الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جريمة اغتصاب تشعل الشارع الهندي

26 ديسمبر 2012
مارك ماكجنير نيودلهي تظاهر الآلاف من الهنود يوم السبت الماضي أمام مقر رئيس الحكومة في نيودلهي، حيث تجاوزوا الحواجز الموضوعة أمام المقر واصطدموا مع الشرطة، احتجاجاً على جريمة اغتصاب وحشية تعرضت لها فتاة تبلغ من العمر 23 عاماً، وذلك قبل أن تتمكن السلطات من تفريق المتظاهرين، مستخدمةً العصي والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه. وقد تصاعد الغضب الشعبي منذ وقوع الجريمة يوم الأحد الماضي عندما لحق ستة رجال بالضحية وهي تركب حافلة بصحبة صديقها، حوالي الساعة التاسعة ليلا، عقب مشاهدتهما لأحد الأفلام. وبينما اعتقد الثنائي أنهما يستقلان حافلة عادية توصلهم إلى المنزل، فوجئ الشاب والفتاة بتعرضهما لهجوم بالعصي الحديدية واغتصاب الفتاة طيلة الثلاثين دقيقة التي استغرقتها الرحلة وسط المدينة، مروراً بالعديد من مراكز الشرطة، قبل أن تُرمى الفتاة والشاب خارج الحافلة في أحد شوارع نيودلهي. ولعل ما سهل الجريمة أن نوافذ الحافلة كانت مغطاة بستائر وبعازل أسود، رغم أنه ممنوع حسب القانون في الهند. وعقب الحادثة تم اعتقال الرجال الستة، بمن فيهم سائق الحافلة وأخيه، حيث وُجهت لهم تهم الاغتصاب والسرقة. وقد نقلت التقارير اعتراف ثلاثة من الرجال، وأفادت السلطات الهندية أن أحد الرجال، وهو أخ سائق الحافلة، تعرض لهجوم نزلاء غاضبين في سجن تيهار الذي وُضع فيه قبل أن ينقل إلى زنزانة خاصة ويعزل عن باقي السجناء. وفي المظاهرات التي امتدت لستة أيام متواصلة وبلغت ذروتها يوم الأحد الماضي، ردد المحتجون هتافات مطالبة بإحقاق العدالة، كما رفعوا ملصقات كتب عليها «اقتلوا المغتصبين»، وخلفت الاشتباكات مع السلطات جرح 35 من رجال الشرطة بسبب رشق المتظاهرين لهم بالحجارة، كما قاموا بتهشيم نوافذ الحافلات في المدينة. وفيما شهدت نيودلهي المظاهرات الأهم، امتدت الاحتجاجات أيضاً إلى باقي المدن في ولاية «أوتار باراديش» وسط الهند، حيث طالب المتظاهرون في الشعارات التي رفعوها بحظر المواقع المخلة، كما نادوا بسن قوانين رادعة تعاقب مرتكبي جرائم الاغتصاب. وفي ولاية بنجلور شكلت حوالي 600 امرأة سلسلة بشرية، رافعات هتافات منددة بعجز السلطات والحكومة الفيدرالية عن حماية النساء. ورغم أن جرائم الاغتصاب معروفة في الهند، لاسيما في مدينة نيودلهي التي سميت بعاصمة الاغتصاب بالنظر إلى كثرتها، إلا أن وحشية الجريمة هذه المرة أثارت غضب الشارع على نحو غير مسبوق. وفي أول رد فعل لها، قالت الحكومة إنها علقت عمل ثمانية رجال شرطة لتقصيرهم في أداء الواجب، كما أقامت لجنة قضائية للتحقيق في الحادث ودراسة تعديل القانون الجنائي لمعاقبة جرائم الاغتصاب في بعض الحالات المتطرفة بالإعدام. هذا في الوقت الذي دعت فيه المعارضة البرلمانية إلى عقد جلسة خاصة لمناقشة معضلة التحرش الجنسي في الهند، وهي الفكرة التي رفضتها الحكومة خوفاً من التعريض بها، ولم يقتصر الأمر على النخبة السياسية، بل انخرطت مجموعة من الأسماء الفنية والرياضية المعروفة في التنديد بالجريمة والمطالبة بتحقيق العدالة. ونقلت التقارير أن الفتاة ذات الـ23 عاماً، والتي لم يكشف عن هويتها، في حالة مستقرة بعدما أدخلت المستشفى وأخضعت طيلة أسبوع لعملية التنفس الصناعي. وفي هذا السياق قال الدكتور «أبيلاشا ياداف»، المتخصص في العلاج النفسي، إن الضحية بحالة نفسية جيدة وإنها بدأت تسترجع قوتها. وبحسب الأرقام الرسمية فقد تضاعفت جرائم الاغتصاب في الهند مابين عامي 1990 و2008 مع تسجيل أكثر من 21 ألف حادثة اغتصاب خلال عام 2009، لكن المنظمات النسائية تقول إن العدد الحقيقي يتجاوز الأرقام الحكومية المعلنة، وذلك بسبب عدم تبليغ العديد من الضحايا عن جرائم الاغتصاب خوفاً من التشهير، أو لعدم اهتمام السلطات بما يجري، هذا بالإضافة إلى فساد رجال السلطة وتواطؤهم في بعض الأحيان. ولعل مما يؤكد شيوع الاغتصاب في الهند تلك الدراسة التي أجرتها مؤسسة «رويترز وتومبسون»، وصنفت فيها الهند باعتبارها رابع أخطر مكان بالنسبة للنساء، محتلةً مكانةً أسوأ من الصومال، وأفضل بنسبة طفيفة من أفغانستان والكونجو. وقد انصب الغضب الشعبي خلال احتجاجات يوم الأحد الماضي على الشرطة التي تعرضت لانتقادات المحكمة العليا في نيودلهي لعدم تحديدها مسؤولية الجريمة بالسرعة الكافية، هذا بالإضافة إلى انتقادات وسائل الإعلام التي هاجمت الشرطة ووصفتها بالعجز وعدم الكفاءة. وفي محاولة لتخفيف حدة الغضب، التقى وزير الداخلية، «سوشيل كومار»، بمجموعة من المحتجين، وبعد ساعات من اللقاء طمأن الوزير الرأي العام بأن الحكومة تتفهم غضب الشارع وأنها سترفع دعوى ضد المتهمين، كما دعا إلى الهدوء وتجنب العنف. ومن جهتها قالت رئيسة الوزراء في ولاية نيودلهي، «شيلا ديكشيت»، إنها خصصت خمس محاكم لمقاضاة الجناة المتورطين في قضايا الاغتصاب، على أن يسرع الأمر ولا يخضع للتأخير المعتاد. وأضافت أنها تكره أن يقال عن نيودلهي بأنها عاصمة الاغتصاب في الهند، لكنها بالفعل تحولت إلى ذلك، حيث سجلت العاصمة في عام 2011 ما يناهز 453 جريمة اغتصاب مقارنة بحوالي 239 في مومباي. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©