اللبنة المجوفة

وجود الأطفال في حياة الزوجين شيء جميل، لأنه يعطر حياتهما الصامتة ويحرك المشاعر المدفونة لكليهما·· لكن للأسف هناك بعض الأمهات والآباء الذين يبالغون بتدليل أولادهم- خاصة بعد تأخرهم عن الإنجاب- والتدليل الزائد عن الحد يترتب عليه العديد من السلبيات مثل: تعلق الطفل الزائد عن الحد بوالديه لدرجة لا يستطيع أن يتخذ أبسط القرارات الخاصة به، ما يجعله مفتقراً للثقة بالنفس والمهارات اللازمة للتغلب على المشكلات اليومية، ويبدو كثير المطالب، لأنه يحاول تأكيد ذاته من خلال إصغاء الآخرين إليه، ونظراً لأنه يحس باهتمام الأسرة به فإنه يستغرق وقتاً أطول في تعلم ما هو مقبول أو مرفوض· ولا تقتصر أضرار التدليل على الطفل نفسه بل تمتد إلى الوالدين أيضاً على المدى البعيد، فالطفل المدلل عندما يشب ويكبر يريد أن تكون طلباته مجابة سواء من والديه أو ممن حوله (من الأقرباء والأصدقاء)، وبالطبع ليست هذه هي الحياة، فلا تتحقق كل الآمال مباشرة، بل تحتاج الكثير منها إلى الوقت والجهد، إلا أن الإنسان المدلل يجب أن تصل اليه الأشياء (على الجاهز) وهذا أفضل بالنسبة له من أن يتعب ويجد في سبيل تحقيق أهدافه واحتياجاته، كما أن شخصيته تكون باهتة وغير قيادية وغير ناضجة، لا تستطيع أن تتحمل مصاعب الحياة· لذا سيجد صعوبة كبيرة في اتخاذ القرارات اللازمة بإكمال تعليمه·· أو بإيجاد وظيفة مناسبة (إذ سيعتمد على الواسطات التي قد تضعه في مكان غير مناسب) أو حتى في الزواج الذي سيجده شاقاً ومتعباً لأنه لم يعتد على المسؤولية، فيضطر لعمل شيئين: إما أن يتزوج ويضع الفتاة عند أهله وتنشب الخلافات بينهم كل ساعة وحين·· أو يمتنع عن الزواج ويبقى عازباً طوال حياته التي يقضيها بالطلعات مع الشباب والسفر والسهر مع أقران السوء· لذا يجب على الوالدين مراعاة الله في تربية أبنائهما التربية الصحيحة وتطبيق العدل في فرض النظام على كافة الأبناء، وعدم أعطاء أحدهم الأولوية على الآخر، حتى لا يصيبهم الدلع والتدليل الذي سيظلمهم مستقبلاً ويجعلهم كاللبنة المجوفة في المجتمع· خالد النقبي