا وكادت أن تعجل بانتخابات مبكرة، أصدر الجــــيش تحذيره بأنه طرف في النقاش حول العلمانـــية، وبأنه لن يـــتردد في إبداء رأيه، وهو ما أثار مخاوف قيام المؤسسة العسكـــرية بانقـــلاب عسكري جديــــد· فبالرجـــوع إلى عام 1997 استطــــاع الجيش من خلال إنزال الدبابات إلى الشارع إسقاط الحكومة الإسلامية السابقة على حزب ''العدالة والتنمية'' التي كان ينتمي إليها كل من ''طيب أردوجان'' وعبد الله جول''· لكن حسب المراقبين هناك حدود لا تستطيع المؤسسة العسكرية تجاوزها في التعامل مع الحياة السياسية· وفي هذا السياق يوضح ''حسن كوني''، أستاذ جامعي في اسطنبول قائلاً ''إن الجيش هو مؤسس الدولة الحديثة في تركيا، لكن ذلك لن يستمر إلى الأبد''، معتبراً أن تدخل الجيش في الحياة السياسية حوَّل تركيا إلى ''نوع من الديمقراطية العسكرية''، لذا يستبعد حدوث انقلاب عسكري خامس في البلاد· ويؤيد هذا الرأي ''سيفي تاشان''، رئيس معهد السياسة الخارجية التركية بجامعة ''بيلكينت'' بأنقرة قائلاً ''إن الجيش يخضع للرأي العام، ولا يستطيع القيام بانقلاب إلا إذا حاز موافقة شعبية واسعة''، مشيراً إلى الشعارات التي رفعت خلال المسيرات الاحتجاجية المعارضة لذلك مثل ''لا شريعة، لا عسكر، لا انقلاب''· وفي ظل الأجواء الملتبسة والغامضة التي تطغى على الحياة السياسية التركية في هذه المرحلة انخرطت مختلف الأحزاب في سباق مرير لاستقطاب الناخبين بتقديم وعود تراوحت بين خفض أسعار الوقود وتنفيذ حكم الإعدام في حق الزعيم الكردي ''عبد الله أوجلان''· ويقدم حزب ''العدالة والتنمية'' نفسه على أنه حزب ينتمي إلى الشعب وينصت لتطلعاته، متهما حزب المعارضة الرئيسي، حزب ''الشعب الجمهوري''، بأنه ضد انتخاب الرئيس عبر الاقتراع العام· وبينما كانت حشود المتظاهرين تهتف ''نحن فخورون بك''، رد عبد الله جول في مهرجان خطابي قائلاً ''إن القصر الرئاسي ليس ملكاً لي، ولا ملكاً لأحد سواي· إنه ملك للشعب''· بيد أن أحزاب المعارضة تنتقد هذا التوجه وتسأل بدورها على لسان ''ديفليت باهشيلي''، من حزب ''الحركة القومية'' قائلاً ''عن أي شريحة من الأتراك نتحدث عندما يقولون إنهم فخورون بعبد الله جول، هل هم الأشخاص الذين استفادوا من الدولارات، أم الذين يطرقون الأبواب بحثا عن رغيف الخبز؟'' لكن يبدو أن تلك الانتقادات لا تستطيع إيقاف مسيرة حزب ''العدالة والتنمية'' كما عبر عن ذكر أحد مؤيديه في التظاهرة بقوله ''لقد ارتفعت الأجور وزادت الفرص، أما الأحزاب الأخرى فهي لا تجيد سوى الكلام''· مراسل ''كريستيان ساينس مونيتور'' في تركيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''كريستيان ساينس مونيتور''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©